الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » قصيدة الحب العظمى

عدد الابيات : 34

طباعة

يَا سَالِكًا دَرْبَ الْغَرَامِ مُتَيَّمًا

تَرْجُو هَوًى يَكْسُو الْفُؤَادَ وَيَلْبَسِ

قِفْ بِي هُنَيْهَةً لِنُنْزِلَ أَعْبُرَنَا

عَلَى سُدَّةِ الْحُبِّ الْعَظِيمِ الْمُؤَسَّسِ

رَأَيْتُكِ يَا مَنْ حَيَّرَتْ كُلَّ مُجْتَلَى

بِبَدْرٍ يُنَاجِي النُّورَ مِنْ شَفَّةِ الْأُنْسِ

وَعَيْنَيْكِ تَسْقِينِي سُلَافَةَ جَنَّةٍ

فَأَغْدُو أَرَى فِي الْأَرْضِ أَطْيَافَ قُدْسِ

وَشَعْرُكِ مِسْكٌ يَغْزِلُ اللَّيْلَ أَحْمَرًا

كَمَا نَسَجَ الدَّهْرُ الْعَقِيقَ عَلَى الرَّمْسِ

وَخَصْرُكِ مِيزَانُ الزَّمَانِ بِدِقَّةٍ

كَأَنَّكِ سِرُّ الْخَلْقِ فِي كَوْنٍ مُلَبَّسِ

إِذَا مَا نَظَرْتُ الطُّهْرَ فِي وَجْهِ مَنْظَرٍ

رَأَيْتُكِ طُهْرَ الْحُسْنِ فِي كُلِّ مَجْلِسِ

وَفِي خَصْلَةٍ تَنْسَابُ مِنْ لَيْلِ شَعْرِكِ

تَنَامُ حُقُولُ الزَّهْرِ فِي كُلِّ أَنْفُسِ

وَثَغْرُكِ كَالْأَقْدَاحِ يَسْكُنُ سِرُّهَا

فَتَغْدُو جُيُوشُ الْعِشْقِ حَوْلِي بِمُلَبَّسِ

أُمَطِّرُ حُبًّا لِتُثْمِرَ رَاحَتِي

وَتُغْدِقَ عَيْنَايَ الْبُكَاءَ الْمُقَدَّسِ

وَحُبُّكِ أَمْضَى مِنْ سِهَامِ الْمُجَالِدِ

وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ الْمُذَابِ بِكَأْسِ

يُثِيرُ شُجُونَ الْقَلْبِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ

وَيَسْكُنُ فِي قَلْبِ الْحَزِينِ الْمُفَرَّسِ

إِذَا قُلْتُ: هَذَا الْحُبُّ آخِرُ مَنْزِلٍ

يُنَادِينِي أُفُقُ الشَّوْقِ: عُدْ وَاغْتَنِسِ

فَأَنْتِ نُجُومُ الْعَالَمِينَ وَشَمْسُهُمْ

وَفِي لَيْلِ عُمْرِي أَنْتِ أَضْوَأُ حِنْدِسِ

وَإِنْ قُلْتِ لِي: أَبْحِرْ بِلَا مَرْسًى لَنَا

رَكِبْتُ بِحَارَ الشَّوْقِ حَافٍ بِأَفْرَسِ

وَإِنْ قُلْتِ لِي: ارْحَلْ فَمَا الْعَيْشُ بَيْنَنَا

قُلْتُ: اقْبَلِينِي لِلْهَوَى كُلَّ مَحْرَسِ

وَإِنْ قُلْتِ لِي: هَيْهَاتَ أَلْقَى مِثْلَكِ

قُلْتُ: الْهَوَى أَمْرٌ يُدَارَى بِأَنْجَسِ

فَيَا قَلْبَهَا، هَلْ تُدْرِكِينَ مَكَانَتِي؟

وَهَلْ أَشْرَبَتْكِ الْحُبَّ صَفْوًا بِمِنْجَسِ؟

فَمَا الْعُمْرُ إِلَّا قَطْرَةٌ مِنْ غَرَامِنَا

وَمَا الْحُبُّ إِلَّا شَمْسُ قَلْبٍ بِمَلْبَسِ

وَمَا الْخَلْقُ إِلَّا كَوْنُ عَيْنَيْكِ كُلُّهُ

تَدُورُ بِهِ الْأَقْدَارُ فِي كُلِّ مَحْبَسِ

فَلَا تَتْرُكِينِي أَرْتَوِي مِنْ مَعِينِنَا

فَإِنِّي ظَمِئْتُ الشَّوْقَ فِي كُلِّ أَنْجَسِ

فَإِنْ جِئْتُمُونِي بِالْكَلَامِ مُعَارَضًا

فَهَاتُوا لَنَا قَوْلًا كَهَذَا وَنُجِّسِ

أُعَانِدُ بِهِ دُرَيْدًا، وَكُلَّ مُعَلَّقٍ

وَأَجْعَلُهُمْ فِي الْبِيضِ أَرْضَ الْمُؤَبَّسِ

فَمَنْ ذَا يُطَاوِينِي بِوَصْفِ حَبِيبَتِي

وَفِيهَا سَمَاءُ الشِّعْرِ تَرْوِي بِهِنْدِسِ؟

كَأَنِّي بَنَيْتُ الْحُبَّ قَصْرًا شَامِخًا

وَقُلْتُ لِكُلِّ الْعَالَمِينَ: تَفَرَّسِ

أُنَادِيكَ يَا دُرَيْدُ، فَهَاتِ بَدِيعَكُمْ

لِتُبْدِعَ قَوْلًا كَالسُّيُوفِ بِمُغْرِسِ

فَمَا فِي الْبَشَرِ كُتِبَتْ كَلَامًا كَصَفْوَتِي

وَمَا فِي الْكَلَامِ حُسْنُ شِعْرِي بِمَلْبَسِ

فَهَاتُوا دَوَاوِينَ الْقُرُونِ لِتَشْهَدُوا

أَنَّ الْمُعَلَّقَةَ الْعُظْمَى هُنَا فِي الْمُؤَنَّسِ

وَإِنْ قُلْتُمُ: أَيْنَ الْغَرَامُ يَطِيرُنَا؟

قُلْتُ: الْجِنَانُ عَلَى هَوَاكِ تُلَمِّسِ

وَإِنْ قُلْتُمُ: أَيْنَ الْفَصَاحَةُ فِي الْهَوَى؟

قُلْتُ: اقْرَؤُوا شِعْرِي لِتَخْشَعَ أَنْفُسِ

فَيَا كُلَّ مَنْ رَامَ الْجَمَالَ بِقَلْبِهِ

إِلَيْكَ عُيُونُ الشِّعْرِ هَذِي بِمُلَبَّسِ!

هَنِيئًا لِمَنْ أَضْحَى غَرَامُكِ مَسْكَنًا

وَشَرَّفَهُ فِي الْحُبِّ سِتْرٌ وَمُقْنِسِ

وَإِنِّي أَذُودُ الْحُبَّ دَرْبًا مُمَجَّدًا

كَمَا يُذْوَدُ الْبَطَلُ الْجَوَادُ بِفَرَسِ

فَلَا تَطْلُبُوا شِعْرًا أُسَامِي عَلَى الْهَوَى

فَقَدْ خُتِمَتْ هَذِي الْمُعَلَّقَةُ النَّفْسِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

391

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة