عدد الابيات : 24
أَلَا فَاسْمَعِي، يَا رِيحَ شَوْقِيَ عَابِرَةً
تُسَافِرُ بِي لِلذِّكْرَيَاتِ الْخَتَّائِمِ
حَبِيبَةُ قَلْبِي، كَيْفَ أَسْلَاكِ عَاشِقًا
يَذُوبُ عَلَى دَرْبِ الْجِرَاحِ الْمُلَازِمِ؟
رَأَيْتُكِ حُلْمًا بَيْنَ جَفْنَيَّ مُزْهِرًا
وَأَيْقَظَنِي الْبُعْدُ بِلَيْلِ الْعَظَائِمِ
رَبِيعُكِ فِي قَلْبِي كَأَنْفَاسِ غَيْمَةٍ
تُعَانِقُ أَرْوَاحَ الْحُقُولِ النَّوَاسِمِ
وَفِي خَدِّكِ الزَّاهِي رَبِيعٌ وَعَاطِرٌ
يُضِيءُ اللَّيَالِي كَالصَّبَاحِ الْبَوَاسِمِ
وَفِي ثَغْرِكِ الْمَيْمُونِ شِعْرٌ مُقَدَّسٌ
كَأَنَّ النَّدَى يَسْكُبُ الدُّرَّ الْقَوَائِمِ
وَفِي وَطَنِي، أَشْتَاقُ أَرْضًا تُنَادِي
كَطِفْلٍ يَبْكِي فِي دُرُوبِ الْمَآتِمِ
سَكَنَّا حُقُولَ الْمَجْدِ فِي أَلْفِ لَحْظَةٍ
وَغَادَرَنَا الْعَصْرُ إِلَى لَيْلٍ هَائِمِ
فَيَا أُمَّنَا الْحُرَّى، أَحِنُّ إِلَى الْمَدَى
وَأَبْكِي عَلَى صَدْرِ الْهُيَامِ النَّوَائِمِ
فَكُنْتِ جِنَانَ الْأَرْضِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
وَصِرْتِ لَهِيبَ الْحُزْنِ فِي كُلِّ عَازِمِ
وَيَا قَلْبُ، كُنْ صَبْرًا إِذَا جَارَ حُكْمُهُ
فَقَدْ بَاتَ وَجْدِي فِي قُيُودِ الْمَحَارِمِ
تَنَاوَلْتُ كَأْسَ الْبُعْدِ مُرًّا وَمُوجِعًا
وَعِشْتُ لَيَالِيَ الْوَجْدِ تَحْتَ الْعَوَاصِمِ
تَسَاءَلْتُ: هَلْ تَرْجِعُ الْأَيَّامُ مُزْهِرَةً؟
وَهَلْ يَنْقَضِي لَيْلِي بِصُبْحِ الْمَلَاحِمِ؟
فَيَا وَيْلَ قَلْبٍ ذَابَ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
يُنَاجِي ظِلَالَ الْحُزْنِ بَيْنَ الْمَآثِمِ
إِذَا مَا الْفِرَاقُ أَقْبَلَتْ نَارُهُ عَلَيْنَا
تَكَسَّرَتِ الْأَحْلَامُ تَحْتَ الْظَّلائِمِ
وَحِيدًا أَسِيرُ اللَّيْلَ فِي ظُلْمَةِ الدُّجَى
أُنَاجِي جِرَاحَ الْبُعْدِ بَيْنَ الْفَخَّائِمِ
وَأَنَّى أَلْتَقِي بِالْعَافِيَةِ بَعْدَمَا
نَزَفْتُ مِنَ الْآلَامِ دَمْعَ الْمَحَاجِمِ؟
فَجِسْمِيَ شَوْكٌ يَنْثَنِي كُلَّ لَيْلَةٍ
وَرُوحِي حَرِيقٌ فِي هَجِيرِ الْمَآزِمِ
فَيَا زَمَنًا خَانَ الْقُلُوبَ بِأُمْنِيَاتِهَا
وَمَرَّ عَلَى الْأَوْجَاعِ كَالسَّيْلِ هَاجِمِ
تَرَكْتَ لَنَا الْأَجْسَادَ نَزْفًا وَذِلَّةً
وَأَبْكَيْتَ فِينَا كُلَّ حُلْمٍ مُقَاوِمِ
فَيَا حُبَّ قَلْبِي، صِرْنَا بَعِيدِينَ بِالرُّؤَى
وَلَكِنَّنَا نَقْتَاتُ ضَوْءَ الْمَكَارِمِ
سَنَرْجِعُ يَوْمًا لِلدِّيَارِ وَلِلْحُلَى
وَنَنْسَى مَآسِينَا وَعَصْرَ الْمَظَالِمِ
وَنُحْيِي زُهُورَ الشَّوْقِ بَيْنَ حَدَائِقٍ
وَنَبْنِي صُرُوحَ الْمَجْدِ فِي كُلِّ هَازِمِ
فَكُونِي مَعِي حُلْمًا يَعِيشُ بِصَبْرِنَا
فَفِي صَبْرِنَا بَرْقٌ يُزِيلُ الْغَمَائِمِ
407
قصيدة