عدد الابيات : 19
جَاءَتْ تُرَتِّلُ أَحْزَانِي عَلَى غَسَقِ
كَالنُّورِ يَخْفِقُ فِي لَيْلٍ مِنَ الْغَسَقِ
فَقُلْتُ يَا دُرَّةَ الْآهَاتِ صَابِرَةً
مَا جَاءَ بِالطَّيْفِ إِلَّا مُوجِعُ الْقَلَقِ
فَجَاوَبَتْ وَنَشِيجُ الْحُزْنِ يَسْبِقُهَا
أَمْ كَانَ ذَنْبِي هَوَاكَ الطَّاهِرُ النَّقِي؟
فَقُلْتُ رِفْقًا، فَإِنَّ الْعُمْرَ مُنْقَطِعٌ
وَالصَّبْرُ يُبْقِي جَمَالَ الْعَاشِقِ الْحَدِقِ
قَالَتْ وَعَيْنَاهَا الدَّمْعُ الَّذِي وُهِبَا
حُزْنًا يُكَلِّلُ وَجْهَ الْبَدْرِ بِالْأَرَقِ
كَمْ لَيْلَةٍ جِئْتُ أُلْقِي فِي الدُّجَى نَفَسِي
عَلَى عِتَابِكَ أَسْقِي الدَّمْعَ مِنْ أَرَقِي
أَسْهَرْتَ قَلْبِي، وَمَا أَبْصَرْتَ لَوْعَتَهُ
وَكَيْفَ يَشْكُو هَوَى الْمَكْلُومِ بِالْحَدَقِ؟
هَلْ كَانَ جُرْمِي وَعْدًا لَمْ أُفَكِّرْ بِهِ؟
أَمْ أَنَّ حُبَّكَ دَاءٌ لَيْسَ بِالْحُقَقِ؟
صَبَرْتُ فِي غُرْبَةِ الْأَيَّامِ أُوْقِفُنِي
حُزْنُ الْمَرَاضِ وَمَا لِلصَّبْرِ مِنْ طُرُقِ
وَكَمْ تَمَنَّيْتُ أَنْ أَلْقَاكَ فِي زَهَرٍ
مِنَ الْعَافِيَةِ الْغَنَّاءِ وَالْأَنِقِ
لَكِنَّ دَهْرَكَ فِي الْآلَامِ مُرْتَحِلٌ
وَكُلُّ يَوْمٍ بِهِ يُلْقِي عَلَى أُفُقِي
سُحُبَ الدُّجَى، وَأَنِينَ الشَّوْقِ يَحْصِدُنِي
حَتَّى جَرَى الدَّمْعُ فِي الْخَدَّيْنِ كَالزُّلَقِ
أَبْكِي عَلَيْكَ وَفِي الْآهَاتِ تَرْحَمُنِي
أَطْلَالُ حُبِّكَ فِي قَلْبِي عَلَى نُسُقِ
أَنْتَ الَّذِي قَدْ جَعَلْتَ الْعُمْرَ أُغْنِيَةً
فَكَيْفَ يَنْهَارُ لَحْنُ الْعِشْقِ فِي الْأُفُقِ؟
مُذْ يَوْمِ دَائِكَ، وَالشَّمْسُ الَّتِي غَرَبَتْ
عَنْ مُهْجَتِي مَا رَجَتْ فَجْرًا عَلَى الْأَفَقِ
فَلَا تُطِلْ فِي دُجَى الْآلَامِ غُرْبَتَكَ
فَالنُّورُ يَأْتِي مَعَ الْإِشْرَاقِ فِي الشُّهُقِ
قُمْ وَاشْرَبِ الْعُمْرَ فِي الْأَفْرَاحِ مُبْتَهِجًا
وَاتْرُكْ لِدَائِكَ أَطْيَافَ الْهَوَى الْغَرِقِ
فَالْحُبُّ نُورٌ، وَأَشْوَاقِي لَهَا أَمَلٌ
بِأَنْ تُعَانِقَكَ الْأَيَّامُ فِيهَا الْأُنُقِ
وَإِنْ تَعُدْ طَاهِرَ الْأَحْلَامِ مُبْتَسِمًا
فَالْعُمْرُ يُورِقُ مِنْ وَجْدٍ وَمِنْ أَلَقِ
391
قصيدة