عدد الابيات : 71
طباعةلَعَمْرِي لَقَدْ أَحْيَيْتِ قَلْبِي بِمُهْجَتِي
وَأَوْقَدْتِ نَارَ الْحُبِّ شَوْقًا خَفِيَّا
أَتَتْكِ سَحَابُ الْحُسْنِ يَمْشِي هَتُونَهُ
فَسَالَ غَدِيرُ الْعِشْقِ نَهْرًا جَرِيَّا
وَأَقْبَلْتِ كَالرَّيْحَانِ يَنْثُرُ عَبْقَهُ
عَلَى كُلِّ قَلْبٍ فِي الْجَمَالِ سَرِيَّا
فَيَا زَهْرَةً خَضْرَاءَ تَهْفُو بِطِيبِهَا
وَيَا بَدْرَ لَيْلٍ فِي السَّمَاءِ بَهِيَّا
تَرَكْتِ لِيَ الْقَلْبَ الْجَرِيحَ مُعَلَّقًا
بِشَوْقٍ كَسِيرٍ لَا يَزَالُ وَفِيَّا
وَقَدْ كُنْتُ بَحْرًا فِي الصَّبَابَةِ جَامِحًا
فَلَمَّا رَنَتْ عَيْنُ الْحَبِيبِ غَدَوْتُ طَيَّا
أَرَاكِ كَأَنَّ الْكَوْنَ جَاءَ بِآيَةٍ
لِتَجْمَعَ فِي عَيْنَيْكِ سِحْرًا أَبَدِيَّا
إِذَا لَاحَ وَجْهُكِ كَالضِّيَاءِ مَلَامِحًا
تَبَدَّدَ لَيْلُ الْعَاشِقِينَ خَفِيَّا
أَمَا آنَ لِلْعُشَّاقِ أَنْ يَسْكُنُوا الْهَوَى
وَأَنْ يَجِدُوا فِي ظِلِّ وَصْلِكِ هَانِيَّا
وَكَمْ قَدْ نَظَرْتُ الْبَدْرَ فِي لَيْلِ نَاظِرٍ
فَمَا زَادَنِي إِلَّا احْتِرَاقًا حَرِيَّا
فَيَا حَبَّذَا وَصْلٌ يَكُونُ كَأَنَّهُ
رَبِيعُ الْقُلُوبِ يُنِيرُ صُبْحًا رَضِيَّا
تَخَطَّيْتِ حَدَّ الْوَصْفِ حُسْنًا وَرِقَّةً
وَصِرْتِ كَرُوحٍ فِي الْأَنَامِ زَكِيَّا
وَقَدْ هَامَ قَلْبِي فِي مُحَيَّاكِ عَاشِقًا
كَطَيْرٍ تَغَنَّى بِالشُّرُوقِ شَجِيَّا
أَتَانِي خَيَالُكِ فِي اللَّيَالِي مُبَشِّرًا
فَبَاتَ بِقَلْبِي نُورُ شَمْسٍ جَلِيَّا
أَيَا سارُ ، إِنْ غِبْتِ فَمَا الْحُبُّ قَائِلٌ
سِوَى أَنَّنِي فِيكِ أَذُوبُ أَبَدِيَّا
وَإِنْ عُدْتِ، فَالْأَرْضُ ارْتَوَتْ مِنْ حَنَانِهَا
وَأَصْبَحَ صَبْرِي فِي غَرَامِكِ وَفِيَّا
فَلَا تَسْأَلِي عَنِّي إِذَا مَا تَيَمَّمَتْ
رَوَابِي هَوَاكِ، صِرْتُ عَبْدًا سَمِيَّا
أَيَا لَيْتَنِي فِي كُلِّ دَرْبٍ تَسِيرُهُ
أَكُونُ ظِلَالًا لِلْحَبِيبِ وَلِيَّا
وَفِي كَفِّكِ الْحَانِي حَنِينٌ يَسُوقُنِي
كَطَيْفٍ يُلَاحِقُ فِي اللَّيَالِي سَرْمَدِيَّا
تَزَيَّنْتِ يَا سارُ بِكُلِّ مَحَاسِنٍ
فَكُنْتِ لِأَحْلَامِ الرِّجَالِ جَلِيَّا
وَمَا خَابَ قَلْبٌ فِي هَوَاكِ مُعَلَّقٌ
فَقَدْ صَارَ مَجْنُونًا وَعَقْلُهُ شَقِيَّا
سَأَسْقِيكِ مِنْ شِعْرِي جَمَالًا مُخَلَّدًا
لِتَبْقَيْ لِدَهْرٍ فِي الْقَصَائِدِ زَاهِيَّا
فَيَا حُبَّ سَارٍ، هَلْ تُرَى كُنْتَ صُدْفَةً؟
أَمِ الْأَمْرُ مَكْتُوبٌ بِعَرْشٍ عَلِيَّا
أَيَا سَارَةَ الْحَسْنَاءِ، هَلْ لِي بِوَصْلِكِ
فَإِنَّكِ رُوحِي فِي الزَّمَانِ الْمُضِيَّا
أَيَا فِتْنَةَ الدُّنْيَا، وَعِطْرَ نَسِيمِهَا
بِحُبِّكِ أَضْحَى الْقَلْبُ طِفْلًا رَضِيَّا
مَلَكْتِ عَلَى قَلْبِي الْعَلِيلِ فُؤَادَهُ
فَصَارَ أَسِيرَ الْحُسْنِ قَسْرًا قَوِيَّا
رَأَيْتُكِ بَدْرًا فِي الظَّلَامِ مُكْتَمِلًا
يُضِيءُ بِعَيْنَيْهِ الدُّجَى السَّرْمَدِيَّا
إِذَا مَا تَنَاءَى اللَّيْلُ أَقْبَلَ طَيْفُكِ
فَأَبْقَى عَلَى وَجْدِي وَحُبِّي جَلِيَّا
وَكَمْ لَيْلَةٍ سَهِرْتُ وَحْدِي مُخَاطِبًا
خَيَالَكِ فِي ظَنِّي كَأَنَّكِ حَيَّا
إِذَا غِبْتِ عَنْ عَيْنِي، فَذِكْرَاكِ حَاضِرٌ
كَظِلٍّ يُرَافِقُنِي إِذَا غَابَ شَيَّا
كَأَنَّكِ فِي قَلْبِي نِدَاءُ مَلَائِكٍ
يُسَبِّحُ بِاسْمِ الْحُبِّ دَوْمًا عَلِيَّا
أَمَا آنَ أَنْ تُصْغِي إِلَى نَبْضِ عَاشِقٍ
تَمَنَّى وِصَالًا مِنْكِ حُلْوًا شَهِيَّا
فَمَا الْحُبُّ إِلَّا سَهْمُ عَيْنِكِ فَاتِنٌ
أَصَابَ الْفُؤَادَ فَبَاتَ فِيهِ شَقِيَّا
أَيَا سَارَةَ الْأَحْلَامِ، يَا نَبْضَ مُهْجَتِي
أَمَا آنَ أَنْ يُهْدَى الْحَبِيبُ هَدِيَّا؟
كَأَنَّكِ شَمْسٌ فِي النَّهَارِ مُنِيرَةٌ
تَسِيرُ بِأَحْلَامِي شُعَاعًا بَهِيَّا
وَإِنْ ضَحِكَتْ عَيْنَاكِ، كَانَتْ كَأَنَّمَا
نُجُومُ السَّمَا تَسْرِي بِلَيْلٍ دُجِيَّا
رُوَيْدَكِ، لَا تَقْتُلِي الْمُحِبَّ بِصَدِّهِ
فَإِنِّي عَلَى أَعْتَابِ حُبِّكِ نَدِيَّا
رَمَيْتِ بِسَهْمٍ مِنْ لَحَاظِكِ قَاتِلِي
فَكَانَ رِمَاحًا قَدْ أَصَابَتْ جَوِيَّا
أَيَا مَنْ جَعَلْتِ الْعُمْرَ حُلْمًا مُقَدَّسًا
وَجَعَلْتِ قَلْبِي فِي هَوَاكِ سَخِيَّا
أَتَيْتُكِ شَاعِرًا، أَحْمِلُ الشَّوْقَ خَافِقًا
وَأَنْظِمُ فِي حُبِّكِ قَصِيدًا رَوِيَّا
كَأَنَّكِ مِنْ مَاءِ الْجَمَالِ خُلِقْتِهِ
فَصِرْتِ جَمَالًا فِي الْوُجُودِ زَكِيَّا
وَكَمْ قَدْ شَكَا قَلْبِي إِلَيْكِ حَنِينَهُ
وَمَا كُنْتِ إِلَّا لِلْحَنَانِ خَفِيَّا
فَلَا تَتْرُكِينِي فِي الصَّبَابَةِ ضَائِعًا
وَلَا تَجْعَلِينِي فِي الْهَوَى عَبَثِيَّا
وَإِنِّي وَإِنْ طَالَ الْفِرَاقُ مُحِبُّكِ
وَصَبْرِي عَلَى بُعْدِ الْحَبِيبِ نَقِيَّا
سَأَبْقَى عَلَى عَهْدِي وَإِنْ طَالَ مُدَّتِي
وَأَبْقَى لِحُبِّكِ حَافِظًا أَبَدِيَّا
كَأَنَّكِ فِرْدَوْسُ الْمُنَى حِينَ أَلْتَقِي
بِرُوحِكِ، فَأَلْقَى فِي الْحَيَاةِ شَذِيَّا
فَيَا سَارَةَ الْأَحْلَامِ، قَدْ صَارَ حُبُّنَا
كَأُسْطُورَةٍ تُرْوَى بِأَرْضٍ رُوِيَّا
إِذَا قُلْتُ: يَا سَارَةُ، أَقْبَلَ عِطْرُهَا
كَرِيحِ صَبَا تَمْضِي بِأُفُقٍ نَدِيَّا
تُغَارُ الزُّهُورُ مِنِ ابْتِسَامِ شِفَاهِهَا
وَتَحْسُدُهَا أَنْجُمُ الدُّجَى السَّرْمَدِيَّا
لَهَا فِي حَنَايَا الْقَلْبِ عَرْشٌ مُؤَبَّدٌ
وَفِي مُهْجَتِي عَهْدٌ بِأَنْ بَاقِيَّا
كَأَنَّكِ فِي ثَوْبِ الْجَمَالِ مَلَاحِمٌ
تُسَطَّرُ بِالْحُسْنِ الْبَدِيعِ الْأَبِيَّا
فَلَا الْوَرْدُ يُدْنِي مِنْ صَفَاءِ مُحَيَّا
وَلَا الْفَجْرُ يَحْكِي عَنْ جَبِينٍ نَقِيَّا
إِذَا مَا دَنَا مِنِّي خَيَالُكِ فِي الْكَرَى
تَرَاقَصَتِ الْأَرْوَاحُ شَوْقًا سَرِّيَّا
فَمَا الْكَوْنُ إِلَّا أَنْتِ، سِرُّ جَمَالِهِ
وَمَا الْقَلْبُ إِلَّا أَنْتِ، سِرُّ الْحَفِيَّا
أَيَا مَنْ بِهَا أَضْنَى الْهَوَى كُلَّ عَاشِقٍ
وَأَنْزَلَهُ شَوْقًا مَقَامًا عَالِيَّا
أَلَا يَا نَسِيمَ الصُّبْحِ، هَلَّا حَمَلْتَهَا
إِلَى الْقَلْبِ كَيْ تُحْيِي الْفُؤَادَ الشَّقِيَّا
أَرَى فِي عُيُونِ الشَّمْسِ طَيْفًا كَأَنَّهُ
شَبِيهٌ لِوَجْهِ سَارَةَ الْمُتَأَلِّقِيَّا
وَإِنْ مَرَّ صَوْتُ الرِّيحِ يَحْمِلُ ذِكْرَهَا
سَقَا الرُّوحَ حُبًّا بَاتَ مَرَاضِيَّا
كَأَنَّ لَهَا فِي كُلِّ حَرْفٍ عِبَادَةٌ
فَحُبُّكِ يَا سَارَةُ غَدَا لِي نَبِيَّا
وَكَمْ قَدْ سَقَتْ قَلْبِي بِلَمْحٍ مَلَامِحًا
كَأَنِّي بِهَا فِي الْحُلْمِ طِفْلًا غَدِيَّا
وَكَمْ قَدْ تَسَاءَلْتُ اللَّيَالِي: مَتَى أَرَى
وِصَالَكِ يَا سَارَةُ، فَصِرْتُ شَكِيَّا
إِذَا كُنْتِ أَنْتِ النَّجْمَ فِي أُفُقِ حُبِّنَا
فَإِنِّي أَنَا الْبَحْرُ الَّذِي كُنْتِ رِيَّا
أَذُوبُ إِذَا مَا هَمْسَةٌ مِنْكِ أَقْبَلَتْ
وَأُصْبِحُ سَيْفًا لِلْهَوَى مُرْهَفِيَّا
فَيَا مَنْ لَهَا دَمْعُ الْقَصَائِدِ مَاحِقٌ
فَلَا تُطْفِئِي شِعْرِي بِصَدٍّ جَفِيَّا
فَأَنْتِ الْأَمَانِي فِي الْحَيَاةِ جَمِيعُهَا
وَأَنْتِ لِقَلْبِي كَالشُّرُوقِ جَلِيَّا
إِذَا غَابَ عَنْ عَيْنَيْكِ صُبْحٌ فَإِنَّنِي
أُكَفِّنُ عُمْرِي بِالْحُزْنِ مَطْوِيَّا
أَيَا زَهْرَةَ الْآمَالِ، رُوحِي مُهْجَةٌ
تُنَاجِيكِ، هَلْ تَبْقِينَ لِي أَبَدِيَّا
فَلَا الْقَلْبُ يَنْسَى كَيْفَ كُنْتِ مَلَاكَهُ
وَلَا الْعَقْلُ يَنْسَى حُبَّكِ الْأَبْهَيَّا
أَتَيْتُكِ لَا أَحْمِلُ سِوَى حُبِّ عَاشِقٍ
يَرَاكِ مَلِيكًا لِلْعَوَاطِفِ وَفِيَّا
سَأَكْتُبُ فِي عِشْقِكِ مِائَةَ مَلْحَمَةٍ
وَأَرْوِي بِهَا شَوْقًا عَتِيقًا خَفِيَّا
فَيَا لَيْتَ دَهْرَ الْحُبِّ يُطْوَى زَمَانُهُ
لِنُصْبِحَ فِي فِرْدَوْسِ عِشْقٍ سَوِيَّا
387
قصيدة