عدد الابيات : 19
جَاءَتْ تَسَامَى بِهَا الدُّنْيَا وَمَا حَمَلَتْ
كَأَنَّهَا الْحُسْنُ وَالْإِبْدَاعُ قَدْ نَزَلَا
كَأَنَّهَا الْبَدْرُ إِذْ يَغْفُو عَلَى شُرُفٍ
أَوْ كَالرِّيَاضِ إِذَا مَا الْغَيْثُ قَدْ هَطَلَا
تُهْدِي الْقُلُوبَ سَنَاهَا، كُلَّمَا اتَّقَدَتْ
فِي مُقْلَتَيْهَا رُؤَى الْأَرْوَاحِ وَالْأَمَلَا
يَا زَائِرَةَ اللَّيْلِ، هَلْ لِي أَنْ أَضُمَّكِ فِي
رُوحِي، فَتُبَعْثَرَ الْأَشْوَاقُ وَالْحُلَلَا؟
مَالِي أَرَاكِ كَطَيْفِ الْمَجْدِ مُتَّشِحًا
بِثَوْبِ عِزٍّ، عَلَى الْأَنْوَارِ قَدِ اشْتَعَلَا؟
أَنَّى قَصَدْتُ سَمَاءَ الْحُبِّ، طَيْفُكِ فِي
ثَنَايَا النَّفْسِ مِثْلَ السِّرِّ قَدْ دَخَلَا
يَا سِحْرَ لَحْنٍ، وَيَا إِعْجَازَ قَافِيَةٍ
مَنْ ذَا يُضَاهِي جَمَالَ الْعَزْفِ مُكْتَمِلَا؟
أَنَا الَّذِي فِي هَوَاكِ الشِّعْرُ قَدْ شَهِدَتْ
بِهِ الْقَوَافِي، وَفَاقَ الْفَجْرُ مَا فَعَلَا
قَدْ زَاحَمَ الْفَرَزْدَقَ وَالْجَرِيرَ بِهِ
مَوْجُ الْبَيَانِ، فَمَا أَوْدَى وَلَا كَلِلَا
لَوْ أَنَّ عَنْتَرَةَ الْعِزِّ اسْتَجَارَ بِهِ
لَأَبْصَرَ الْمَوْتَ، يَحْبُو نَحْوَهُ ذُلَلَا
أَنَا الْمُتَنَبِّي، وَصَرْحُ الْفَخْرِ سَيِّدَتِي
فِيكِ، فَانْظُرِي الْعُلَا قَدْ بَاتَ مُكْتَحِلَا
إِنِّي أَنَا ابْنُ الْقَوَافِي، كُلَّمَا انْهَمَرَتْ
دُمُوعُ مَجْدٍ، سَقَانِي الْمَدْحُ وَالْغَزَلَا
يَا مَنْ تُوَشِّحُهَا أَسْرَارُ مُعْجِزَةٍ
يَهَابُهَا الْحَرْفُ، إِنْ قَالَتْ وَقَدْ عَدَلَا
قِفِي عَلَى شُرُفِ الْأَشْعَارِ مُنْتَصِرًا
فَالدَّهْرُ فِي يَدِكِ الْمِعْطَاءِ قَدْ إِسْتَقَّلا
وَالْبَدْرُ يَخْجَلُ إِنْ مَرَّتْ مَحَاسِنُهَا
تُذِيبُ أَضْوَاءَهُ إِيمَاضَ مُتَجَّادِلا
إِنْ شِئْتِ أَوْ قَدْ سَكَنْتِ الْقَلْبَ، سَيِّدَتِي
فَلَا الْجِبَالُ بِغَيْرِكِ صَامِدِينَ جُعِلَا
أَيَا قَصِيدَةَ عِشْقٍ فِيكِ أَسْرَارِي
مَنْ ذَا يُعِيدُ جَلَالَ الْكَوْنِ مِنْ ذُبُلَا؟
أَنَا الَّذِي قَدْ مَضَى، فِي الْكَوْنِ مُنْفَرِدًا
كَأَنَّ أَشْعَارِيَ الْأَسْمَى وَمَا ارْتَحَلَا
سَلُوا عَنِ الْحُبِّ أَقْلَامِي الَّتِي شَهِدَتْ
أَنِّي وُلِدْتُ لِعَرْشِ الشِّعْرِ مُنْجَزِلَا
412
قصيدة