عدد الابيات : 20
أَيَا دَارَ شَاهِرَ قَدْ عَفَتْكِ الصَّوَاعِقُ
وَجَادَكِ دَمْعٌ كَالسَّحَابِ يُدَافِقُ
وَقَفْتُ عَلَى الْأَعْتَابِ أَبْكِي مُجَدِّدًا
هُمُومَ الْفُؤَادِ إِذِ الْمُصَابُ يُحَافِقُ
أَلَا أَيُّهَا النَّاعِي تَمَهَّلْ فَإِنَّنِي
أُلَاقِي الْأَسَى وَالْجُرْحَ لَيْسَ يُفَارِقُ
فَقَدْتُ أَبًا كَالْبَدْرِ فِي اللَّيْلِ سَاطِعًا
وَأُفْقَدُ صَبْرِي حِينَ ذِكْرَاهُ يُبَارِقُ
لَقَدْ كَانَ نَجْمًا فِي السُّلُوكِ مُضِيئًا
يَجُودُ وَلَا يَثْنِيهِ الْعُسْرُ يُعَانِقُ
فَكَمْ فَرَّجَ الْكُرْبَاتِ عَنْ كُلِّ مُرْهَقٍ
وَكَمْ سَدَّ دَيْنًا ضَاقَ عَنْهُ الْمُطَارِقُ
أَيَا وَالِدِي، صَبْرًا فَلَسْتُ بِرَاضِخٍ
وَلَكِنَّ دَمْعِي الْيَوْمَ نَهْرٌ دَافِقُ
غَدَاةَ رَحَلْتَ الدَّهْرُ أَظْلَمَ وَجْهُهُ
وَصَارَتْ لَيَالِي عَيْشٍ تُطْفَى وَتَحْرَقُ
فَقَدْنَاكَ فَاخْتَلَّتْ رَكَائِزُ بَيْتِنَا
وَكَيْفَ يَبِيدُ الرُّكْنُ وَالدَّرْبُ ضَائِقُ
أَبَى الصَّبْرُ إِلَّا أَنْ أَذُوقَ مَرَارَةً
يُدَاوِي الْجِرَاحَ الدَّمْعُ لَكِنَّهَا فَاسِقُ
وَكَمْ كُنْتَ لِلْخَيْرِ الْبَصِيرَةَ وَالْهُدَى
وَكَمْ كُنْتَ لِلنَّاسِ السَّحَابَ الْوَهَامِقُ
فَلَيْتَكَ تَدْرِي كَيْفَ صِرْنَا بَعْدَكُمْ
خِفَافًا تُطَارِدُنَا الْحَيَاةُ وَنَارِقُ
أَحِنُّ إِلَى تِلْكَ السِّنِينَ الَّتِي مَضَتْ
وَكَانَ بِهَا لُطْفٌ وَنُورٌ وَشَاهِقُ
فَمَهْمَا يُطِلْ دَهْرٌ فَفَقْدُكَ حَسْرَتِي
وَحُزْنِي عَلَيْكَ الدَّهْرَ دَمْعٌ يُسَامِقُ
إِذَا مَا انْطَفَى نَجْمٌ فَإِنَّكَ خَالِدٌ
لِأَنَّكَ فِي قَلْبِ السِّنِينَ بَوَاصِقُ
فَقَدْ كُنْتَ طَوْدًا لَا تَهُزُّكَ نَوَائِبُهُ
كَأَنَّكَ سَيْفٌ لِلْخُطُوبِ مُطَابِقُ
وَذِكْرَاكَ فِينَا لَا تَزَالُ مُجَدَّدًا
كَأَنَّكَ فِي الْأَحْيَاءِ رُوحٌ تُلَاصِقُ
أَيَا قَبْرَ شَاهِرٍ هَلْ تُحَدِّثُ مُهْجَتِي
فَتُرْجِعُهُ لِلْحَيِّ دَمْعِي يُنَامِّقُ
سَأَبْكِيكَ دَهْرًا مَا اسْتَطَعْتُ فَإِنَّنِي
فَقَدْتُ الَّذِي بِالْحُبِّ كَانَ يُحَافِقُ
سَلَامٌ عَلَى رُوحِ الْحَبِيبِ مُؤَبَّدًا
فَذِكْرَاهُ فِي رُوحِي النَّسِيمُ الْعَابِقُ
385
قصيدة