الديوان » محمد ولد عبدي » تمزقات حلّاج موريتاني

عدد الابيات : 40

طباعة

تَأتَّـمَ الشِّعرُ وانبَتَّتْ بِهِ القَدَمُ

وَحَاصَرَتهُ حروفٌ مطَّهَا القَلمُ

وَطَارَدتهُ لُغَاتُ الأَمسِ بَاكِيةً

وَمَـزَّقتهُ هـمومٌ فَـتَّهاَ الأَلَـمُ

أَنَا أَنَا الشِّعرُ مَن يَدرِي مُـكَابَـدتِي

وَمَن يَظُنُ بِـأنِي الشِّخصُ والعَلمُ

أَنَا المَحَملُ عمراً فوقَ أَشـرعتِي

يُـمِـيتُـنِي إنْ نظرتُ الفَسحة السَّأَمُ

أَنَا الخَطِيئَةُ يومَ الشعرُ دَاهَمنِي

يومَ اللَّغاتِ غَدَا يَسْتَاقها الضَّرَمُ

أَنَا عصورٌ عَلَى ظَهْرِي مُـكَـدَّسَة

مُصفدٌ فِي خُطَايَ الشَّوكُ يَزدَحِمُ

أَنَـا أَنَـا مَن حتَّى أَكونَ أَنَـا؟

أَنَا حروفٌ بِهَا قدْ أُعدمَ العَدَمُ

أَنَـا؛ لِماذَا أَنَا ومَن أَنَـا وأَنَـا

مُحاصرٌ بزمانٍ فيه أَنْـدَغِـمُ

هَذَا جنَاهُ عَلَيَّ الحرفُ قَاطِـبَـةً

ومَا جَنَيْتُ، فَقَد أَغوَانِيَ الكَلمُ

مَاذَا إذَا كنتُ صمتًا ليسَ يَسمَعُنِي

صَمتٌ وَمَاذا إِذَا ما حَلَّ بِي الصَّممُ

سَأَنعمُ العمرَ فِي صمتٍ يُمـتِّـعُـنِي

وَلنْ أكُونَ أَنَا إِن مَسَّنِي السَّقَمُ

سَأُعلنُ الصَّمتَ تَـنـزِيلاً أُرَتِّـلُـهُ

ويَستريحُ بنَفسِي الصوتُ والنَّغَمَ

أَنَا مَرَايَا رمالِ الملحِ في رِئَـتِـي

نهشُ الهمومِ وحلمٌ فَـتَّـهُ الهَرمُ

الحرفُ أَنفثَ في نَفسِي وفِي عُقَدِي

سحرَ الجنونِ ومَسـًافيهِ أرتَطِمُ

وَالحرفُ أَلهَمَنِي جوعاً وَمُعجزةً

حَتَى غدوتُ معَ الأيامِ اصطَدِمُ

الرملُ والـيَـبْسُ والصحراءُ في شَفَتِي

والرَّفضُ فوقَ سُقوفِ الحرفِ يَحتَدِمُ

يَمتَاحُنِي الرفضُ شعراً كلُّ أَسطُرِهِ

صَيحاتُ شَعبٍ لَهُ الآفاتُ تَلتَهمُ

شعبٌ تَـكَّـلسَ فيهِ الرَّملُ مُرتَـمِـياً

وسْطَ الجَفافِ وفِي أفوَاهِهِ اللّجُمُ

يَروضُهُ الجوعُ حـرباءً مُـصفقةً

وتَستَبيهِ سُنونٌ صاغَهَا الصَّنَمُ

أَنَـا عَلَى الحَرفِ "حَلّاجٌ" بِـجُـبَّـتِهِ

وَدِيـكُ جِـنٍ رماهُ الشَّوقُ والنَّدَمُ

أُهشِّمُ الحرفَ فوقَ الحُزنِ مُنفَرِداً 

‏وَأشربُ الجُوعَ فِي كَفّي واسْـتَحِمُ

‏يَصُوغُنِي الشِّعرُ مصلوباً بِـجُـلـجُـلَةٍ

‏أُرتِـلُ السِّـفـرَ إِجـلَالاً و أَعـتَـصِـمُ

‏أُخَثِّرُ الحرفَ في حَلقِي وامخُـضُهُ

‏فيُولَدُ الرفضُ مِن شِعرِي وَينتقِمُ

يُـمِـيـتُنِـي الحَـظُ أحياءً مُصَفَّحَةً

وأَضربُ النَّردَ مالِلنَّردِ يَـنْـفَـصِمُ؟

أَنَا الخَـرَائِطُ فوقَ الرملِ تَشنُقنِي

أَنَا عَلَى الرَّسمِ قد زلَّتْ بِيَ القَدَمُ

أُكَوِّمُ الأمسَ فِي شِدقِي وَأَنطقهُ

فَيَعجزُ الفَمُ عَن نطقٍ ويَحتَشِمُ

أُخَاطِبُ الآنَ هَلْ فِي الآنِ من سَعَةٍ؟

موتٌ مَحِيقٌ وكهفٌ ظلَّ يَنقسمُ

وَأَنظرُ الصُّبحَ قَدْ مَاتَتْ سـنابِلُهُ

سبعٌ عجافٌ طَوَاهَا الجوعُ والنَّهَمُ

أُسائِلُ الرَّملَ عن ذَاتِي فَيُنكرُهَا

وأسأل القَحطَ عن حرفِي فَيَـكـتَتِمُ

أُكـرِّرُ  الآيَ  إمـتـاعـاً مُـؤانَـسَـةً

دعوتُهمْ فاستَدَارُوا الظَّهْرَ واخْتَصَمُوا

وجئتُ بالـشِّـعـرِ إعـجـازاً أجـدِّدُه

فَمَا استجابُوا وما تَابُوا وما احتَكَمُوا

أَنا غريبٌ وصوتُ الشعبِ في قَلَمِي

أنا وحـيـدٌ ورَغمَ الـهَـمِ  أَلْـتَـزِمُ

أُصَارعُ القَحطَ فِي أرضٍ سَوَالِفُهَا

حَطَّتْ عَصَا النَّسلِ وارْتَدَّتْ بِهَا الحِمَمُ

جَدَائِلُ الجُوعِ بَينَ النَّاسِ قَـاطِـنَـة

وأزمةُ الرَّملِ فَوقَ الوَجهِ تَرْتَسِمُ

تَعطَّشَ الماءُ وانْسَدَّتْ مَسَالِكُهُ

حتَّى غَدَتْ فَوقَهُ الكُثْبَانُ والقِمَمُ

وصَـوَّحَ الـذِّهنُ إفْـلاساً يُـكَوِّرُهُ

أَمسُ القُبُورِ وَقَدْ أَزْرىَ بِهِ القِدَمُ

تَخَرَّمَ الجِسمُ عَجزاً عَن تَـحَـرُّكِـهِ

وُصُودِرَ الفِعلُ إِنَّ الفعلَ مُنعَدِمُ

تَكَسَّرَ الحرفُ فِي حَلقِي أَغَصُّ بِهِ

فَمَا استَطعتُ السُّكوتَ اليوم  يَـارَحِـمُ

مَاجِئتُ كَيْ أُزعـجَ الاطفالَ في وطنِي

ولَا لكَيْ يَـسْـتَمِرَ الجُـرحُ والـورَمُ

لَكِنْ لِكَيْ يَستَفِيقَ الحرفُ فِي لُغَتِي

وَتَستَعِيدَ الحياةَ الحُـرَّةَ الغَـنَـمُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن محمد ولد عبدي

محمد ولد عبدي

8

قصيدة

د. محمد ولد عبدي رحمه الله، شاعر و مفكر و اديب، عمل في دولة الامارات العربية المتحدة في اللجنه العليا لبرنامج أمير الشعراء، وتم طلب انشاء هذا الديوان تحت اشراف من اسرة المرحوم، وستُنشر قصائده

المزيد عن محمد ولد عبدي

أضف شرح او معلومة