الديوان » الأب يوسف جزراوي » وأضّناني وجودكِ بقربي!

وأضّناني وجودكِ بقربي!


ألم أقُلْ لكِ:
مُنذُ سفر التَّكوينِ
ونحنُ نقيضانِ..
ستقولينَ كيفَ؟! فأُجيبكِ:
صفحٌ أنَا.. وأنتِ خصامٌ..
أنَا حريّةٌ.. وأنتِ أسرٌّ...
تحررٌ وإنفتاحُ وعطاءٌ كنتُ لكِ
وكنتِ انغلاقًا والعند والتعنت لي!.
.....................................
كِلانَا..
قربٌ وبعدٌ ..شمسٌ وفيءٌ..
لقاءٌ وفراقٌ... صلحٌ وخصامٌ...
ودٌّ وصدٌّ .. ثلجٌ ونارٌ....صمتٌ وكلامٌ..
هدوءٌ وصراخٌ...
تغريدُ بلبلٍ وهديلُ حمامٍ..
زقزقة عصافيري... ونعيقُ غرابكِ
كالسُّهولِ والجبالِ...
والواقعُ والخيالِ والأفياءُ والظّلالِ....
والضوءُ والظلامِ والصوتُ وصداه...
كُلّما التقينا
تكونينَ ليّ أمسي المُنقِضِيّ..
وأكونُ لكِ الآتي مِن غدكِ!!.
فمنذ متى ولم يكن لقاؤكِ بي وداعا؟!.
...................
لولاكِ لما كانتِ النّارُ بينَ أضلعي
ولا قلبي ثقيلٌ مُثقلاً بكِ...
يَا بنتَ قومي وبلادي
تحسدني النّاسُ على سنا طلتكِ..
وهم لا يدرونَ أنّكِ كالعراقِ ..
لَا تزول الآه عنكِ..
فمَا مِن يومٍ تملّصتُ مِنكِ
إلاَّ وأجدني أوّلُ الواصلينَ لنقطةِ نِهايتكِ!.
..............
لقد أخفقتُ بكِ..
أنَا الّذي كُلّما أولمتُ لقمةً لكِ
عساي أبتدئ فيها الحياة معكِ...
أجدُّ صحونكِ فارغةً مِنّي على مائدتي..
تأبينَ إعادة الدفئ في تنورَ خبزكِ!
فيَا ملحَ زاديّ
كيفَ سيجمعنا زادٌ
وأنتِ تأبينَ إعادة للزادِ نكهتهُ؟!.
.....
نقيضان نحنُ.. وإن كُنا كأسنانِ المشطِ نبدو
وفي الحالينِ..
دجَّنتُ نفسي لأجلكِ..
فما مِن مرّةٍ كانَ السكوتُ جوابي
إلاّ واطنبتي الحديث عن نفسكِ...
ومَن صمتي سوى حيرة مَا نالكِ!
ومَا مِن يومٍ تمنيتُ لكِ فرحة لا تنتهي
عسى ولعلّكَِ تُحررين البسّمات مِن فاهكِ
إلاّ وأجدكِ تجددين إساءة الظّنّ بيَّ!
أنَا الّذي عشتُ مُشرّدًا... مرتحلاً... منفيًّا...
كيفَ تنفيني منكِ
مِن بعدِ طولِ غيابٍ عنكِ؟
أما كفاكِ بعدٌ عني!.
....................
أنَا وأنتِ..
كُنا الضَّدان والنقيضان في محطاتِ العمرِ..
فلا أنَا نلتُ منكِ نوالا
ولا أنتِ جاءكِ مِنّي مطلبا...
ومَا ذقتُ مِن رحيقِ نداكِ
وأنتِ إن ناديتي عليَّ باسمي
مَا عدتُ رجع صداكِ!
فما عادَ فركِ فانوسكِ السّحريّ مِن شأني
ولا حنظلكِ أطيبُ مِنَ العسلِ عندي!
فقد حانَ حيني للتغاضيَّ عنكِ
إذا مَا عاد يُعنيني الشُّرب مِن ترعةِ بساتينكِ..
ومَا الذي أضاق بِي الخناقُ؟سوى أنتِ!
أوَلسنا نقيضان منذ أمدٍ كما بحتُ لكِ.
والآن.. هل آمنتي بقولي؟
أجل نقيضان
والصدرُ قد ضاقَ بِما لا يقالُ عنكِ؟!.

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن الأب يوسف جزراوي

الأب يوسف جزراوي

126

قصيدة

كاهن وباحث/شاعر وأديب عراقي مغترب له العديد من المؤلفات في الشأن الكنسي والأدبي وتاريخ العراق

المزيد عن الأب يوسف جزراوي

أضف شرح او معلومة