عدد الابيات : 30
أَيَا سَارَةَ السِّحْرِ الَّذِي لَا يُقَاوَمُ
تَهِيمُ بِهِ الْأَرْوَاحُ حَيْثُ تُنَاغِمُ
تَسَامَتْ لِبَدْرِ الدُّجَى وَهِيَ أَبْهَى
كَأَنَّ مُحَيَّاهَا الضِّيَاءُ الْمَلَاحِمُ
إِذَا لَاحَ فِي لَيْلِ الظَّلَامِ جَبِينُهَا
تَوَارَى بِهِ الْبَدْرُ الْجَلِيلُ يُسَالِمُ
وَعَيْنَاكِ بَحْرٌ مِنْ خَيَالٍ مُبْهِرٍ
بِهِ الْكَوْنُ يَنْسَابُ الْجَمَالُ وَيَحْلُمُ
وَمَا الشَّمْسُ إِلَّا مِنْ شُعَاعِ جَمَالِهَا
تُضَاءُ إِذَا أَوْمَتْ إِلَيْهَا الْمَعَالِمُ
وَخَصْرُكِ رَمْشٌ فِي نَحَافَةِ قَوْسِهِ
يَرْنُو بِهِ الْعُشَّاقُ حَيْثُ تُفَاخِمُ
أَيَا سَارَةَ الْأَوْصَافِ هَلْ فِيكِ مَطْلَبٌ
يُثَنَّى عَلَيْهِ الشِّعْرُ إِذَا يَتَزَاحَمُ؟
فَقَلْبُكِ نُورٌ، وَالْحَنَانُ كَوَاكِبٌ
وَأَخْلَاقُكِ الْعُلْيَا بِرُوحٍ تُلَاحِمُ
كَأَنَّكِ وَرْدُ الرَّوْضِ يَزْهُو بِهَائِهِ
إِذَا مَسَّهُ النَّسِيمُ طَابَتْ نَسَائِمُ
إِذَا ابْتَسَمَتْ أَشْرَقَتْ رُوحُ عَاشِقٍ
تُضِيءُ بِهَا الْأَحْلَامُ وَهِيَ غَمَائِمُ
وَوَجْنَتُكِ الْحَمْرَاءُ تُلْهِبُ خَافِقِي
كَأَنَّ بِهَا نَارَ الْهَوَى تَتَلَعْثَمُ
وَحُسْنُكِ لَا يُحْصَى بِمِثْقَالِ خَاطِرٍ
وَلَا يُدْرَكُ الْغَاوُونَ مَا أَنْتِ حَاكِمُ
أَلَا يَا سَارَةَ الشِّعْرِ، صُغْتُكِ مُعْجِزًا
وَحَارَتْ قَوَافِينَا، فَأَنْتِ الْمَوَاسِمُ
وَمَا الشِّعْرُ إِلَّا مِنْ نُضَارِكِ قَدْ جَرَى
فَصَارَ عَلَى أَيْدِي الرُّوَاةِ عَظَائِمُ
وَخَصْرُكِ مِيزَانُ الْجَمَالِ بِرِقَّةٍ
تُقَاسُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَهِيَ تُقَاوِمُ
إِذَا غِبْتِ أَضْحَى اللَّيْلُ كَالطَّوْدِ حَالِكًا
وَإِنْ أَشْرَقْتِ فَالضِّيَا صَارَ نَاعِمُ
وَمِشْيَتُكِ الْأَنْغَامُ تَسْرِي كَأَنَّهَا
قَوَافِيَّ عِشْقٍ فِي الْحُقُولِ تُنَاغِمُ
أَيَا سَارَةَ الْقَلْبِ الْجَمِيلِ بِأَسْرِهِ
أَرَانِي أَسِيرًا فِي هَوَاكِ أُسَالِمُ
وَسِحْرُكِ كَالْأَطْيَافِ فِي كُلِّ لَمْحَةٍ
يَصُوغُ خَيَالَ الْعَاشِقِينَ وَيَنْدَمُ
أَيَا مَنْ تَفَوَّقْتِ عَلَى الْحُسْنِ كُلِّهِ
بِوَجْهِكِ إِذْ بَاتَ الْمَدَى لَا يُسَاوِمُ
كَأَنَّكِ رُوحُ الشِّعْرِ جَاءَتْ تُبَارِزُ
فَأَلْقَى لَهَا الشُّعَرَاءُ كَفَّ الْمُخَاصِمِ
إِذَا ذَكَرَتْكِ الرُّوحُ عَادَ سُرُورُهَا
فَأَنْتِ شِفَاءُ الْقَلْبِ حِينَ يُحَاكِمُ
وَمَا الْفَرَزْدَقُ لَوْ رَآكِ بِحُسْنِكِ
إِلَّا وَقَالَ: الشِّعْرُ فِيكِ الْحَوَاسِمُ
وَسَيْفُ الْغَرَامِ فِي يَدَيْكِ مُسَلَّطٌ
يُصِيبُ فَلَا يُبْقِي الْقُلُوبَ السَّوَاهِمُ
سَأَلْتُكِ بِاللَّهِ الَّذِي زَانَ طَلْعَتَكِ
أَمَا أَنْتِ مَنْ أَذْكَى الْحُسْنَ الْأَحْكَمُ؟
فَفِيكِ اكْتِمَالُ النُّورِ وَالنَّبْضِ وَالْهُدَى
وَأَنْتِ مَنَارُ الْحُبِّ إِنْ ذَابَ غَاشِمُ
أَلَا يَا قَصِيدِي فِي سَارَةَ أَشْهِدِي
بِأَنَّكِ أُعْجُوبَةُ الْوُجُودِ الدَّوَائِمُ
وَمَا الشِّعْرُ إِلَّا فِي جَمَالِكِ مَوْئِلٌ
تَغَارُ عَلَيْهِ الرِّيحُ حِينَ يُقَاوِمُ
فَذَاكَ هَوَاكِ قَدْ أَضَاءَ حَيَاتَنَا
فَأَنْتِ جَمَالُ الْأَرْضِ يَا أُفُقَ هَائِمِ
وَهَذَا الْقَصِيدُ مُعَلَّقٌ فِي سَمَائِهِ
فَلَا فَرَزْدَقٌ يُضَاهِيهِ وَلَا نَاظِمُ
417
قصيدة