الديوان » سوريا » أحمد سليمان الأحمد » أشجار وراء السياج

عدد الابيات : 64

طباعة

أسْمِعْتَ لو طللٌ يُجيبُ مُنادياً

فاخْتَرْ لشعرك غيرَ عصرك راوياً

عَصْراً إذا في الطورِ آنسَ جذوةً

يَسعى إليها حاسِراً أو حافياً

أنا إنْ عتبتُ عليكَ يا عصري فما

أُهدي لغيرِ الأصفياءِ عتابياً

أنا منك ما قلبُ المحبِّ وخفقُهُ

صوراً تَخيّرتْ الإطارَ قوافياً

ما أعجبَ السجنَ الذي ابتدعَ المدى

للبرقِ سوطاً والغيومِ مراعياً

حتى ألانتْ للعطاء ضروعَها

نوقاً مجرّجرةً تُساورُ راعياً

ما المجد؟ مجدٌ أنَّ شعري لم يؤب

من غارةٍ إلا تجهّزَ غازياً

ميدانهُ هذي الحياةُ فيا لهُ

شوطاً تهاوى الموتُ فيهِ كابياً

أنا مثْقلٌ بالشمسِ هل من سارقٍ

ناراً مقدّسةً فيسرِقَ نارياً

هذي طيورُ الجمرِ ثارَ رمادُها

حتى استحالَ قوادِماً وخوافِياً

وهمّوا فليسَ يموتُ في المنفى سنىً

خالوهُ إذ عميتْ عيونٌ خافياً

لم يرحلوا للشامخاتِ فإن تسلَّ

لم تلقَ إلا طاعماً أو كاسياً

يتصوّرونَ الفنَّ سوقَ نخاسةٍ

حتى الجمالُ تَخيَّلُوهُ جوارياً

يا أيُّها الشعراءُ فلتتذكّروا

نِعَمَ الجمالِ روائحاً وغوادياً

ما كانَ شعري بالمحبةِ لاهجاً

حتى يكابدَ شوقَها ويعانياً

السيلُ داهمَنا: ولولا الحبُّ هلْ

كانَ الغريقُ هو الوحيدُ الناجياً

كلُّ اللغاتِ غريبةٌ إلا التي

شادتْ لحبكِ بيتَ شعرٍ عالياً

يجري نقاءُ الماءِ في صمتٍ كما

ذِكراكِ ترجعُ لي زماناً ماضياً

أسندتُ ظهري للدجى واستقبلتْ

عيناي فجراً كالطفولة لاهياً

أنا لستُ أبحثُ عنكِ، كيفَ وأنتِ في

سكرِ البيانِ وفي عطورِ صلاتيا

في أي نبعٍ مقلتاكِ تَمَرّأى

فالوردُ غيرانٌ تفتحَ واشياً

حسدٌ قديمٌ في الورودِ ولم أجدْ

حسداً سواهُ يجيئنا متباهياً

مدَّ الظلامُ وجزرهُ، وشواطئٌ

للنور تعكسُ ظلَّ طيفكِ عارياً

يجري على أشواقنا جسدُ الرؤى

نهراً ربيعياً وسيلاً طامياً

يا نخلةً في البيدِ تسري وحدها

حلماً غريباً تاهَ في أجفانيا

وتبعتهُ حتى أضعتُ مسارهُ

ماذا أقولُ؟ لقد أضعتُ مسارياً

حبٌّ قديمٌ حيث يمّمَ وجههُ

عرضتْ لهُ ذكراكِ نجماً هادياً

ذاك الحنينُ رسَمتهُ موجاً على

شطّ الرؤى متباعداً متدانياً

حلمٌ مطيرٌ للرياضِ مغازلٌ

فتودُّ لو تغدو الرياضُ مآقيا

تتشابه الأشجارُ والأحلام إذْ

تهدي لعينيّ القطوفَ دوانياً

ما بيننا ما بينَ عيني والرؤى

تبقى على قربِ المزارِ نوائياً

يلتُفّ حولَ قصائدي – كبلابلٍ

في غابةٍ صمتُ الجحودِ أفاعياً

من لاذ بالصمتِ الجبانِ فإنني

مَلِكُ الرياحِ سكنتُ هذا الوادياً

واخترت عبقرَ موطناً لملاحمي

وطغى فلم أختر سواهُ منافياً

شوقٌ تفتحَ وردةً هجر الشذا

أوراقها ليغَلَّ في أوراقياً

تلك الرسائلُ راحَ يقرأُ متنها

لهبٌ ولم يغفلْ هواهُ حواشياً

والشمسُ في لهبِ الغروبِ سفينةٌ

غرقتْ وراءَ الأفقِ إلا سارياً

متعلقٌ أنا بالسرابِ وعاكسٌ

في مائهِ ونخيلهِ واحاتياً

خدعٌ منمقةٌ أعالجُ سحرها

حتى ليأبى السحرُ غيري راقياً

تلك الغصونُ من العنادلِ أقفرتْ

مثل الأسرّةِ لا تضمُّ غوانياً

بابٌ يصرُّ مع الرياحِ بمنزلٍ

لم تبقِ أيدي الهجر فيهِ بواقياً

نهرٌ كبعض الحبِّ راح مغيّراً

مجراهُ مثبّتُ ذكْرنا أو ماهياً

حلمٌ على الأهدابِ حامَ ولو دعتْ

عيناكِ كنزاً لم يخيّبَ داعياً

لغةُ الينابيع التي لم تقتبسْ

نجواكِ ما عادتْ تروي صادياً

نشرَ اسمكِ النسيانُ فوق خريطةٍ

فبدا لنا بركانُ شوقٍ خابياً

وبحيرةً جبليةً لم تُكتشفْ

وطلاسماً في قاعها وأحاجياً

أو غابةً خرساءَ مرّ بها الصدى

متَحَجّراً ثمراً فأغرى جانياً

جسدٌ على الأحلامِ مدَّ طيوبهُ

مَلءَ العيونِ مودّعاً وملاقياً

شفةٌ محرّمةٌ على شعري إذا

لم تستملْ قبلي وتُسكر صاحياً

سحبٌ ممزّقة وأشجارٌ هوتْ

فالحبُ هيأ لي قتالاً دامياً

خضتُ الحروبَ مدينةً فمدينةً

وقرعتُ في أبراجها أجراسها

في ظلّ شعركِ أستريحُ محارباً

والفتحُ خفّاقٌ على أعلامياً

يا من تصبّ على المجامرِ ندّها

وعلى حرائقها أمدّد ظلالياً

يا غابةً سكنَ السنا أغصانَها

ثمراً على زبدِ الرغائب طافياً

وأرى السماءَ قصيدةً، ونجومها

وردُ الهوى متفتّحاً أو ذاوياً

غزلٌ على وزنِ الربيعِ موقّعٌ

وكبوحةِ الأطياب رفّ مُناجياً

قد كان يكمن قربدارةِ جلجلٍ

مستعرضاً كالغانيات معانياً

واليومَ أصبحَ ليس يقنعُ بالرؤى

حتى يخوضَ إلى النجوم ليالياً

هذي صناديقُ الربيعِ فتحتها

وأطرّتُ منها كالفراشِ أمانياً

قمرٌ يخبئُ في بحيرات الدجى

أسرارهُ، وتزورها أسراريا

أنا لستُ أوصدُ باب روضٍ لم يزلْ

للأغنياتِ منافساً ومحاكياً

أرأيتَ كيف اللونُ راودَ وردهُ

فتمازجا والعطرُ هبَّ مجافياً

أنا ذلك العطر المخاصمُ وردةً

لم يلقَ عطراً لا يجيء موالياً

طارت إلى الأرض اليباب قصائدي

فاقرأ سنابل تارةً وأقاحياً

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن أحمد سليمان الأحمد

avatar

أحمد سليمان الأحمد

سوريا

poet-Ahmad-Sulaiman-Al-Ahmad@

1

قصيدة

1

متابعين

أحمد سليمان الأحمد (1926 - 1993) هو شاعر وناقد أدبي وأستاذ جامعي سوري، وهو شقيق الشاعر المعروف بدوي الجبل. وُلد في قرية السلّاطة بمحافظة اللاذقية، وتلقى تعليمه الأولي على يد ...

المزيد عن أحمد سليمان الأحمد

اقتراحات المتابعة

اقرأ أيضا لـ أحمد سليمان الأحمد :

أضف شرح او معلومة