الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » يَا سَارَةَ.. الْجَفَا قَتَلَنِي

عدد الابيات : 82

طباعة

عَلَى مِهَادِ الرَّدَى أَسْتَوْدِعُ السَّحَرَا

وَأَغْرِسُ الصَّبْرَ فِي الْأَحْشَاءِ مُنْتَظِرَا

يَا "سَارَةَ"، الْقَلْبُ مَا انْفَكَّتْ مَوَاجِدُهُ

تُغَنِّي الشَّوْقَ، حَتَّى أَخْرَسَ الْقَدَرَا

هَذِي يَدَايَ عَلَى صَدْرِي مُقَيَّدَةٌ

وَفِي الضُّلُوعِ حَرِيقٌ، يَشْتَهِي الْعَصْرَا

كَأَنَّ صَوْتَكِ فِي الْأَصْدَاءِ أُغْنِيَتِي

يَحْبُو عَلَى مَسْمَعِي شَوْقًا وَقَدْ حَضَرَا

مُدِّي يَدَيْكِ، فَإِنَّ الْمَوْتَ أَعْمَى فَمِي

لِكَيْ أُقَبِّلَهَا سِرًّا كَمَا الْوَجْدُ ينْدَثِرَا

كَمْ قَدْ كَتَبْتُ عَلَى كَفَّيْكِ قَافِيَةً

وَحِينَ جِئْتِ، أَضَاعَ الشِّعْرُ مَا اخْتُصِرَا

يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ، لَا تَخْشَيْ نَحِيبَ دَمِي

إِنَّ الْفَنَاءَ هُنَا قَدْ صَارَ لِي دَوَرَا

صَبَرْتُ حَتَّى نَمَتْ أَحْلَامُ غُرْبَتِنَا

وَصَارَ لِلْجُرْحِ فِي أَعْمَاقِنَا أَثَرَا

رَأَيْتُ فِيكِ انْبِلَاجَ الْفَجْرِ مُبْتَسِمًا

وَرُحْتُ أَزْرَعُ مِنْ أَوْجَاعِنَا زَهَرَا

أَيَا حَبِيبَةَ رُوحِي، الْمَوْتُ يُخْبِرُنِي

بِأَنَّهُ سَارِقٌ، مَا خَافَ أَوِ ادَّكَرَا

لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ مِنْ أَيَّامِنَا زَمَنًا

لَكُنْتُ أُهْدِيكِ مَا قَدْ عِشْتُهُ عُمُرَا

قَدْ كُنْتِ حُلْمًا، فَصَارَ الْحُلْمُ فِي أَلَمِي

سَيْفًا يُمَزِّقُ أَعْمَاقِي إِذَا انْتَصَرَا

إِنِّي أُنَاجِيكِ مِنْ صَدْرِي عَلَى أَلَمٍ

فَهَلْ سَمِعْتِ نِدَاءَ الرُّوحِ إِذْ كُسِرَا

فَلَا تَبُثِّي رُفَاتَ الْحُزْنِ فِي شَفَتِي

وَدِّعِي دَمِي بَاسِمًا، وَاغْفِرِي الْعُذْرَا

هَذِي وَصِيَّتِي: إِنْ جَاءَنِي أَجَلِي

قُولِي لَهُ: "إِنَّهُ لَمْ يَطْوِهَا قَدَرَا"

أَخْفَيْتُ دَمْعِي، وَفِي عَيْنِي لَهُ أَثَرَا

كَأَنَّهُ فِي دُجَاكِ الصَّامِتِ الْقَمَرَا

وَخُطْتُ فِي صَدْرِ كَفِّي نَارَ أُغْنِيَتِي

لَعَلَّنِي مِنْ هَوَاكِ الْبَاقِيَ مُنْفَطِرَا

هَلْ تُدْرِكِينَ لِمَاذَا كُنْتُ مُنْكَسِرًا؟

لِأَنَّ وَجْهَكِ، حَتَّى الْحُبُّ قَدْ هَجَرَا

كَيْفَ افْتِرَاقُكِ قَدْ حَاكَ الْمَنَازِلَ بِي

وَصَارَ فِي الْبَرْقِ أَسْئِلَتِي وَمَا عَبَرَا؟

قَدْ كُنْتُ أَرْجُو مِنَ الْأَيَّامِ مُعْجِزَةً

فَانْسَابَ ظِلُّكَ فِي أَحْلَامِنَا سَحَرَا

مَنْ لِلْجِرَاحِ إِذَا ضَاعَتْ مَوَاسِمُهَا

وَغَابَ نَبْضُ التَّوَانِي فِي دَمٍ غَمَرَا؟

مَنْ لِلْوُرُودِ إِذَا أَصْبَحْنَ فِي كَبِدٍ

وَكُلُّ عِطْرٍ بِكَفِّ اللَّوْعَةِ ينْتَثِرَا؟

تُرَاكِ تَسْمَعُ صَوْتِي وَهْوَ يَحْتَضِرُ

لِشِدَّةِ الشَّوْقِ أَمْ صَمْتُ الْجَوَابِ جَرَا؟

قَدْ ضَيَّعَ الْحُبُّ أَسْمَاءَ الْوَفَاءِ، فَهَلْ

يَسْتَطْرِقُ الصَّبْرُ أَبْوَابَ الرَّجَا خَبَرَا؟

كُلُّ الْحُنَيْنِ نُجُومٌ فِي مُقَامِ دَمِي

تُسَافِرُ الْآنَ فِي أَرْوَاحِنَا ذِكَرَا

فَإِنْ غَفَوْتُ عَلَى وَجْدٍ يُنَادِينِي

كُونِي دُعَاءً، وَفِي تَكْبِيرِكِ الْوَتَرَا

قَدْ كَانَ صَوْتُكِ فِي الأَحْلَامِ مُنْشِدَتِي

فَهَلْ سَكَنْتِ، وَهَلْ قَلْبِي لَكِ فَطَرَا؟

كَيْفَ ارْتَقَيْنَا بِحُلْمٍ كَانَ يَحْمِلُنَا

فَصِرْتِ مِثْلَ غُيُومٍ لَيْسَ تُمْطِرَا؟

مَا بَيْنَ طَعْنِكِ وَالذِّكْرَى أُرَتِّقُنِي

فَهَلْ يُفِيدُ بِنَفْسِيَ الآنَ أَنْ أُقْرَى؟

نَادَيْتُ ظِلَّكِ فِي صَمْتِ اللَّيَالِي، فَهْـ

ـلْ صَوْتِي يَئِنُّ بِوَجْدٍ فِيهِ قَدْ كَبُرَا؟

كُلُّ الْمَنَافِي تَغَنَّتْ مِنْ جُرَاحِنِـ

ـنَا وَانْتَشَى فِي الْمَدَى سِرُّ الَّذِي سَكَرَا

حَتَّى النُّجُومُ الَّتِي كَانَتْ تُوَاسِينَا

غَدَتْ جُرُوحًا عَلَى صَدْرِ السَّمَا حَسَرَا

وَالرِّيحُ تَحْمِلُ أَشْلَاءَ الْمَوَاعِدِ، لا

تُبْقِي لَنَا مِثْلَ وَعْدٍ قَدْ سَمَا وَسَرَى

كَمْ مِنْ أَسَامٍ لِقَلْبِي كُنْتِ تَكْتُبُهَا

وَاليَوْمَ حَتَّى الصَّدَى قَدْ صَارَ مُنْكَرَا

قَدْ كُنْتِ دَرْبًا وَفِي أَضْلَاعِيَ الْوَهَجُ الـ

ـبَاقِي، وَذِكْرَاكِ فِي صَمْتِ الرُّؤَى دُرَّرَا

فَإِنْ طَفَتْ فِي رُؤَايَ الدَّمْعُ أَسْئِلَـةً

فَلِلْوَدَاعِ جُمُوعٌ تُخْرِسُ الْبَصَرَا

وَجْهُ الحَنِينِ عَلى صَدري يُفَجِّرُنِي

وَيَسْتَدِيرُ كَسَهْمٍ فِي الحَشَا عَبَرَا

قَدْ كُنْتِ نَجْمًا وَمَا زَالَتْ بَقَايَاكِ

فِي مُقْلَتِي نَارَةً، فِي قَلْبِيَ السُّعَرَا

فِي كُلِّ رُكْنٍ سَكَنْتِيهِ تَئِنُّ دُمُـ

ـعِي، وَتَرْتَعِشُ الأَشْوَاقُ وَالحَذَرَا

يَا مَنْ سَكَنْتِ ضُلُوعِي ثُمَّ غَادَرْتِ

أَيْنَ ارْتَحَلْتِ؟ وَمَا تَرَكْتِ فِيهِ حَصَرَا؟

هَلْ تَسْمَعِينَ دُعَائِي وَالهَوَى وَجَعٌ؟

هَلْ تُبْصِرِينَ نِدَائِي وَالهَوَى نَظَرَا؟

مَا زِلْتُ أَجْمَعُ مَا أَبْقَتْهُ ذَاكِرَتِي

مِنْكِ، وَأَرْتَشِفُ الآهَاتِ وَالذِّكَرَا

كَيفَ انْطَفَأْنَا؟ وَفِي أَحْشَائِنَا أَلَقٌ

كَانَ الْجُمَالُ بِهِ يَسْتَصْغِرُ السِحْرَا

مَا بَيْنَ صَمْتِكِ وَالآهاتِ أَسْتَتِرُ

وَأَسْتَشِفُّ الَّذِي فِي نَفْسِكِ بِهِ غَفَرَا

لَكِنَّنِي عِنْدَ بَابِ الحُبِّ مُنْكَبِتِي

مَا بَعْدَكِ الدَّرْبُ فِي أَعْيُنِنَا كَسَرَا

كُلُّ اللَّيَالِي تُنَادِينِي بِصَوْتِكِ، لا

يُرْوَى الظَّمَأُ وَلَا يُجْفَى الَّذِي حَضَرَا

كُلُّ الطُّرُوقِ الَّتِي سِرْنَا عَلَيْهَا بَـ

ـاتَتْ تَئِنُّ بِفَقْدٍ فِي الدُّجَى كَبُرَا

يَا مَنْ كَتَبْتِ بِعَيْنِ الشَّوْقِ سَيْرَتَنَا

هَلْ تَذْكُرِينَ سُهُولَ الشَّوْقِ وَالْوَطَرَا؟

أَمْ هَلْ نَسِيتِ دُخُولَ النُّورِ مُبْتَهِجًا

مِنْ بَابِنَا حِينَ جَاءَ الوُدُّ مُنْفَجِرَا؟

كُنَّا النُّجُومَ وَفِي أَفْلَاكِنَا لَهَبٌ

مِنَ الْمَحَبَّةِ لَا يُخْفَى وَلَا يُزْدَرَا

قَدْ كُنْتِ أَنْتِ لِقَلْبِي كُلَّ مَمْلَكَةٍ

تُسَاقُ فِيهَا أَمَانِيَّ الهَوَى زُمَرَا

حَتَّى إِذَا مَا أَتَتْنَا الرِّيحُ عَاصِفَةً

مَا أَنْقَذَ الحُلْمَ مِنْ جُرْحِ الهَوَى صَبَرَا

فَانْهَارَ كُلُّ بُنَانٍ كَانَ يَحْمِلُنَا

وَارْتَجَّ فِي نَفْسِنَا صَمْتٌ لَهُ دِيَارَا

وَانْسَابَ فِي اللَّيْلِ وَجْدٌ لَا نِهَايَةَ لَـهُ

وَانْفَلَقَ الجُرْحُ فِي الأَحْلَامِ مُنْتَشَرَا

فَصِرْتِ مِثْلَ بَقَايَا الْعِطْرِ فِي زَمَنٍ

فِيهِ الرَّوَائِحُ مَاتَتْ، وَالهَوَى قَطَرَا

كُلُّ الكَلَامِ تَوَارَى بَيْنَ أَحْرُفِنَا

وَاحْتَجَبَ الصَّوْتُ عَنْ صَدْرِ النَّوَى وَقَرَا

أَيْنَ البُيُوتُ الَّتِي كُنَّا نُقِيمُ بِهَا؟

صَارَتْ دُخَانًا، وَفِي الأَضْلَاعِ قَدْ عَبَرَا

قَدْ كُنْتِ لِي مُنْذُ أَعْوَامٍ مَصَائِرَنَا

فَاليَوْمَ أَنْتِ لِذَاتِي كُلُّ مَا كَسَرَا

أَكْتُبُكِ الآنَ دُمْعًا فِي مَسَامِعِنَا

وَالصَّوْتُ يَحْزَنْ، وَالإِحْسَاسُ صَحَرَا

إِنْ كَانَ حُبُّكِ طَيْفًا لَا مَسَافَاتِ

فَالصَّمْتُ يَصْرُخُ فِي أَعْمَاقِنَا جَمَرَا

يَا مَنْ مَلَكْتِ دُمُوعِي ثُمَّ أَحْرَقْتِـ

ـهَا فِي خُيُوطِ النَّوَى، وَالْوَقْتُ نَفَرَا

أَسْتَغْفِرُ الحُبَّ إِنْ كَانَ النَّوَى قَدَرِي

وَأَسْأَلُ الدَّهْرَ لِلأَحْزَانِ مَا عَذَرَا؟

مَا بَيْنَ أَلْفِ سُؤَالٍ كَانَ يَسْكُنُنَا

ضَاعَ الجَوَابُ، وَكُلُّ العُمْرِ قَدْ عَبَرَا

يَا أَيُّهَا الحُلُمُ الْمَذْبُوحُ فِي لُغَتِي

كَيْفَ اسْتَبَحْتَ جِرَاحِي ثُمَّ مُنْتَصِرَا؟

لَمْ يَبْقَ فِي النَّفْسِ إِلَّا مَا تُهَجْوِنُهُ

ذِكْرَى، وَفَوْقَ جِرَاحِ الْوَجْدِ مُنْتَثِرَا

تَبْكِي الرِّيَاحُ عَلَى ظِلِّي، وَأَسْأَلُهَا:

هَلْ مَرَّ فِي الأُفُقِ الْمَكْسُورِ مَنْ مَرَرَا؟

كَمْ قَدْ دَفَنْتُ أَمَانِيَّ الَّتِي احْتَرَقَتْ

فِي قَلْبِ نَارٍ تُسَمَّى البُعْدَ وَالسَّهَرَا

وَكَيْفَ أَغْفُو، وَأَشْلَاءُ الْحَنِينِ بِي

تَسْرِي كَسَيْلٍ عَلَى عَيْنِي إِذَا ينْهَمِرَا؟

أُرْخِي جُنُوحِي إِلَى عَيْنَيْكِ مُرْتَجِفًا

وَالشَّوْقُ يَسْكُنُ أَحْلَامِي وَقَدْ حَصَرَا

فِي كُلِّ نَبْضٍ نَدَاءٌ مِنْكِ يَجْتَذِبُ

صَوْتَ الرُّؤَى لِيَصُوغَ اللَّيْلَ وَالسَّفَرَا

فَإِنْ تَنَاءَيْتِ، فَالدُّنْيَا مُعَاكِ دَمٌ

وَكُلُّ مَا فِي وُجُودِي بَعْدَكِ انْصَهَرَا

وَأَنْتِ فِيّ كَمَا تَجْرِي الدِّمَاءُ، وَلَا

يَفْنَى الْوُجُودُ وَفِي أَعْمَاقِهِ نَقَّرَا

صَفْحًا عَلَى مَا جَرَى، لَا شَيْءَ يَغْفِرُهُ

سِوَى الرُّجُوعِ إِلَى عَيْنٍ بِهَا النَارَا

هَلْ تَسْمَعِينَ أَنِينِي وَالضُّلُوعُ لَهُ

فِي كُلِّ شَهْقَةِ شَوْقٍ صَوْتُهُ ظَهَرَا؟

أَشْكُو إِلَيْكِ سُكُونَ الْحُزْنِ فِي لُغَتِي

وَكَيْفَ صَارَ دُمُوعًا فِي الدُّجَى سُوَرَا

يَا مَنْ بَنَيْتُ عَلَى كَفَّيْكِ مَمْلَكَتِي،

كَيْفَ انْطَفَأْتِ، وَفِي أَجْفَانِنَا السُّهَرَا؟

كَيْفَ افْتَرَقْنَا وَفِي الآفَاقِ قَافِيَتِي

تَجُرُّ فِي النَّفْسِ مِثْلَ السَّهْمِ إِذْ وَقَرَا؟

هَلْ كَانَ ذَنْبِي هَوَاكِ الْجَارِفُ ابْتِهَالًا

حَتَّى تَرَكْتِ جُنُونِي يَسْتَبِيحُ قَرَا؟

قُولِي لِوَجْدِي: أَنَا لِلْحُبِّ مُعْتَصِرٌ

وَكَيْفَ لَا، وَفُؤَادِي لِلْهَوَى بَصَرَا؟

قَدْ كُنْتُ أَعْشَقُ فِيكِ الْحُلْمَ مُبْتَدَأً

وَاليَوْمَ أَرْثِي لَهُ، مَذْبُوحَةً سُوَرَا

فَلْيَسْكُنِ الصَّمْتُ، لَا ذِكْرَى تُؤَرِّقُنِي

وَلْيَنْطَفِئْ نَبْضُ وَجْدٍ كَانَ مُنْتَظَرَا

فَإِنْ سَأَلْتِ: “أَتَشْقَى بَعْدَ غِيبَتِنَا؟”

قُولِي لِقَلْبِكِ: “هَذَا الرَّجْلُ مَا اعْتَذَرَا”

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

401

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة