عدد الابيات : 90
طباعةنُسَاجِلُ كُلَّ لَيْثٍ بِالْعَوَالِي
وَتُفْنِينَا الْمَنِيَّةُ فِي انْثِيَالِ
وَنُسْرِجُ لِلْخُطُوبِ جِيَادَ فَخْرٍ
فَتَدْهَسُنَا بِخَطْوِ الْمُخْتَالِ
وَمَنْ رَامَ الْبَقَاءَ بِلَا زَوَالٍ
فَإِنَّ الْحَتْفَ مُهْرٌ فِي الْعِقَالِ
نَصِيبُكَ مِنْ لُقَاكَ كَطَيْفِ لَيْلٍ
يَحُفُّ الْوَجْدَ لِظُلَمِ الْخَيَالِ
وَكَمْ فَجَعَ الزَّمَانُ فَتًى جَسُورًا
تَقَلَّدَ فَوْقَ هَامَاتِهِ بِاللَّآلِي
وَمَنْ يَخْشَى مَنَازِلَ كُلِّ حَتْفٍ
تَخَطَّفَهُ الزَّمَانُ بِلَا جِدَالِ
فَإِنَّ الدَّهْرَ يَسْلُبُ كُلَّ حَيٍّ
وَلَا يُبْقِي لَهُ مِنْ كُلِّ مَالِ
فَصَبْرًا يَا كِرَامَ الْحَيِّ إِنِّي
رَأَيْتُ الصَّبْرَ مِفْتَاحَ الْمَعَالِ
وَمَنْ لَمْ يَعْتَلِ الْقَتْلَى جُسُورًا
تَخَطَّفَتِ الْمَنُونُ بِلَا نِضَالِ
كَأَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْنَا
وَلَمْ يُجْرَ الْقَضَاءُ بِلَا مِثَالِ
وَمَا الْخُلْدُ إِلَّا وَهْمُ وَهْمٍ
تَبَدَّدَ بَيْنَ أَوْهَامِ الرِّجَالِ
أَلَا يَا دَهْرُ مَهْلًا فِي بَلَاهَا
فَإِنَّ الْحُزْنَ يُعْرَفُ بِالْإِعْزَالِ
وَكَمْ مِنْ مُسْتَبِدٍّ فِي الْمَعَالِي
تُسَاقُ الرُّوحُ مِنْهُ بِلَا سُؤَالِ
فَسِرْنَا فِي جَنَائِزِكُمْ حُفَاةً
وَمَا رَفَعُوا لَهَا عِزَّ النِّعَالِ
وَجَدْنَا الْفَقْدَ حُكْمًا لَا يُرَدُّ
وَمَا الْبَاقُونَ إِلَّا فِي احْتِمَالِ
يُسَائِلُنِي الْحَنِينُ بِكُلِّ دَمْعٍ
أَتَنْسَاكَ الْقُلُوبُ بِلَا مَلَالِ
فَقُلْتُ وَكُلُّ مَحْبُوبٍ فَقِيدٌ
سَأَبْقَى فِي هَوَاكَ بِلَا انْشِغَالِ
كَأَنَّ الْمَوْتَ لَمْ يُخْلَقْ لِغَيْرِهَا
وَلَمْ يَخْطَفِ الزَّمَانُ الْمِثَالِ
تُسَابِقُ بِالْبُكَاءِ عَلَيْهَا الْقُلُوبُ
كَمَا تُسَابِقُ لِمَدِيحِ الْخِصَالِ
كَأَنَّ الْأَرْضَ قَدْ بَكَتْهَا صَمْتًا
إِذِ احْتَضَنَتْ بِطِيبِهَا الظِّلَالِ
وَلَمْ تَبْرُدْ مُصِيبَتُنَا وَلَكِنْ
صَبَرْنَا مِثْلَمَا صَبَرَ الرِّجَالُ
فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ
فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ
وَكَمْ عَرْشٍ تَهَاوَى لَا تَدَاعَى
وَكَمْ تَاجٍ تَبَخَّرَ كَالْخَيَالِ
وَمَا الدُّنْيَا سِوَى وَعْدٍ زُخَارٍ
تَحُومُ بِهِ الْأَمَانِي فِي الْآمَالِ
فَكَمْ مِنْ حَازِمٍ غَرَّهُ مَجْدٌ
فَأَرْدَاهُ الطُّمُوحُ إِلَى الْمَآلِ
وَكَمْ مَلِكٍ أَطَالَ السَّيْفَ حَتَّى
رَأَى السَّيْفَ الْمُجَرَّدَ فِي خِلَالِ
فَلَا تَغْرُرْ بِزَهْوِ الْعَيْشِ يَوْمًا
فَإِنَّ الدَّهْرَ مَطْمُورُ الْحِيَالِ
يَجُودُ لِسَاعَةٍ بِالْعَيْشِ حَتَّى
تَظُنَّ بَقَاءَهُ حُكْمَ الْمُحَالِ
وَيُغْرِي بِالسُّرُورِ وَمَا تَدَانَى
سِوَى يَوْمٍ يُحَفُّ بِالِانْتِقَالِ
فَكُنْ بِالْعَيْشِ ذَا حِلْمٍ وَعَقْلٍ
وَلَا تَغْتَرَّ بِالْحَظِّ الْمُمَالِ
فَإِنَّ الْمَجْدَ لَيْسَ يَطُولُ إِلَّا
لِمَنْ جَعَلَ الْأَمْجَادَ بِالنِّضَالِ
وَإِنْ تَفُقِ الْبَرِّيَّةَ فِي مَعَانٍ
فَإِنَّكَ بَعْضُ مِعْمَارِ الْكَمَالِ
وَكَمْ مِنْ حُلْمِ جَهْبَذِهِ انْتِصَارٌ
وَكَمْ مِنْ جَهْلِ مُقْتَدِرٍ زَوَالِ
تُسَاقُ الْمَجْدَ أَجْيَالٌ فَيَبْقَى
لِمَنْ صَدَقَتْ خُطَاهُ بِالِامْتِثَالِ
فَمَنْ غَرَّتْهُ دُنْيَا لَيْسَ يَدْرِي
بِأَنَّ الْعَيْشَ عِبْرَةُ الرِّحَالِ
تُعَانِقُكَ الْأَمَانِي ثُمَّ تَجْفُو
كَمَا عَزَّ اللِّقَاءُ مِنَ الْوِصَالِ
وَإِنْ كَانَ الْمُقَامُ يُطِيلُ عُمْرًا
فَإِنَّ الْمَوْتَ أَقْسَى مِنْ أَهْوَالِ
أَحَقُّ النَّاسِ بِالْعِزِّ امْرُؤٌ
تَسَامَى بِالنُّهَى لَا بِانْخِذَالِ
وَلَا تَثِقِ الزَّمَانَ الزَّلِيلَ فَإِنَّهُ
كَمَنْ يُغْرِيكَ وَالْعَزْمُ اعْتِلَالِ
إِذَا ضَاقَتْ بِكَ الدُّنْيَا فَصَبْرًا
فَإِنَّ الْفَجْرَ يَخْرُجُ مِنْ خَيَالِ
وَمَنْ حَسُنَتْ لَهُ خُلُقٌ وَنَفْسٌ
فَذَاكَ الْمُلْكُ فِي أَبْهَى جَلَالِ
فَسِرْ بِالْعَيْشِ مَرْفُوعَ الْمَعَالِي
وَلَا تَخْشَ الدُّجَى بَعْدَ الزَّوَالِ
وَمَا قَدْرُ الْفَتَى إِلَّا بِعِقَالٍ
يُقِيمُ الْحَقَّ بِأَعْلَى الْمَقَالِ
فَيَا مَنْ رَاحَ يُدْرِكُ فِي مُنًى
سِوَى الْإِقْدَامِ أَوْهَامَ الدَّجَّالِ
تَظُنُّ الدَّهْرَ يُعْطِيكَ التَّمَانِي
وَأَنْتَ تَبِيتُ فِي نَوْمِ الْغَفَالِ
فَخُذْ لِدَهْرِكَ الْعِبَرَاتِ سَبْعًا
وَدَعْهُ فَهُوَ لِلْآمَالِ حَانٍ وَغَالِ
وَإِنْ ضَاقَتْ بِكَ الدُّنْيَا فَذِكْرَى
لِمَاضٍ كَانَ سَيْفًا فِي النِّزَالِ
وَإِنْ جَارَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ يَوْمًا
فَإِنَّ الصَّبْرَ مِنْ خُلُقِ الْجِمَالِ
وَإِنْ كَانَ الْعُلَا يُدْرَكُ بِذُلٍّ
لَمَا عُدَّتْ سُيُوفُ الْمُسْتَطَالِ
أَتَحْسَبُ أَنَّكَ الْبَاقِي وَكَمْ مِنْ
أُنَاسٍ فَاقَتِ الْأَوْهَامَ حَالِي
فَيَا دُنْيَا تَدُورِينَ اسْتِهَامًا
وَأَنْتِ لِمَنْ يُعَانِقُكِ الْمُحَالِ
وَإِنْ تَسْعَ الْأَنَامُ لِرَكْبِ فَخْرٍ
فَلَا يَعْدِلُ الْفَخَارُ عَنِ الْأَعَالِ
فَمَنْ رَامَ الْعُلَى دُونَ الْمَعَالِي
فَمَا نَالَ الْمُرَادَ بِغَيْرِ مُحَالِ
وَمَنْ طَافَ الدُّنَا يَرْنُو لِمَجْدٍ
تَهَاوَى فِي الدُّرُوبِ بِلَا دَلَالِ
فَصَبْرُ الْحُرِّ أَسْمَى مِنْ قُصُورٍ
وَإِقْدَامُ الْعَزِيزِ كَسَيْفِ صَالِ
فَإِنَّ الْعِزَّ فِي الْأَقْدَامِ يَسْمُو
وَإِنَّ الذُّلَّ فِي الْأَيْدِي السِّفَالِ
وَمَنْ عَاشَ التُّقَى عَاشَ جَلِيلًا
وَمَنْ رَامَ الدَّنَايَا كَانَ زَوَالِ
وَإِنَّ الدَّهْرَ لَا يُعْطِي كِرَامًا
سِوَى مَنْ خَاضَ لُجَّ الْوَيْلِ غَالِ
فَكُنْ كَالنَّجْمِ يَسْطَعُ فِي عُلَاهُ
وَلَا تَخْشَ السُّقُوطَ مِنَ التِّلَالِ
فَمَا سَادَ الْبَسِيطَ سِوَى كَرِيمٍ
وَمَا ذَاقَ الْمَذَلَّةَ غَيْرُ الْمُسَالِ
فَيَا نَفْسُ ارْتَقِي كَالْمَجْدِ تَسْمُو
وَلَا تَرْنِي لِعَيْشِ الْمُسْتَمَالِ
وَإِنْ طَالَتْ بِنَا الدُّنْيَا فَسَيْفٌ
يَحُدُّ الْعُمْرَ فِينَا بِاعْتِدَالِ
وَمَا فِي الْعُمْرِ مُتَّسَعٌ لِحُزْنٍ
فَإِمَّا الْعِزُّ كَرَامَةٌ وَإِمَّا ارْتِحَالِ
وَإِنْ شِئْتَ السُّمُوَّ فَلَا تَلِينَا
فَمَنْ لَانَتْ عُرَاهُ غَدَا ظِلَالِ
وَلَا تُصْغِ الْعِتَابَ لِكُلِّ نَاعٍ
فَسَهْمُ الْغَدْرِ مَكْسُورُ النِّصَالِ
وَلَا تَرْجُ مِنَ الدُّنْيَا وِصَالًا
فَكُلُّ الْعَيْشِ ظِلٌّ فِي انْتِقَالِ
وَإِنْ جَادَ الزَّمَانُ فَلَيْسَ يَبْقَى
فَكَمْ مَلِكٍ تَهَاوَى بِانْدِثَالِ
وَإِنْ رُمْتَ الْحَيَاةَ بِغَيْرِ قَهْرٍ
فَأَنْتَ لَهَا كَمَا الْمَاءُ السِّجَالِ
فَخُضْهَا بِالصُّمُودِ وَلَا تُبَالِ
فَسَيْفُ الْعَزْمِ مَرْهُونُ النِّضَالِ
وَإِنْ غَابَ الْكِرَامُ فَمَا بَقَاءٌ
لِدُنْيَا دُونَ عَزْمٍ وَاحْتِمَالِ
وَمَنْ يَخْشَى اللَّيَالِي لِدُجَاهَا
تَأَخَّرَ عَنْ مَعَالِيهَا الثِّقَالِ
وَإِنْ عِشْتَ الْكَرِيمَ فَلَا تُبَالِ
بِمَا يَجْرِي مِنَ الْحَسَدِ الثُّعَالِ
فَيَا نَفْسُ اصْبِرِي وَارْقِي بِحَقٍّ
فَإِنَّ الْعِزَّ مَوْعُودُ الْخِصَالِ
وَلَا تَجْزَعْ فَمَا أَحْيَا شُمُوخًا
سِوَى صَبْرٍ يَحُفُّ بِهِ الْجَلَالِ
فَإِنْ قُلْتُ الْفَخَارَ فَلَا تُجِبْنِي
بِذُلٍّ أَوْ بِوَهْمٍ فِي الْمِثَالِ
فَصَبْرُ الْحُرِّ أَسْمَى مِنْ مَقَامٍ
وَذُلُّ الْعَيْشِ مِفْتَاحُ الزَّوَالِ
وَلَا تَغْتَرَّ بِالدُّنْيَا الْفَنِيَّةِ فَإِنَّا
رِجَالٌ نَرْتَقِي فَوْقَ الْخَيَالِ
وَكَمْ مِنْ مُسْتَطِيلٍ فِي مَكَانٍ
تَظُنُّ الْأَرْضَ فِي كَفِّ انْبِلَالِ
فَإِنَّ النَّصْرَ لَا يَأْتِي بِعَجْزٍ
وَلَا الْأَحْلَامُ تَبْلُغُهَا الْعِيَالِ
وَلَا عَيْشٌ يَطِيبُ بِغَيْرِ جُهْدٍ
وَلَا مَاءٌ يُنَالُ نَهْرًا بِغَيْرِ وِصَالِ
فَمَنْ عَاشَ التَّوَانِي مَاتَ قَهْرًا
وَمَنْ صَبَرَ الْعَظِيمَةَ نَالَ حَلَالِ
وَإِنْ يَقْصِدْكَ السَّيْفُ احْتَمِدَّهُ
فَأَحْزَمُ مِنْكَ مَنْ رَامَ احْتِمَالِ
فَمُلْكُ الْأَرْضِ لَا يُهْدَى لِرَجُلٍ
يَخَافُ مِنَ الْمَصِيرِ بِلَا نِزَالِ
وَأَكْثَرُ مَنْ تَرَاهُ الْيَوْمَ فَخْرًا
تَرَاهُ غَدًا يُبَاعُ بِالْأَمْوَالِ
فَلَا تُغْوِيكَ أَشْبَاهُ الرِّجَالِ
فَإِنَّ الْمَجْدَ فِي كَفِّ الْحَلَالِ
وَإِنْ كَانَتْ حُرُوفُ الْعِزِّ نَارًا
فَلَا تَخْشَ احْتِرَاقَ الْمُسْتَهَالِ
فَإِنَّ الْعُمْرَ فِي الدُّنْيَا كَسَيْفٍ
يَجُودُ فَوْقَ قِمَمِ هَامِ الْكَمَالِ
وَإِنْ تَدْرِ الْعُقُولُ فَهِيَ زَادٌ
يُفِيدُ اللُّبَّ مِنْ عَقْلٍ جَلَالِ
وَإِنْ غَدَرَ الزَّمَانُ بِمَنْ يُوَالِي
فَإِنَّ الدَّهْرَ سَيْفٌ بِالْأَطْلَالِ
فَيَا نَفْسُ صَبْرًا فَالْمَجْدُ صَعْبٌ
وَلَنْ يَبْلُغَ الْعَلْيَاءَ الْخِمَالِ
374
قصيدة