عدد الابيات : 113
طباعةهَذِي الْقَصِيدَةُ مِنْ وَجْدِي وَمِنْ أَمَلِي
سِفْرُ الْغَرَامِ وَتَأْوِيلِي وَمُرْسَلِي
كَأَنَّهَا النَّجْمُ فِي لَيْلِ الْهَوَى سَطَعَتْ
فَاخْضَرَّ فَجْرُ التَّمَنِّي بَيْنَ مُقْتَبَلِ
أُهْدِيكِ إِيَّاهُ يَا سَارَةُ الْجَمَالِ، وَفِي
عَيْنَيْكِ أَسْكَنْتُ أَحْلَامِي عَلَى مَهَلِ
هَلْ لِلْغَرَامِ غُدَاةَ الصَّدِّ مِنْ كَلَلِ؟
أَمْ فِي الْفُؤَادِ كُهُوفُ الصَّبْرِ لَمْ تَزَلِ؟
يَا سَارَةَ الْقَلْبِ، يَا مَنْ فِي خَوَاطِرِنَا
صِرْتِ الْبِدَايَةَ وَالْإِلْهَامَ فِي الْمُقَلِ
إِنْ كَانَ نَصَّارٌ قَدْ أَبْدَى تَحَدِّيَهُ
فَالْحُبُّ عِنْدِي سُيُوفٌ مِنْ دَمِ الْعَسَلِ
أَذُودُ عَنْ شَوْقِ قَلْبِي كُلَّ عَاتِيَةٍ
وَأَزْرَعُ الْوَصْلَ فِي أَرْضِ الْهَوَى الْجُبُلِ
فِي كُلِّ بَيْتٍ نَسَجْتُ الْحُبَّ أُغْنِيَةً
حَتَّى تَنَاغَتْ عَلَى الْأَوْتَارِ كَالطَّلَلِ
يَا بِنْتَ مَجْدِي، وَيَا تَاجَ الْحَنِينِ عَلَى
رَأْسِ الزَّمَانِ بِأَحْلَامِ الْهَوَى الْأَجَلِ
قَدْ أَقْبِلُ الْأَرْضَ حَيْثُ الْحُلْمُ مَنْزِلَةٌ
وَأَرْسُمُ الْعِشْقَ فَوْقَ الشَّمْسِ بِالْجُمَلِ
فَإِنْ تَحَدَّيْتَنِي، فَاعْلَمْ بِأَنَّ يَدِي
تُمْسِكُ الْحَرْفَ كَالسَّيْفِ الَّذِي يَصِلِ
يَا سَارَةَ الرُّوحِ، يَا مَنْ أَنْتِ مُلْهِمَتِي
هَذِي قَصِيدِي، وَقَلْبِي بَيْنَهَا أَمَلِي
وَإِنْ سَأَلْتِ نَصَّارًا عَنْ هَوَاكِ لَنَا
فَلْيَقُلِ الْمَجْدُ: هَذَا الْحُبُّ لِلْأَزَلِ
هَذِي السُّلُوكُ سَبِيلُ الْعِزِّ مَنْهَجُهُ
فِي كُلِّ شِبْرٍ لَنَا فَخْرٌ عَلَى زُحَلِ
وَكَيْفَ أَخْشَى وَفِي عَيْنَيْكِ مَمْلَكَةٌ
تُهْدِي النُّجُومَ لِوَجْدِي دُونَ مُقْتَتَلِ
مَاذَا أَقُولُ؟ وَفِي صَوْتِكِ سَكَائِنُهُ
تَهْتَزُّ أَلْفُ رُبَى مِنْ نَبْضِهِ الْبَدَلِ
إِنِّي سَأَرْقَى بِعِشْقٍ لَا يُضَاهِينِي
فِيهِ الْكَوَاكِبُ وَالْأَقْدَارُ وَالْأُمَلِ
قَسَمًا بِوَجْهِكِ لَوْ خَصْمِي جِبَالُ دَمٍ
لَخَضَّبَتْهُنَّ شَوَاعِي صَوْلَةَ الْأُوَلِ
فَلْيَشْهَدِ الْحُبُّ أَنَّا كُنَّا سَرَائِرَهُ
وَفِي دُجَاهُ كُنُوزَ الْوَصْلِ وَالْأَمَلِ
مَا خَابَ مَنْ ذَابَ فِي عَيْنَيْكِ مُبْتَهِلًا
يَرْتَادُ نُورَكِ مِنْ صَبْرٍ وَمِنْ وَجَلِ
يَا نَسْمَةً مَرَّ فَوْقَ الْعُمْرِ عِطْرُهَا
فَأَزْهَرَ الْيَأْسُ مِنْ وَصْلٍ عَلَى الْخَجَلِ
قَدْ كُنْتِ فِي الزَّهْرِ وَالْأَلْوَانِ نَافِرَةً
وَالْيَوْمَ صِرْتِ ضِيَاءَ الْعَيْنِ وَالْحُلَلِ
يَا مُهْجَتِي، لَسْتُ أَدْرِي كَيْفَ أَسْكُنُهَا
وَكَيْفَ أَجْهَلُ فِي عَيْنَيْكِ مُشْتَمَلِي
أَنْتِ الْبَدِيلُ لِكُلِّ الْحُزْنِ فِي زَمَنٍ
فِيهِ الرَّبِيعُ نُفِيَ وَالرُّوحُ فِي عَطَلِ
فَكَيْفَ لَا أَسْجُدُ الْأَشْوَاقَ مُنْكَبًّا
إِنْ كَانَ حُبُّكِ فَوْقَ الْحُلْمِ وَالْوَصْلِ؟
هَذِي يَدَايَ وَهَذَا الْعُمْرُ يَحْمِلُنِي
نَحْوَ الضِّيَاءِ كَمَا يَجْرِي عَلَى الْبَدَلِ
فَخُذِي مِنِّْي مَا شِئْتِ الْوِدَّ مُنْسَكِبًا
وَأَسْكِنِينِي رُؤًى تَجْرِي عَلَى الْقُبَلِ
أَنْتِ انْبِعَاثُ انْكِسَارِي كَيْفَ رَتَّبَتِ
لِيَ الْحَيَاةَ وَقَدْ كُنْتُ بِغَيْرِ حِيَلِ؟
وَكَيْفَ قَدْ عُدْتُ مَجْنُونًا بِظِلِّكِ لَا
أَدْرِي الطَّرِيقَ إِلَى ظِلٍّ وَلَا سُبُلِ؟
هَذِي رُسُومُكِ فِي صَدْرِي وَفِي قَلَقِي
وَهَذِهِ الرُّوحُ تَسْتَجْدِي خُطًى أَجَلِ
قَدْ كَانَ صَوْتُكِ فَوْقَ الْعُمْرِ أُنْشُودَتِي
وَالنَّبْضُ فِيكِ نِدَاءٌ شَاعَ فِي الْزَجَلِ
فَهَلْ سَمِعْتِ نِدَاءَ الْقَلْبِ فِي كَلِمِي
أَمْ صِرْتِ كَالطَّيْفِ لَا تُولِي وَلَا تَمَلِي؟
إِنِّي عَلَى الْوَعْدِ مَا غَيَّرْتُ مِيثَاقِي
وَلَا بَدَّلْتُ مَعَ الشَّوْقِ الَّذِي ابْتُذِلِ
أَمْشِي عَلَى خَطَرٍ وَالشَّوْقُ يَحْمِلُنِي
وَالْخَطْوُ فِي سُحُبِ الْأَشْوَاقِ مُنْخَذِلِ
إِنْ كَانَ صَبْرِي كَسِيرَ الْجَفْنِ مُرْتَهِنًا
فَالْوَجْدُ فِيكِ حَقِيقَاتٌ مِنَ الْجُمَلِ
يَا مَنْ لَهَا فِي حَنَايَا الْقَلْبِ مَسْكَنُهَا
كَيْفَ افْتَرَقْنَا وَمَا زَالَتْ عَلَى الْأَجَلِ؟
كُنْتِ الْبِدَايَةَ فِي أَحْلَامِنَا فَهَلِ
تَرْضَيْنَ أَنْ تَكْتُمِي وَالْعُمْرُ فِي عَجَلِ؟
إِنِّي وَعُدْتِي عَلَى الْأَحْزَانِ أَحْمِلُهَا
وَالْقَلْبُ أَبْقَيْتُهُ فِي غَيْهَبِ الْحُلَلِ
لَا تَتْرُكِينِي أُعَانِي وَحْدَتِي وَأَنَا
قَدْ كُنْتُ أَسْكُنُ فِي عَيْنَيْكِ كَالْرُسُلِ
وَلَا تَقُولِي بِأَنَّ الْعُمْرَ يَبْتَعِدُ
فَالْحُبُّ فِيكِ خُلُودٌ بَيْنَ مُنْفَصِلِ
فِي كُلِّ رِمْشٍ نَدَاكِ الْبِكْرُ يَسْكُنُنِي
وَفِي الْجُرُوحِ رُقَادُ الشَّوْقِ وَالْخَبَلِ
فَسَافِرِي فِي دِمَائِي كَيْفَ شِئْتِ، فَمَا
كُنْتِ الْعَطَاءَ وَلَنْ تَغْرُبْ عَلَى الْبَدَلِ
أَنْتِ الَّتِي زَرَعَتْ فِي الْقَلْبِ مُفْتَتَنِي
فَصِرْتُ أَهْذِي بِكِ الْأَوْقَاتِ فِي الْخَلَلِ
فَهَلْ تَعُودِينَ فِي فَجْرٍ لِيَحْمِلَنَا
نَحْوَ الَّذِي كَانَ مِنْ أَفْرَاحِنَا الْأُوَلِ؟
قَدْ كُنْتِ فِي الصَّمْتِ وَالْآهَاتِ أُنْشُودَتِي
وَالْحُبُّ عِنْدِي رَجَاءٌ فَوْقَ مُنْفَصِلِ
وَإِنْ غَفَوْتُ فَعَيْنُ الشَّوْقِ تَسْهَرُنِي
وَفِي دِمَائِي أَرَانِي بَيْنَ مُرْتَهَلِ
قَدْ صِرْتِ أُنْشُودَةَ الْمَاضِي الَّذِي احْتَرَقَا
وَصِرْتُ أَكْتُبُ فِيكِ الْوَجْدَ فِي الْنُزُلِ
وَمَا اسْتَطَعْتُ سِوَى أَنْ أَسْكُبَ الْقَلَمَا
فِي كُلِّ حَرْفٍ شَهِيقُ الشَّوْقِ وَالْحُلَلِ
فَهَلْ سَتَأْتِينَ فِي وَقْتٍ يُنَادِينَا
قَبْلَ انْطِفَاءِ ضِيَاءِ الْعُمْرِ وَالْجُذَلِ؟
إِنِّي بَذَلْتُ لَكِ الْأَيَّامَ كُلَّهُمَا
فَاحْفَظِي الْوَعْدَ فِي حُبٍّ بِغَيْرِ خَلَلِ
وَلْتَشْهَدِ الرُّوحُ أَنِّي كُنْتُ مُغْرَمَهَا
مَا بِعْتُ وَدًّا وَلَا أَخْفَيْتُ مُشْتَمَلِي
يَا سَارَةَ الْعُمْرِ، هَلْ لِلْحُبِّ مِنْ أَمَلٍ
فِي زَمْنِنَا الْمُتْخَمِ الْبُغْضَاءَ وَالْعِلَلِ؟
قُولِي لِقَلْبِي الَّذِي فِي الْوَجْدِ مُرْتَهَنٌ
هَلْ يَسْتَطِيعُ فِرَاقًا بَعْدَ مُكْتَمَلِ؟
إِنِّي سَأَخْتِمُ وَقْتِي فِيكِ مُتَّقِدًا
بِالْحُبِّ، بِالْوَعْدِ، بِالذِّكْرَى وَبِالْقُبَلِ
وَإِنْ نَظَرْتِ إِلَى قَلْبِي وَنَبْضَتِهِ
قُلْتِ: الْهَوَى هَاهُنَا، وَالْوَعْدُ لَمْ يَزَلِ
هَذِي الْقَصِيدَةُ بَحْرُ الْوَجْدِ مُبْتَهِلي
تَجْرِي عَلَى اللَّحْنِ كَالْأَنْهَارِ فِي السُّبُلِ
مَا بَيْنَ نَبْرَتِهَا وَالدَّمْعِ قَافِيَةٌ
تُهْدِي السَّمَاءَ بَيَاضَ الرُّوحِ فِي الْخَمَلِ
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ، يَا عِطْرَ الْحَيَاةِ إِذَا
مَسَّ الْفُؤَادَ نَسِيمٌ مِنْكِ مُتَوَصْلِ
هَذَا الْغَرَامُ الَّذِي فِي الْعَيْنِ مَرْسَمُهُ
لَمْ يُكْتَبِ الْيَوْمَ بَلْ مَكْتُوبُهُ أَوَّلِ
أَنْتِ الَّتِي كَانَ فِي صَوْتِ الْمَسَاءِ لَنَا
نَبْضُ التَّمَنِّي وَتَرْتِيلُ الْمُنَى الْخَجِلِ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى نُطْقِ الْغَرَامِ إِذَا
سَارَ الْهَوَى فِي دِمَانَا مِثْلَ مُشْتَعِلِ؟
هَلْ كَانَ صَبْرُ الْهَوَى فِي الْقَلْبِ مُمْتَحَنًا
أَمْ كَانَ فَوْقَ انْكِسَارِ الْحُبِّ كَالطَّلَلِ؟
يَا كَوْكَبَ الْفَجْرِ، يَا نُورَ الصَّبَاحِ، أَلَا
هَلْ تَسْكُبِينَ لَنَا مِنْ شَوْقِكِ الْأَبَلِ؟
مَا بَالُ قَلْبِي إِذَا مَا مَرَّ طَيْفُكِ لَا
يَرْتَاحُ إِلَّا بِوَجْدٍ فَوْقَ مُنْفَعِلِ
يَا مَنْ هُوَ الْعُمْرُ لَكِنْ دُونَ مَعْرِفَةٍ
أَنْتِ الدُّرُوبُ، وَأَنَّى سِرْتُ فِي السُّبُلِ
كُلُّ الْخَيَالِ الَّذِي فِي الرُّوحِ أَسْكَنَهُ
طَيْفُكِ يَبْقَى عَلَى الْأُفْقِ الْمُسْتَجَلِّ
حَتَّى إِذَا مَا سَمِعْتُ الْكَوْنَ يَهْتِفُ لَا
أَرْضَى بِغَيْرِكِ قَصْرًا فِي دَمِي الْأَزَلِ
مَاذَا أُسَمِّي غَرَامِي فِيكِ؟ أَمْ هِيَ نُوًى
فَوْقَ الْوُجُودِ وَمَعْنَى الْعِشْقِ فِي الْقَوْلِ؟
أَمْ أَنْتِ قِصَّتُنَا الْخَالِدَةُ الَّتِي
لَا يُطْفِئُ الْحُبُّ فِيهَا نَارَ مُشْتَعِلِ؟
كَيْفَ التَّجَلِّي، وَهَلْ لِلشِّعْرِ قَافِيَةٌ
فِيهَا سِوَاكِ وَفِي إِلْهَامِكِ الْبَدَلِ؟
نَصَّارُ لَمْ يَدْرِ أَنَّ الْحُبَّ أَكْبَرُ مِنْ
كُلِّ التَّظَاهُرِ، أَوْ صَوْتٍ عَلَى جَدَلِ
إِنْ كَانَ يَفْخَرُ بِالذِّكْرَى وَيَزْعُمُ أَنْ
فِي كَفِّهِ الْوَصْلُ، فَالْوَصْلُ لِي وَصَلِي
فِي كُلِّ نَبْضٍ لَكِ الْأَشْوَاقُ سَاجِدَةٌ
وَفِي يَدَيَّ دُعَاءُ الْحُبِّ لَمْ يَذِلِّ
هَذِي الْقَصِيدَةُ، أَهْدَاهَا الْهَوَى قَبَلِي
وَالشَّوْقُ يَكْتُبُهَا بِالنُّورِ وَالْقُبَلِ
كُلُّ الْحُرُوفِ الَّتِي فِي الدَّفْتَرِ احْتَرَقَتْ
وَاسْتَعْذَبَتْ فِي هَوَاكِ اللَّوْنَ وَالْخَجَلِ
لَوْ جَاءَ قَيْسٌ إِلَى أَشْعَارِنَا طَرِبًا
لَقَالَ: فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ مُبْتَغَلِي
سَارَةُ، يَا سَاحِرَةَ الْأَحْرُفِ الَّتِي
صَارَتْ تُغَنِّي بِمَا فِي الْقَلْبِ مِنْ جُذَلِ
سَأَكْتُبُ الْحُبَّ فِي عَيْنَيْكِ أُغْنِيَةً
تَذُوبُ فِيهَا رُؤَايَا الْعِشْقِ وَالْرُسُلِ
أَنْتِ الْبَدَايَةُ فِي مِيلادِ ذَاكِرَتِي
وَأَنْتِ خَاتِمَةُ الْأَحْلَامِ فِي الْخَتَلِ
قَدْ جِئْتُ أَكْتُبُكِ النُّورَ الَّذِي سَكَنَتْ
فِيهِ الرُّؤُوسُ، وَبَاتَتْ تَرْقُبُ الْخَيَلِ
وَفِي خُطَاكِ أَغَانِي الْعِطْرِ مُنْبَثِقٌ
كَأَنَّهَا مِنْ لَهِيبِ الْوَصْلِ فِي جَبَلِ
يَا مَنْ أَتَيْتِ كَنُورٍ فِي سَمَائَتِنَا
وَفَوْقَ قَلْبِي نُجُومًا تُرْسِلُ الْطُلَلِ
أُهْدِيكِ شِعْرِي، وَفِي أَحْرُفِهِ قَمَرٌ
مِنْ نُورِ قَلْبِي وَنَبْضِي صَاغَ مُقْتَبَلِي
مَا بَيْنَ عَيْنَيْكِ فَصْلٌ فِي الْجَمَالِ، وَقَدْ
خُطَّ الْجَمَالُ عَلَى جَفْنَيْكِ فِي خَجَلِ
كَأَنَّمَا الزَّهْرُ فِي وَجْنَاتِكِ ارْتَحَلَتْ
مَعَ النَّدَى وَسُكُونِ الْحُسْنِ وَالْبَدَلِ
وَيَا فُتُونَ الْمَنَايَا فِي تَثَنِّيكِ، مَا
أَشْهَى اللُّغَاتِ إِذَا نَاجَيْتِ بِالْجُمَلِ
صَوْتُكِ مِيزَانُ أَنْفَاسِي وَنَغْمَتُهُ
تُطْفِي جُرُوحِي وَتُحْيِي نَشْوَةَ الْكُحْلِ
أَمْشِي إِلَيْكِ وَكُلُّ الْكَوْنِ مُشْتَعِلٌ
بِاللَّيْلِ وَالضَّوْءِ وَالْأَشْوَاقِ وَالْخَبَلِ
أَتَيْتُ أَسْأَلُ عَنْ وَجْهِكِ، وَفِي يَدِي
قَلْبٌ يُشِعُّ، وَفِي جَنْبَيْهِ مُشْتَعِلِ
أَسْقَيْتُنِي مِنْ نَبَاتِ الشَّوْقِ قَافِيَةً
فَبَاتَ وَجْدِي عَلَى أَوْرَاقِكِ الْسُمَلِ
أَتَيْتُ أَبْنِي عَلَى صَمْتِكِ قِصَّتَنَا
فَكَيْفَ تَهْدِمُهَا الْأَيَّامُ وَالْأَجَلِ؟
أَهِيمُ فِيكِ، وَأَشْكُو فَوْقَ خَاصِرَةٍ
ضَمَّتْ هَوَايَ، وَكَفُّ الشَّوْقِ فِي خَجَلِ
يَا مَنْ تَمَرَّدَ فِي أَحْرُفْكِ غَزَلُنَا
وَصَارَ شِعْرُكِ تَاجَ الْحُبِّ وَالْجُمَلِ
قَدْ قُلْتُ فِي الْعِشْقِ مَا لَمْ يَقْدِرُوا قَبَلِي
وَاتَّسَعَ الْبَحْرُ لِلنَّارِ الَّتِي اشْتَعَلِي
فَإِنْ أَغَارُوا عَلَى وَجْدِي فَلَنْ يَجِدُوا
إِلَّا الْفُتُونَ وَنَبْضَ الشَّوْقِ فِي الْمُقَلِ
يَا سَارَةَ الْحُبِّ، إِنِّي قَدْ تَعَلَّقْتُ بِالـ
شَّوْقِ الَّذِي جَاءَ مِنْ عَيْنَيْكِ مُرْتَحِلِ
فَلْتُسْدِلِي النُّورَ، إِنَّ اللَّيْلَ فِي كَبِدِي
طَالَ، وَالْجَمْرُ فِي أَضْلَاعِي لَمْ يَزَلِ
أَرْجُوكِ لَا تَسْكُتِي، قُولِي لِيَ الْكَلِمَا
حَتَّى أُقَبِّلَ فِي نَبْضِكِ كُلَّ مُحْتَمَلِ
يَا سَارَةَ الْعُمْرِ، إِنَّ الْحُبَّ مَرْكَبُنَا
فِي كُلِّ مَوْجٍ لَهُ أَشْوَاقُهُ الْعَجَلِ
أُهْدِيكِ شِعْرِي، وَفِي أَحْرُفِهِ قَمَرٌ
مِنْ نُورِ قَلْبِي وَنَبْضِي صَاغَ مُقْتَبَلِي
لَوْ كُنْتِ بَوْحِي، فَفِي الْأَوْهَامِ أَصْنَعُهُ
نَايًا يُرَتِّلُ أَشْوَاقِي عَلَى الْجَبَلِ
يَا سَارَةَ الرُّوحِ، إِنَّ اللَّيْلَ مُنْهَتِكٌ
إِنْ لَمْ تَكُونِي لِصَمْتِي صَوْتَ مُبْتَهَلِ
فِي غَيْبَةِ الْحُبِّ، مَا لِلْحَرْفِ مِنْ طَرَبٍ
وَلَا لِحَنَانِ الْمُنَاجَاةِ الَّتِي اكْتَمَلِ
قَدْ زَيَّنَتْنِي اللَّيَالِي حِينَ مَرْيَمُهَا
نَادَتْكِ: عُدْ! فَتَلَاوَتْهَا عَلَى السَهْلِ
هَلَّ الْبَهَاءُ عَلَى خَدَّيْكِ أُقَبِّلُهُ
أَمْ هُوَ السَّنَاءُ الَّذِي أَرْوَانِيَ الْبَدَلِ؟
أَنْتِ الْبَهَارُ وَأَنْتِ الْعِطْرُ يَا زَهَرِي
فِي كُلِّ طِيبٍ لَكِ الْأَشْرَافُ وَالْحُلَلِ
إِنِّي نَذَرْتُكِ وَجْهًا لَا يُقَلِّدُنِي
فِيهِ السَّوَاكِنُ فِي بَوْحِي وَفِي الْخَلَلِ
مَا بَيْنَنَا سِرٌّ كَانَتْ نَفْحَةُ الْقَدَرِ
وَالشَّوْقُ فِيهِ لَهُ فِي الْعَيْنِ مُكْتَمَلِ
وَخَتَمْتُ صَفْحَتَهَا بِنَبْضٍ مُشْتَعِلِ
مِنْ وَجْدِ رُوحِي وَوَجْهِ الْحُسْنِ يَتَّصِلِ
فِي كُلِّ قَافِيَةٍ تَوَهُّجَ مِسْكُهَا
وَتَنَفَّسَتْ أَشْوَاقُهَا فِي الْمُقْبِلِ
سَكَبَتْ يَدِي نُورَ الْحُرُوفِ كَأَنَّهَا
تَجْلُو الضِّيَاءَ لِعَيْنِ لَيْلٍ أَجْمَلِ
فَإِذَا انْطَوَى صَدَرُ الْبَيَانِ بِخَاتِمٍ
مِنْ سِحْرِ قَلْبٍ فِي الْغَرَامِ مُكَمَّلِ
قُولُوا لِمَنْ سَافَرَتْ حُرُوفِي نَحْوَهُ
هَذَا نَشِيدُ الْعِشْقِ... لَيْسَ بِمُرْتَجَلِ
387
قصيدة