في أكوام قش الأَرزِ
رأيتهُ يفتش
في ربطةِ الثومِ المعلق على جدارِ البيت
في شعرٍ مجعدٍ
في عيونِ امرأةٍ شرقية
في عشِ عصفورةٍ على شجرةٍ
في ربطةِ العنقِ
في بدلةِ سهرةِ الأمس
في الدولابِ والخزانةِ
وصورِ العائلة
رأيتهُ يفتشُ عن غريبهِ
قُلتُ
ألم تجدهُ
قال إن وجدتهُ لغنيتهُ
القطارُ المسافرُ إلى البعيدِ
يسيرُ بخطواتٍ مثقلةٍ
كأنهُ ثملٌ
أو كأنهُ أفعى
والدخانُ يصعدُ إلى أعلى
من الرؤوسِ
يغزلُ مدناً في البعيدِ
يغزلُ سحاباً في البعيدِ
يغزلُ مطراً
يغزل أجساداً متعبةً
كأنهمُ العائدونَ من غرفةِ القمارِ
أو الحانةِ
أو السجن
أو قرىً بعيدة
والكل مترنح في شوارع المدينة
ودخان القطار
كشاشة العرض
يعرض لكل قريبٍ بعيده
والمسافات كالرمل
لا خريطة تحدد جسدها
ولا شبه لنعرف أين نحن الأن
قلتُ
ألم تره
قال
رأيته ولكني لا أستطيع مصافحته
لا أستطيع عناقه
إنها المرآة
اللعنة على صانعها
الحانة
صندوق لحفظ الوجوه التي ثقلها الحب
التي خانتها الذكريات
والماضي القريب أو البعيد
كان يتصفح وجوه الصيادين
وجه الإسكافي
وجه عامل الفخار
وجه نحات
قال سائلا
هل اصطاد أحدٌ غريبا على هيئة سمكة
فلا أحدا يجيب
هل لمع أحد حذاء
شبح في الأسواق
فلا أحد يجيب
هل استعار خزاف رأس غريب ليصنع إناء
هل استعار نحاتٌ جسد غريب لرأس تمثالٍ معروض في البزار
يتجنب ظل الأشجار /
المباني/ الحارات التي لا تبصرها عين الشمس /لافتة الإعلان / السحاب الذي يحجب الضوء/أول الفجر/ أول الغروب /
الليالي الممطرة/
الأحلام التي في الكهوف المغلقة
/ الجدار المائل /الجلباب الذي يملك خمس جيوبٍ
تتسع لظلِ شبحٍ على الأرض/
قلت
ستجده
إن وجدته لن أفك قيده
حين تغرب الشمس مرة أخرى ويضيع
15
قصيدة