عدد الابيات : 19
قِفْ بِالْقَاهِرَةِ الْغَرَّاءِ مُعْتَبِرًا
تَذْكُو الْمَعَالِمُ مَاضٍ زَانَهُ الْأَثَرُ
تِلْكَ الَّتِي زَخْرَفَتْ أَيَّامَهَا حِقَبٌ
مِنَ الْخُلَفَاءِ، فَمَا ضَاقَتْ وَمَا قَصُرُوا
أُمَوِيَّةُ الْمَجْدِ مَا زَالَتْ مَنَائِرُهَا
تَنْثَالُ عَبْرَ زَمَانٍ خَطَّهُ الْقَدَرُ
وَالْعَبَّاسِيُّونَ زَادُوا نُورَ عَاصِمَةٍ
حَتَّى أَضَاءَتْ لِكُلِّ السَّائِرِينَ دُرَرُ
وَمِنْ مَمَالِيكَ زَاهَتْ فِي جَلَالَتِهَا
كَالنَّجْمِ يُبْهِرُ عُلْيَاهُ وَيَزْدَهِرُ
إِلَى مُحَمَّدَ عَلِي، مَجْدُهُ عَلَمٌ
تَشْدُو بِهِ الدُّنْيَا أَشْعَارٌ وَمُؤْتَمَرُ
وَحِينَ دَحَرَتْ جُنُودَ الظُّلْمِ قَاهِرَةٌ
تَهَاوَتِ الرُّوحُ فِي كَفَّيْهَا تَنْتَصِرُ
فَهَلْ رَأَيْتَ كَمِ النِّيلِ اغْتَرَفْتُ بِهِ
عَذْبَ الْحَيَاةِ، وَكَمْ غَنَّى لَهُ الْبَشَرُ
يَمُرُّ فِيهَا كَعِقْدٍ مَنْثُورِ جَامِعِهِ
كُلُّ الْمَعَانِي الَّتِي تُحْيِي وَتُزْدَهِرُ
جِبَالُهَا قَلَّدَتْ تَاجَ الْجَلَالَةِ مَا
لِلرِّيحِ فِيهَا وَلَا لِلْبَغْيِ مُنْتَصَرُ
أَهْلُ الْكَرَامَةِ، فِي أَعْمَاقِهِمْ شَرَفٌ
مَا خَانَ عَهْدًا وَلَا مَالَتْ لَهُمْ سِيَرُ
إِنْ شِئْتَ فَاذْكُرْ جَلَالَ الْقَاهِرِيَّةِ فِي
كُلِّ الزَّوَايَا، تَرَى الْأَرْوَاحَ تَفْتَخِرُ
مِنْ أَزْهَرٍ فِي عُلُومِ الدِّينِ نَشْرَتُهُ
إِلَى مَدَائِنَ حَوْلَ الْمَجْدِ تَنْصَهِرُ
مَنْ مِثْلُهَا، قَدْ حَبَاهَا اللَّهُ مَنْزِلَةً
مِنْ فَوْقِهَا كُلُّ إِكْلِيلٍ لَهَا عَثَرُ
وَكَيْفَ تَنْسَى قُيُودَ الظُّلْمِ قَدْ كُسِرَتْ
حَتَّى أَصَابَتْ بِهَا مَنْ ظَلَمُوا كَبَرُوا
قَدْ قَامَ أَحْرَارُهَا يَشْدُونَ صَرْخَتَهُمْ
لِلْحَقِّ حَتَّى دَمَى مِنْهُمُ الْحَجَرُ
دَكُّوا بِصَوْتِ الْكَرَامَاتِ الطُّغَاةَ، وَمَا
لِلْقَهْرِ إِلَّا كَمِثْلِ السَّيْلِ يَنْحَدِرُ
يَا مِصْرُ، يَا قِبْلَةَ الْأَحْرَارِ، يَا عَلَمًا
فِيهِ الْحُقُوقُ تُبَاهِي زَهْرَتَا عُمُرُ
هَذَا الْمَدِيحُ لَكِ التَّارِيخُ يُحْفِظُهُ
فِي صَدْرِهِ كَمَا يُحْفَظُ الشِّعْرُ
400
قصيدة