أراك تشكو من الآلام والأرقِ

وأوشَكت دمعةٌ من شدَّةِ الحَنَقِ

تجتاحُ صدرك أشجانٌ مكدَّسةٌ

كأنَّ صدرك في بحر الهموم شقي

كم ليلةٍ زُرتَني يا جُرحَ راحلةٍ

أقوت عليَّ.. فلم أوقظ ولم أفقِ

فَتُسعِرُ الذِّكرُ نارَ البينِ في كبدي

وتمتطي صَهوةَ الأشواقِ والفُرُقِ

فُكَلَّما حلَّ ليلي هاجني ألمٌ

يبعثرُ الروح من خوفي ومن قلقي !

فَكم بَكيتُ، وكم أخفيتُ من شَجَنٍ

حتى عماني الأسى في أسود الحدقِ

ما كنتُ أوَّلَ من يبكي على جزعٍ

حتَّى ولا آخرُ الباكينَ في الطُرُقِ

أنِّي لعمركُ شهمٌ شامخٌ أنِفٌ

تجري مآثرهُ بالفعلِ والذَلَقِ

لم أرتضِ الذلَّ يومًا عند مفتئدٍ

ولم أُساوِم على عزّي ولا عَتَقي

إنْ قلتُ قَولًا رأَيتَُ الحَقَّ يتبعُهُ

وإن دنوتُ سلى جمعي من الفِرَقِ

أرى هُمامةُ نفسي جلَّ هيبتها 

عن كلِّ سوءٍ دنيء الخَلقِ والخلُقِ

أقولُ للركبِ أبلغ شعبنا أملًا !

بعد المآسي ستأتي فرجةُ الفَلَقِ

ما ضرَّ شعبًا إذا ما الليلُ أثقلهُ

أن يستفيقَ بنورِ العزمِ والألَقِ

لعَلَّ صحوتنا في أهلنا بُشَرٌ

تزيلُ عنَّا همومُ الكرب والعَلقِ

ورُبَّ حادثةٍ للمرءِ يتبعهُا

خيرٌ وغيثٌ من الغفرانِ والودقِ

كم من بلاءٍ جرى، فاستبطنَتْ نِعَمٌ

وساقَ للعبدِ تيسيرًا منَ الضيَقِ

فاللهُ أرحمُ من تَرجوهُ مغفرةً

إذا دعاهُ امرؤٌ في طُهرِ مُعتنِقِ

يَمحو الذنوبَ وإن ساءت صحائفُهُ

إذا أتى اللهَ في خفيٍ وفي صِدَقِ

بدمعةٍ هزّتِ الأرواحَ وانفجرتْ

من قلبِ تائبِ ذي وجدٍ وذا خفَقِ

ما دام في القلبِ إيمانٌ يُزوّدهُ

صبْرًا جميلًا وذِكرًا غيرُ مُنْفَلِقِ

تأتي البشائرُ من حيثُ الظنونُ غَفَت

ويجتلي القلبُ من همٍّ ومن قلقِ