عدد الابيات : 19
أَبِالْحَرْفِ قَلْبِي حِينَ أَكْتُبُ يَنْطِفُ
وَفِي نَبْضِهِ شَوْقٌ بَلِيغٌ وَمُرْهَفُ
تُرَاقِصُهُ الْأَشْوَاقُ إِنْ لَاحَ وَجْهُهَا
فَيَسْرِي كَسِحْرِ مَاءٍ يَهِيمُ وَيُغْدِفُ
إِذَا مَا نَثَرْتُ الْحَرْفَ، فَاضَ بِنَبْضِهِ
كَأَنَّ بَرِيقَ الْفَجْرِ فِي اللَّيْلِ يَرْشُفُ
جَعَلْتُ سُطُورِي مِنْ هَوَاهَا قَصَائِدَا
كَأَنَّ الْخَيَالَ الْحُرَّ بِالْحُسْنِ يُوصَفُ
تَمُرُّ عَلَى الْأَلْوَاحِ لَمْسَةُ لِأَنَامِلٍ
وَكَأَنَّ بِهَا أَنْفَاسَ وِرْدٍ يَفُوحُ يُعَطِّفُ
فَتَنْثَالُ أَنْغَامُ الْبَيَاضِ كَأَنَّهَا سُلَافٌ
عَلَى الْخَدِّ الْيَرَاعِ يَحْمَرُّ وَيُقَطَّفُ
إِذَا مَسَّهَا طَيْفُ الْجَمَالِ تَرَاقَصَتْ
وَإِنْ غَابَ عَنْهَا، بَاتَ لِلْحُزْنِ مُوصِفُ
كَتَبْتُ، فَكَانَتْ فِي الْحُرُوفِ حَدَائِقَا
يُظَلِّلُهَا مِسْكٌ، وَيَسْقِيهَا مُرْجِفُ
وَفِي كُلِّ مَعْنًى أُودِعُ الطُّهْرَ عَاشِقًا
وَلِكُلِّ بَيْتٍ لِلْهَوَى الْعَذْبِ مَشَارِفُ
كَأَنَّ بَيَانِي حِينَ أُبْدِيهِ بِاسْمِهَا
سَمَاءٌ بِهَا ضَوْءُ النُّجُومِ خُلْدًا يُكَلَّفُ
تُضِيءُ بِهِ الْأَزْمَانُ دِيمًا حَتَّى كَأَنَّنِي
بِكُلِّ الْيَرَاعِ فِي الْخُلُودِ أَخْطُو وَأَهْتِفُ
وَإِنْ غَابَ عَنْ حَرْفِي هَوَاهَا، تَكَسَّرَتْ
مَرَايَا الدُّجَى، وَانْهَدَّ لَحْنٌ يُمَرْجِفُ
فَأَصْبَحْتُ فِي ذِكْرَاهَا الشِّعْرَ نَابِضًا
وَأَلْقَيْتُ فِي أَصْدَاءِ صَوْتِيَ مِعْطَفُ
عَلَى كُلِّ بَيْتٍ خَطَّ حُبِّي اسْمَهَا فَقَدْ
ضَاقَ عَنْ أَسْرَارِ شَوْقِيَ وَيُصْدِفُ
فَمِنْهَا اسْتَقَيْتُ الْوَحْيَ حَتَّى غَدَتْ لِي
سَمَاوَاتُ إِحْسَاسِي، وَقَلْبِيَ مُلْهَفُ
إِذَا مَا تَلَفَّظْتُ الْحُرُوفَ تَهَدَّجَتْ
كَأَنَّ بِهَا سِحْرًا مِنَ الْعِشْقِ مُجْحِفُ
فَمَا خَابَ قَلْبِي فِي هَوَانَا، وَإِنَّنِي
عَلَى عَهْدِهَا، إِنَّ الْمُحِبَّ لَيُوصَفُ
وَيَا لَيْتَ حَرْفِي فِي هَوَاهَا يُخَلَّدُ
فَأَرْوِي بِهِ لِلْحَاضِرِينَ شِعْرًا وَأُسْلِفُ
وَإِنْ جَاءَ يَوْمٌ لَا يُقَالُ بِهِ اسْمُهَا فَقَدْ
مَاتَ نَبْضِي وَانْطَوَى مِنْهُ مُصْحَفُ
485
قصيدة