عدد الابيات : 145
طباعةهَاهُوَ قَلَمِي يَسِيرُ فِي دَرْبِ الْهَوَى
يَنْسِجُ مِنْ أَحْلَامِ الْوَصْلِ أَجْمَلَ سِيَرِ
يَهْدِي النَّفْسَ لِرِحْلَةٍ بَيْنَ أَمَانِي
تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا نَبْضَ الْقَلْبِ الذُخّْرِ
فِي كُلِّ بَيْتٍ تَغَنَّى الشَّوْقُ وَالطُّمُوحُ
وَالرُّوحُ تُحَلِّقُ فَوْقَ ظِلِّ الزَّمَنِ الْمَسِيرِ
فَلْتَسْمَعِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ مَا قِيلَ هُنَا
فَهَذَا شِعْرِي، وَفِي حُبِّكِ دَفِينُ الْجَمْرِ
مُهْلًا لِقَصِيدَةٍ جَاءَتْ مِنْ أُفْقِ الْوَحْدَةِ
تَسْرِي لنَّجْمِ الدُجَى رُّوحَِ النَّبْضِ وَالشَّرَرِ
هَاهُوَ قَلَمِي يَسْطُرُ أَسْرَارَ الْهَوَى بِرِقَّةٍ
يَحْمِلُ نَبْضَ الْعِشْقِ وَشَجَنَ الْقَلْبِ الْعَطِرِ
فِي كُلِّ سَطْرٍ تَغَنَّى الْوَصْلُ وَالرَّجَاءُ
وَصَدَى الذِّكْرَى يَحْلُو بَيْنَ طَيَّاتِ الْمَآثرِ
هِيَ رِحْلَةُ حُبٍّ لَا يَغِيبُ عَنْهَا الْفَجْرُ
تُزْهِرُ فِي قَلْبِي كَسِحْرِ الرَّبِيعِ الزَّهْرِ
فَلْتَسْمَعِ الدُّنْيَا أَنَّ الْهَوَى بَحْرٌ لَا يَنْفَدُ
وَأَنَّ شِعْرِي هَاهُنَا أَمْسَى سِرَّ وَشْمِ الْقَدَرِ
هَامَتْ بِنَا نَغَمَاتُ الشِّعْرِ فِي طَرَبٍ
وَانْسَابَ شَوْقُ الْمُنَى يَسْقِي بِلَا أَثَرِ
فَكَيْفَ أُخْفِي جُنُونَ الْحُبِّ فِي دَمِي
وَصَوْتُ ذِكْرَاكِ أَحْلَى مِنْ صَدَى الْوَتَرِ؟
يَا سَارَةَ الْعُمْرِ، إِنِّي لَا أَرَاكِ سِوَى
فَجْرٍ يُنِيرُ طُرُقَ الْوَحْدَةِ الْحَذِرِ
مُذْ قُلْتِ "هَاتِ الْهَوَى" كُنْتُ مُنْتَظِرًا
فَصُغْتُ لِلَفْظِكِ الْمَسْحُورِ مِنْ سَحَرِ
وَهَا أَنَا الْآنَ فِي أَعْمَاقِ مُعْتَرَكِي
أُبْقِي عَلَى الْوَعْدِ أَشْلَاءً عَلَى الْخَطَرِ
مَا خُنْتُ عَهْدَكِ، بَلْ إِنِّي عَلَى طُرُقِي
أَمْشِي وَأَكْتُبُ حُلْمَ الْعِشْقِ فِي سَطَرِ
إِنِّي لَأَذْكُرُ أَيَّامًا بِهَا رَقَصَتْ رُوحِي
كَرَقْصِ زَهْرَةِ رَبِيعٍ فَوْقَ مُنْحَدَرِ
فَكَيْفَ أَنْسَى وَمَا زَالَتْ بَرَاقَتُهَا
تُزْهِرُ كَالْبَدْرِ فِي لَيْلِ الْهَوَى السَّهَرِ؟
قَدْ قُلْتُهَا صَادِقًا: إِنِّي لَكِ قَمَرٌ
يَهْدِي خُطَاكِ، وَقَلْبِي مُوقِدُ النَّارِ
قَدْ كُنْتِ نَبْضَ الْمُنَى فِي كَوْنِنَا وَطَرِي
وَحُلْمُ عُمْرِي مَا زَالَتْ لَهُ سَفَرِي
تَرْتَاحُ نَفْسِي إِذَا طَيْفُكِ بَسْمَتُهُ
تَسْقِي جُرُوحِي وَتُبْقِي الْوُدَّ فِي سَيْرِي
أَشْكُو لِحُرْقَتِهَا قَلْبًا يُنَازِلُنِي الهَوَّى
مَا زِلْتُ أَهْفُو وَفِي عَيْنَيْكِ مَفْتَخَرِي
لَوْ كَانَ فِي الْحُبِّ قَافِيَةٌ تُجَسِّدُنِي
كُنْتُ الْبَيَانَ وَفِيكِ الشِّعْرُ مِنْ دُرَرِ
فِي كُلِّ شَبْهٍ لَكِ التَّشْبِيهُ مُنْكَسِرٌ
فَكَيْفَ أَصْدُقُ وَهْمًا فِيهِ مِنْ كَسَرِ؟
قَدْ بَاحَ صَمْتِي بِأَشْوَاقِي الَّتِي احْتَرَقَتْ
وَانْهَارَ دَمْعِي وَمَا فِي الدَّمْعِ مِنْ خَبَرِ
لَكِنَّنِي وَعُيُونُ الشَّوْقِ تَسْأَلُنِي
هَلْ لِلرُّجُوعِ سُبُلٌ تُرْجَى لِمُنْحَدَرِ؟
فَإِنْ بَقِينَا عَلَى بَعْضِ الْهَوَى أَمَلًا
فَالْحُبُّ يُزْهِرُ مَهْمَا بَانَ مِنْ خَطَرِ
قَدْ كَانَ صَوْتُكِ فِي أَحْلَامِنَا وَتَرِي
وَكُلُّ لَحْنٍ بِهِ يَسْقِينِيَ السَّحَرِ
يَا مَنْ سَكَنْتِ دِمَائِي بَعْدَ نَاصِيَةٍ
فَكَيْفَ تَمْحُو هَوَاكِ الرِّيحُ وَالْمَطَرِ؟
يَا نَبْضَ قَلْبِي، أَمَا زِلْتِ الَّتِي خَفَقَتْ
لَكِ الضُّلُوعُ، وَمَا لِلْوَجْدِ مِنْ حَذَرِ؟
مِنْ يَوْمِ أَوَّلِ حُبٍّ كُنْتِ فِي دَمِي
كَنَبْتَةٍ أَزْهَرَتْ فِي أَعْمَقِ الْجُذُرِ
لَمْ أَبْتَعِدْ، غَيْرَ أَنَّ الْحُبَّ أَرْهَقَنِي
وَكَيْفَ يَصْفُو لَنَا الْوَصْلُ بِالْقَدَرِ؟
مَا زِلْتُ أَكْتُبُ فِي عَيْنَيْكِ أُغْنِيَتِي
وَالشِّعْرُ يَبْكِي عَلَى أَحْرُفْكِ الْأُخَرِ
كُلُّ اللُّغَاتِ الَّتِي عِنْدِي تَبَسَّمَتْ
خَجِلَتْ أَمَامَ جَمَالٍ فِيكِ مُنْتَصِرِ
لَوْ يَسْتَطِيعُ لِوَصْفِ الْحُسْنِ قَافِيَتِي
مَدَّ الْبَيَانُ جُنُونَ الْحَرْفِ وَمُنْتَثَرِ
قَدْ كُنْتِ بَيْنَ خُيُوطِ الْوَقْتِ أُقْصُوصَتِي
وَالْآنَ صِرْتِ لِجُرْحِي طَيْفَ مُنْدَثِرِ
يَا مَنْ دَخَلْتِ إِلَى الْأَحْلَامِ مُبْتَسِمَةً
وَالْحُلْمُ أَغْفَلَنَا فِي شَرْكِهِ الْبُخّْرِ
هَلْ تَسْمَحِينَ لِهَذَا الْوَجْدِ أَنْ يَبْقَى
فِي صَدْرِكِ الْمُتْعَبِ الْمَكْسُوِّ بِالْوَتَرِ؟
أَمْ هَلْ أُطَالِبُ فِي أَيَّامِنَا سَكَنًا
وَكُلُّ مَا حَوْلَنَا فِي الْحُبِّ مُنْكَرِ؟
أُخْفِي وُجُودِي فِي الْأَشْوَاقِ مُنْكَبًّا
وَأَرْسُمُ الْوَصْلَ بَيْنَ الْحَرْفِ وَالصُّوَرِ
مَا زِلْتُ أَشْهَدُ أَنَّ الْعِشْقَ مَرْكَبُنَا
وَأَنَّهُ غَارِقٌ فِي الْبَحْرِ وَالْقَدَرِ
قَدْ كَانَ فِي كُلِّ نَبْضٍ صَوْتُكِ انْتَبَهَتْ
لَهُ الضُّلُوعُ وَنَادَتْنِي إِلَى الْأَثَرِ
كُلُّ الْحَنِينِ إِلَيْكِ الْآنَ يَأْكُلُنِي
حَتَّى غَدَوْتُ بِدُونِ الشَّوْقِ فِي خَطَرِ
مَا كَانَ ذَنْبِي سِوَى أَنِّي لَكِ قَمَرٌ
فِي كُلِّ دَجْنَةِ لَيْلٍ يَهْتَدِي الْقَمَرِ
إِنِّي كَتَبْتُكِ أَشْعَارًا مُوَشَّحَةً
فَهَلْ لِذِكْرَايَ فِي ذِكْرَاكِ مِنْ خَبَرِ؟
هَذِي خُطُوطُ الْهَوَى بِالدَّفْتَرِ احْتَرَقَتْ
وَالْآنَ تَسْكُنُ نَارًا فِي دَمِي الْحَذِرِ
أُهْدِيكِ شِعْرِي، وَفِي أَحْرُفِهِ قَمَرٌ
مِنْ نُورِ قَلْبِي وَنَبْضِي صَاغَ مُتَقَّطْرِ
فَلْتَسْكُنِي فِي رُبَى الْأَشْوَاقِ مُنْعَدِلَا
فَالرُّوحُ تَهْفُو وَفِي أَحْلَامِهَا الْخَفَرِ
هَذِي خَوَاطِرُنَا تَبْقَى عَلَى وَجَعٍ
وَالشِّعْرُ يَكْتُبُنَا فِي نَغْمَةِ الوَّتَرِ
مَا زِلْتُ أَسْقِي هَوَاكِ الْعَذْبَ مِنْ قَلَقِي
وَأَكْتُمُ الْوَجْدَ فِي صَمْتٍ عَلَى ضَجَرِ
أَهْفُو إِلَيْكِ وَفِي كُلِّ الطُّرُوقِ دَمٌ
يَسِيلُ نَحْوَكِ فِي صَبْرٍ وَفِي كَدَرِ
أُغْنِي لِوَجْهِكِ فِي لَيْلِي أُرَتِّلُهُ
كَنَايَةِ الْحُبِّ فِي أَعْذَبِنَا الصُّوَرِ
فَإِنْ تَغِيبِي، فَنُورُ الْحُلْمِ يَتْبَعُنِي
وَيَحْمِلُ الصَّبْرَ فِي الْأَحْشَاءِ كَالْجُمَرِ
يَا أُنْشُودَتِي، يَا نَبْضًا أُرتِلُهُ ، أُرَتِّقُهُ
فِي خَافِقِي مِنْ جُرُوحِ الْوَقْتِ وَالْخَبَرِ
عَيْنَاكِ مَرْسًى لِأَشْوَاقِي، وَفِي طَلَلِي
مَا زَالَ دِفْءُ اللِّقَاءِ الْمُرِّ كَالْعَبَرِ
كَيْفَ التَّجَافِي؟ وَفِي طَيْفِكِ مَأْوَيْنَا
وَكَيْفَ أَنْسَى؟ وَكُلُّ الْحُبِّ فِي نَظَرِي
حَتَّى الصَّبَاحُ إِذَا نَادَاكِ يَسْأَلُنِي
مَاذَا فَعَلْتِ بِقَلْبٍ فَاضَ فِي حَذَرِ؟
قَدْ كُنْتِ نُورَ حَيَاتِي كَيْفَ أُخْفِيكِ؟
وَالشَّوْقُ يُقْسِمُ أَنْ يُلْقِيكِ فِي قَدَرِي
أَمْشِي إِلَيْكِ، وَفِي كُلِّ الْمَدَى أَمَلٌ
يَشُدُّنِي كَحَنِينِ الطِّفْلِ لِلْصَّدْرِ
كُلُّ الدُّرُوبِ إِلَيْكِ الْآنَ مُتَّصِلَةٌ
بِالدَّمْعِ، بِالرِّيحِ، بِالذِّكْرَى، وَبِالْمَطَرِ
مَا ضَلَّ قَلْبِي، وَإِنْ غَابَتْ مَنَازِلُكِ
فَكَيْفَ يَضِلُّ قَلْبٌ سَارَ فِي الْسَّمَرِ؟
صَوْتُكِ نَبْضٌ، وَفِي النَّبْضِ ارْتِجَافَتُهُ
كَمَا ارْتَعَاشِ اللُّجَيْنِ الْبَارِقِ الْخَفِرِ
كَمْ لَحْنُكِ اسْتَنْبَتَ الْأَحْلَامَ فِي دَمِي
وَكَمْ تَسَامَى بِهَا حُزْنِي عَلَى كَبَرِ
نَادَيْتُ صُوَرَكِ، لَكِنْ كُلُّهَا لَجَلٌ
تَفْنَى، وَفِي الْقَلْبِ تَبْقَيْنِي عَلَى شَغَرِ
لَوْ كَانَ بِي أَنْ أُسَمِّي الْوَجْدَ مِنْ شَجَنٍ
لَقُلْتُ: سَارَةُ وَحْدَهَا تُحْيِي لَهُ سُوَرِي
كُنْتِ الْيَقِينَ وَفِي حَسْرَاتِ أُمْنِيَتِي
كُنْتِ الصَّلَاةَ عَلَى أَسْوَارِ مُنْتَظَرِي
وَالْآنَ أَكْتُبُكِ الْكُبْرَى، وَفِي قَلَقِي
خَوْفُ النِّهَايَاتِ يَسْتَبْقِي عَلَى صُوَرِي
يَا مَنْ مَضَيْتِ، وَمَا زَالَتْ خُطَاكِ هُنَا
تَسْقِي ظِلَالِي بِآهَاتٍ مِنَ الْكَدَرِ
قَدْ كُنْتِ شِعْرِي، فَهَلْ للشِّعْرِ مَغْفِرَةٌ؟
تُخْفِي جُنُونِي، وَتَسْتَبْقِي عَلَى الْصَدْرِ؟
وَكَمْ سَقَيْتُكِ مِنْ قَلْبِي وَمِنْ نَظَرِي
وَكَمْ نَثَرْتُ لَكِ الْأَيَّامَ كَالزَّهَرِ
مَا كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّ الْوَقْتَ يَجْرَحُنِي
وَيَسْتَبِيحُ بَقَايَايَ الْبِلَا وَطَّرِ
إِنِّي عَرَفْتُكِ وَالْأَيَّامُ مُخْتَبِئَةٌ
خَلْفَ الرَّمَادِ، تُنَادِينِي إِلَى قَمَرِي
لَكِنْ نَجَوْتِ، وَمَا لِلْحُبِّ مِنْ مَفَرٍّ
إِلَّا بِعَيْنَيْكِ يَا نُورَ القَمَّرَ الْمُنَوِرِ
أَنْتِ الَّتِي جَعَلَتْ صَوْتِي يُنَادِمُنِي
وَيَسْتَعِيدُ بِكِ الْأَشْوَاقَ فِي سَحَرِ
مَا زِلْتُ أَكْتُبُ وَالذِّكْرَى تُلَاحِقُنِي
تَشُدُّنِي، وَأَنَا أَمْشِي عَلَى خَطَرِ
حَتَّى دُمُوعِي غَدَتْ تُخْفِي حَنِينَهُمَا
مِنْ كَثْرَةِ الشَّوْقِ فِي صَمْتٍ وَفِي حَذَرِ
أُحِبُّكِ الْآنَ، لَا غِشًّا وَلَا وَهْمًا
وَلَا خَيَالًا يُغَازِلُنِي وَيَنْكَسِرِ
يَا سَارَةَ الْعُمْرِ، مَا زَالَتْ أَنَامِلُنَا
تُخْطِي مَعَ الْحُبِّ أَحْلَى لَحْنٍ وَجَّرِ
فَلْتَسْمَحِي لِيَ إِنْ خَانَتْنِيَ الْعِبَرُ
فَالْقَلْبُ يَبْكِي عَلَى مَاضٍ مِنَ الذِّكْرِ
كَمْ مَرَّ مِثْلِي عَلَى الْأَشْوَاقِ مُنْكَسِرًا
لَكِنْ نَهَضْتُ عَلَى وَعْدٍ مِنَ الْعُمْرِ
لَا تَسْأَلِي الْحُبَّ عَنْ قَلْبٍ تَفَجَّرَهُ
نَبْضُ الْحَنِينِ وَهَوْجَاتٌ مِنَ السَّهَرِ
إِنِّي عَشِقْتُكِ وَالْأَيَّامُ عَارِيَةٌ
مِنْ كُلِّ زَيْفٍ وَزَخْرَافٍ وَمِنْ خُدَرِ
كَمْ مَرَّ مِنْ فَوْقِنَا لَيْلٌ وَمِنْ تَحْتِنَا
مَوْجٌ، وَكُنَّا عَلَى النَّجْمِ الْمُنَوَّرِ
وَالْآنَ أَجْلِسُ وَالْأَطْلَالُ فِي دَمِي
وَكُلُّ نَبْضٍ يُنَادِينِي إِلَى سَفَرِ
قَدْ كُنْتِ سِرِّيَ وَالْأَسْرَارُ مُنْغَلِقَةٌ
فَصِرْتِ لِي كَلِمَاتِ النُّورِ وَالسِّحْرِ
يَا مَنْ نَفَخْتِ عَلَى رُوحِي مَوَاجِعَهَا
وَصِرْتِ فِي حُلْمِيَ الْمَجْنُونِ كَالْقَمَرِ
أَرْسَلْتُ لَكِ مِنْ صَمِيمِ الْوَجْدِ مُفْتَتِحًا
صَفْحَاتِ قَلْبِي، فَهَلْ تَأْتِينَ فِي نَظَرِ؟
مَا زِلْتُ أَحْمِلُ أَشْوَاقِي عَلَى أَمَلٍ
وَالْفَجْرُ يَحْكِي لِيَ الْأَيَّامَ كَالزَّهَرِ
فَهَلْ نُتِمُّ الرُّؤَى؟ أَمْ كُلُّهَا خَرِبَتْ
فِي صَمْتِنَا الْمُرِّ وَالْأَحْلَامِ فِي الْحَجَرِ؟
كَمْ سَارَ فِي نَفْسِي صَدَى حُبِّكِ أَسْطُرُهُ
فِي دُرُوبِ الْهَوَى يَحْلُمُ بِصَبْرٍ مُتَقَدِّرِ
لَوْلَا نَبْضُكِ فِي الْعَيْنِ، وَقَلْبِي لَمْ يَفْهَمْ
كَيْفَ تَحْيَا الرُّوحُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَالْغَدَرِ؟
وَأَنْتِ كَالزَّهْرِ تَفْتَحِينَ وَتَسْرِي نَسَمَاتُهُ
تُنَادِي الْوُجُودَ فِي لَيْلٍ مَلَأَهُ الْخَفَرِ
فَكَيْفَ أَصْفِي وَهْنَ الْعِشْقِ وَالشَّوْقَ
وَأَنْتِ فِي جَنَاحِي نَغْمَةٌ وَصَدَى الْنَّهْرِ
لَقَدْ عَرَفْتُ الْوَصْلَ يَا مَلِكَةَ أَحْلَامِي
وَفِي عَيْنَيْكِ سَكَنَ الْهَوَى وَالْقَلْبُ مُحْتَضَرِ
فَإِنْ تَفَرَّقْنَا، فَكُلُّ الْقُلُوبِ تُعَانِي
تُغَنِّي لِلْهَوَى وَتَذْكُرُ كُلَّ لَحْظَةٍ مِنْ دَهَرِي
يَا مَنْ بِكِ الْحَيَاةُ تُزْهِرُ وَتَسْرِي فِي دَمِي
وَكُلُّ نَبْضٍ فِي الرُّوحِ يُحْيِيهِ الْمُنْتَظَرِ
لَا تَسْأَلِي عَنِ الْحُبِّ، فَإِنَّهُ مَا بَقِيَ
سِوَى وَجْدٍ يُحَلِّقُ لصَدْرِي بِشَغَفٍ مُسْتَتِرِ
وَأَنَا لِكُلِّ حَرْفٍ أُخْبِرُهُ عَنْ نَفْسِي
وَأَرْسُمُ الْوَصْلَ لِقَلْبِ الْحُبِّ مُسَطِّرِ
فَهَذِهِ دُرُوبُ الْهَوَى وَأَحْلَامُ السِّنِينَ
تَنْقُشُ في رُوحِي نَغَمَاتٍ لفَضْلٍ مُبْصِرِ
يَا رَاحِلَةً فِي مُهْجَةِ الْعُشَّاقِ، لَا تَبْكِي
فَإِنَّ الْقَلْبَ لَكِ يَحْنُو بِغَيْرِ الكَسَرِ
وَسَأَبْقَى أَسْمَعُ لَهَا رِنَّاتِ الْوُصُولِ
لِلَيْلِ الشَّوْقِ، و يَسْكُنُ صَدَى الْخَطَرِ
وَكَيْفَ لَا أُحِبُّكِ، وَكُلُّ الْأَمَانِي بِكِ
تُزْهِرُ كَالرَّيْحَانِ لِعِطْرِ الْوَرْدِ الْمُتَصَدِّرِ
فِي صَمْتِي أَنْسَجُ كُلَّ لَحْنٍ وَكَلِمَةٍ
تُحْيِي رُوحِي، وَتُشْعِلُ الْقَلْبِ الْمُسْفِرِ
لَيْسَ بالْعَالَمِ مَا يُشْبِهُ نَبْضَكِ وَسَحَرَهَا
فَهِيَ الْمُهْجَةُ، وَالْوَصْلُ، وَالْحُبُّ الْأبْرَّرِ
وَسَارَ فِي رُوحِي نَفْحُكِ كَمَا يَسْرِي النَّهْرُ
يُغَنِّي لِلْهَوَى فِي صَدْرِي بِوِدَادٍ مُخْتَصِرِ
لَوْ أَخْبَرْتِ الْقَمَرَ عَنْ حُبِّي وَوَصْلِي
لَمَا رَاحَ بِلَا نَجْمٍ يَرْعَى السَّمَا بِالظَفَرِ
وَفِي كُلِّ زَهْرَةٍ، أَرَى طَيْفَكِ يَنْسَابُ
كَمَا يَنْسَابُ الْوَرْدُ عَلَى الرُّوحِ وَالْنَظَّرِ
وَكَيْفَ أَخْلُقُ الْكَلِمَاتِ دُونَ نَبْضِكِ
وَكُلُّ الْحُبِّ فِي الْقَلْبِ سَكَنَ كَمُسْفِّرِ
لَقَدْ رَسَمْتُ لَكِ فِي مَسَارِ الْحَيَاةِ
أَجْمَلَ أَلْوَانٍ، وَنَغَمَاتٍ مِنَ الْصَدرِ
وَسَأَبْقَى أَرْوِي حُبَّكِ فِي كُلِّ نَبْضَةٍ
حَتَّى يَسْتَفِيقَ الْهَوَى مِنْ سُبَاتِ الْمُسَافِرِ
لَا تَخَافِي مِنْ بُعْدٍ وَلَا مِنْ ظِلَالٍ
فَحُبُّنَا أَبْرَزُ مِنْ كُلِّ ظِلٍّ مُقَرْرِ
يَا رَاقِيَةَ الْعُيُونِ، وَأَمَلَ الْفُؤَادِ
لَا تَسْتَغْرِبِي للْوَجْدِ مَا كَانَ مُخْتَصِرِ
أَنَا الْهَوَى يَنْسَابُ فِي رُوحِي كَأَنَّهُ
مَاءٌ يَسْقِي لِصَدْرِي زَهْرَاتِ الْوَصْلِ مُظَفَّرِ
وَكَيْفَ لِي أَنْسَى مَنْ سَكَنَ قَلْبِي بِوُجُودٍ
كَأَنَّهُ الْبَدْرُ يَشْرُقُ فِي لَيْلِ الْمُدْبِرِ
لَوْ تَرَى حُبِّي لَكِ فِي كُلِّ نَغْمَةٍ وَكَلِمَةٍ
تَحَلَّقَتْ فِي نَفْسِي، وَأَشْعَلَتْ كُلَّ سَقَرِ
وَأَنَا الْوَحْدَةُ وَالْهَوَى وَكُلُّ الْأَحْلَامِ
وَكُلُّ الْوُدِّ يُسْكَبُ فِي عَيْنِ الْقَلْبِ مُزْهِرِ
لَا تُجَادِلِي الْقَلْبَ، فَهُوَ مَلِيءٌ بِحُبِّكِ
وَيَخْتَصِرُ لِكُلِّ حَرْفٍ قِصَّةَ الْنْصْرِ
هَذَا الْوَصْلُ بَيْنَنَا أُسْطُورَةٌ تُرْوَى
عَلَى صَدَى الْعِشْقِ وَدَمْعِ الْعَيْنِ وَالْجَفَرِ
فِي كُلِّ لَحْظَةٍ أُهْدِي لَكِ كَلِمَةً
تَحْتَ ظِلِّ الْهَوَى وَنَبْضِ الرُّوحِ الْمُقَرْرِ
وَكَيْفَ أَنْسَى عِطْرَكِ يَسْرِي فِي فَجْرِي
يُنَادِي الرُّوحَ بِوَصْلٍ لَا يَفْنَى وَ يَحْتَضِرِ
يَا مَنْ بِحُبِّكِ كَمْ مَرَّةً رَقَصَ قَلْبِي
وَأَحْلَامِي تَسْمُو فَوْقَ سُحُبِ الْمَطَّرِ
لَا تَخَافِي مِنْ فِرَاقٍ وَلَا مَسَافَةٍ
فَالْوَصْلُ عِنْدِي أَبَدًا أَغْلَى مِنَ الْشِعّْرِ
وَأَنَا الَّذِي أَسْكُبُ نَبْضِي عَلَى وَجْهِكِ
كَمَا تَسْقِي الْمَطَرُ زَرْعَ الرُّوحِ طُهْرِ
لَوْ كَانَ الْهَوَى يُقَاسُ بِالْكَلِمَاتِ
لَكَانَتْ قَلْبِي كُلَّهُ شِعْرًا لَا يَزِلُّ وَ يَخْسَّرِ
وَفِي كُلِّ لَحْظَةٍ تَتَأَلَّقُ نَجْمَاتُهَا
تُشْرِقُ عَلَى مُهْجَتِي وَتُذَكِّرُنِي بِالْظَفَّرِ
أَسْمَعُ نَبْضَاتِكِ تَرْنُو إِلَيَّ أَسْهُرُ
وَأَحْلَامِي تَسْكُنُ لَيْلِي كَأَنَّهَا نَجْمَةُ الْثَمَّرِ
فَلْتَكُنِ الْحَيَاةُ وَصْلًا يَسْمُو فِي أَرْوَاحِنَا
وَلْتَسْكُنِ الْمَحَبَّةُ فِي نَفْسِي كَأَنَّهَا السُّرُرِ
وَسَأَكْتُبُ لَكِ دَوْمًا كُلَّ كَلِمَةٍ وَحُبٍّ
تَغْرِيدُ الطُّيُورِ فِي صَدْرِي وَالرُّوحِ الْوَقَّرِ
لَا تَسْأَلِي عَنِ الزَّمَنِ، فَهُوَ رَحِمُ الْوَصْلِ
وَكَيْفَ يَجْفُو عَنْ حُبٍّ بَنَى دَرْبَهُ الْمُسَوَرِ
فِي كُلِّ نَفْسٍ أُشْعِلُ نَارَ الْوِدَادِ وَالْوَجْدِ
وَأَسْكُنُ حُبَّكِ كَمَا يَسْكُنُ الغَيْمَ الْمَطَرِ
وَإِنْ دَقَّتْ أَسْوَاقُ الْهَوَى فِي لَيْلِي سَكَنَتْ
فَهِيَ بَرْقَةُ نُورٍ تَسْكُنُ الْقَلْبَ الْمُنَضَرِ
لَا يَزَالُ شَوْقِي يُنَادِي عَلَى اسْمِكِ كُلَّ وَقْتٍ
وَ بِالصَّدْرِ نَبْضٌ لَا يَخْذُلُ الْحُبَّ الْمُقَدَرِ
أَنْتِ النَّبْرَةُ الْحَيَّةُ فِي دُرُوبِ الْمُهْجَةِ
وَأَنَا الْمُنْتَظِرُ لِوَصْلِكِ بِقَلْبٍ مُتَصَفِّرِ
فَسَارِعِي لِتَرْفَعِي عَلَمَ الْوَصْلِ بَيْنَنَا
وَتُشْرِقِي نُجُومَ الْهَوَى عَلَى كُلِّ غَدَرِ
سَأَبْقَى أَحْفَظُ الْعَهْدَ وَالْوَصْلَ لِلْأَبَدِ
كَمَا يَحْفَظُ الْقَمَرُ نُورَهُ فِي لَيْلِ الْقَمَرِ
فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَسْطُرُ اسْمَكِ عَلَى صَدْرِي
كَمَا يُحَفِّرُ الْمَدَى اسْمَهُ فِي حَجَرِ
وَأَنْتِ الْهَوَى، وَأَنَا لَكِ الْوُجُودُ الْوَاحِدُ
فِي لَيْلِ الْحُبِّ أَسْمَعُ نَبْضَ الْدُرَّرِ
فَلْتَكُنْ قُصَّتُنَا أَبَدِيَّةً كَالْأَنْجُمِ
تَتَلَأْلَأُ فِي ظُلْمَةِ الدَّهْرِ بِقَلْبٍ مُشْتَفِرِ
وَسَأَبْقَى أُغَنِّي لَكِ بِكُلِّ نَبْضٍ وَكَلِمَةٍ
حُبًّا يَسْكُنُ الْأَرْوَاحَ، وَيَخْلُدُ فِي السَّفَرِ
فِي غَيْبَةِ الْوَجْدِ، لَوْ لَاحَتْ مَلَامِحُكُمْ
عَادَ الْحَنِينُ بِقَلْبِي زَاخِرَ الصُّوَرِ
أَشْكُو الزَّمَانَ وَفِيكِ الدَّهْرُ مُبْتَسِمٌ
وَأَسْتَبِينُ رُؤَاكِ الضَّوْءَ فِي الْبَصَرِ
مَا كَانَ حُبُّكِ إِلَّا نَبْضَ قَافِيَتِي
وَلَحْنَ أَحْرُفِهَا فِي خَلْقِهِمْ سَطَرِي
إِنِّي أَخَافُ عَلَى ذِكْرَاكِ مِنْ أَلَمٍ
أَوْ أَنْ يَمُرَّ بِهَا صَوْتٌ مِنَ الْخَطَرِ
فَلْتَكْتُبِي فِي جَبِينِ الشَّوْقِ قِصَّتَنَا
وَلْتَشْهَدِي أَنَّنِي مِنْ أَوَّلِ الظَّفَرِ
قَدْ كُنْتُ أَهْدِفُ فِي شِعْرِي لِمَرْتَبَةٍ
تَسْمُو بِذِكْرَاكِ، لَا تَهْوِي إِلَى الْحَذَرِ
وَهَاكِ خَاتِمَةً مِنْ نَبْضِ مُلْهَمَتِي
تَخْتَامُهَا الْوَعْدُ فِي صَوْتٍ مِنَ الْقَدَرِ
417
قصيدة