منذ رحلتي.. لم أكتب كلمة
لم أنسج بيتًا من شعرٍ
لم أنقشْ خطًّا في الدفترْ
وأقول لنفسي
كم مرَّ مذ كنتِ معي
يومٌ.. أم دهر.. هل أكثرْ؟
تنسلّ الروحُ على مهلٍ
واليومُ يمر على أشهُرْ
إذْ أبدو وكأني كَهْلٌ
لا يبكي.. يضحك.. لا يشعرْ
نحتٌ من شمع وكأني
أدمنت الحزنَ ولا أضجرْ
وأعيش لكن لا أحيا
إذ أنتِ النبضُ ولا أُنْكرْ
***
منذ رحلتِ.. لم أكتبْ شيئًا
منذ رحلتِ..
ما زلتُ يا عمري مبعثرْ
ما زلتُ أطاردُ أوهامًا
أُلملم شتات عشقٍ تبخرْ
لم أنسَ آخرَ ما قلتِ
وإن قلتُ أنسى.. قلبي تذكَّرْ
قلتِ أحبكَ فلا تغترَّ
بطولِ انتظار.. فبادِرْ أو احذرْ
فإني لا أدري إلى أي وقت
سأبقى جوارَك.. وأَصْبِرْ وأصبر!
أريدكَ أنتَ ولا أرضى دونَك
وحبك بين ضلوعي يُكبّرْ
فلا تذبحْني بعجزٍ وصمتٍ
وتدهسُ نبتًا بالقلبِ أخضرْ
ولا تتجاهلْ دمعَ الليالي
ويُمْسِي غرامُك طعنةَ خنجرْ
تعالَ إليَّ فإني نعيمٌ
لتنهلَ غرامًا.. تُعربدْ وتسْكَرْ
وتلعق شهدًا سالَ بثغري
وتغفو بنهْدٍ يفوقُ التصوّرْ
يمحو بصمتٍ همومَ الليالي
شَهِيِّ عَصِيٍّ نَدِيٍّ مُعَطَّرْ
تعالَ إليَّ فإني لديكَ
لا أعبأُ إن كنتُ الأولى
ما دُمْتُ جوارَك سأعفو سأغفرْ
وأنسى أنَّ بقلبك غيري
سكنَ الحنايا وفي الدمِ يعبُرْ
لكن هواك وعْدٌ مقدَّرْ
وحقٌّ عليك مهما تأخَّرْ
فهيا تحرَّك وخذني إليك
أنا لست أعبأ إلى أين نبُحرْ؟
تحرَّكْ ببطءٍ لكن تحرَّك
واعزم أمرَكْ.. تمرَّدْ.. تحرَّرْ
قلتيها لنْ أبكي طويلًا
فتعجل أمرَك.. ولتحذَرْ
الأمرُ قرارٌ صدِّقْني
أبْسَطَ من خوفِكَ فاستبصرْ
سنواتي الخمسُ بأحضانك
لم أيأسْ يومًا لم أكفرْ
أنت المتوهم.. وتظنُّ
تنتظرك حربٌ شعواءٌ
ستواجه آلافَ العسكرْ
تختلق العذر لكي تصمت
تترقب عزمَ الإسكندرْ
أشعلتِ الثورةَ في عقلي
في عقلي آراء تحتشدُ
وكراتُ دمائي تتجمهرْ
تتوسل أن أعزمَ أمري
ترجوني أن أكسرَ قيدِي
أن أُعلنَ حقًا.. وأقررْ
لكني في وقتِ الحسم
جَبُنْتُ ولم أعلنْ شيئًا
ووجدتُ جيوشي تتقهقرْ
أدمنتْ الأسرَ فلم أكسرْ
أبقيتُ القيدَ ولم أقدِرْ
لم أقدرْ أن أخطو بعيدًا
لا أملك أن أُنْكِرَ مُنكَرْ
خطئي في حقكِ كارثةٌ
وخطيئةُ يومٍ لن تُغفرْ
كم كنتُ أريدُكِ لكني
لا أملكُ عزمَ الإسكندر!
12
قصيدة