عدد الابيات : 38
تَهْفُو النُّفُوسُ إِلَى مَنْ كَانَ يُؤْنِسُهَا
وَيَنْثَنِي الشَّوْقُ إِنْ طَابَتْ مَسْعاهُ
وَالْحُبُّ نَبْعٌ إِذَا مَا صَانَهُ وَفِيٌّ
يَزْهُو بِهِ الْعُمْرُ إِنْ صَفَّتْ لَيْلَاهُ
لَا يَسْتَقِرُّ هَوًى فِي غَيْرِ مَوْطِنِهِ
وَلَا تَطِيبُ اللَّيَالِي دُونَ مَغْنَاهُ
وَتَهْفُو الرُّوحُ لِمَنْ طَابَتْ خَصَائِلُهُ
وَيَحْتَفِي الْقَلْبُ إِنْ طَابَتْ نَوَايَاهُ
وَالْحُبُّ صَرْحٌ عَظِيمٌ لَا يُزَيِّنُهُ
إِلَّا وَفَاءٌ بِهِ يُبْنَى وَيَحْيَا وَيَرْعَاهُ
يَسْمُو بِصَادِقِهِ وَالْحُبُّ مَغْفِرَةٌ
يَرْعَى الْقُلُوبَ وَيُحْيِي فِي مُحَيَّاهُ
لَا تَأْلَفُ الرُّوحُ إِلَّا مَنْ يُلَاطِفُهَا
وَيَهْجُرُ الْقَلْبُ مَنْ يَقْسُو وَيَجْفَاهُ
تَهْفُو الْقُلُوبُ لِمَنْ تَحْيَا بِنَبْضِهَا
وَيَسْقُطُ الْحُبُّ إِنْ ضَاقَتْ زَوَايَاهُ
كَالْمَاءِ يَرْوِي ظَمَأَ الْأَزْهَارِ إِنْ نَزَلَتْ
وَيَذْبُلُ الزَّهْرُ إِنْ جَفَّتْ سَقَايَاهُ
لَا يُؤْنِسُ الرُّوحَ إِلَّا مَنْ يُلَاطِفُهَا
وَيَعْشَقُ النَّفْسَ مَنْ رَقَّتْ حَنَايَاهُ
إِنَّ الطُّيُورَ إِذَا غَنَّتْ مُحَلِّقَةً
تَحْلُو سَمَاؤُهَا إِنْ طَابَ مَغْنَاهُ
لَا يَسْكُنُ الْعَقْلُ إِلَّا فِي مَآلِهِ
وَلَا يَمِيلُ الْفُؤَادُ إِلَّا لِمُهْوَاهُ
وَالْحُبُّ لَوْ لَمْ يَكُنْ صِدْقًا وَمَغْفِرَةً
لَمْ يَبْقَ فِي الدَّهْرِ أَثَرٌ مِنْ رُؤَاهُ
يَسْمُو بِمَنْ صَانَهُ عَهْدًا وَمَوْثِقَهُ
وَيَخْفِقُ الْقَلْبُ إِنْ غَابَتْ مَعَانَاهُ
لَا يَسْتَقِرُّ بِجَوْفِ الْعَاشِقِينَ هَوًى
إِنْ لَمْ تَكُنْ لِلُّقَا شَمْسٌ تُضَاهَاهُ
إِنِّي وَجَدْتُ هَوَانَا نَبْضَ مُعْجِزَةٍ
تَهْفُو الرُّوحُ لَهَا وَالشَّوْقُ يُحْكَاهُ
فَإِنْ سَأَلْتَ اللَّيَالِيَ عَنْ مَدَائِنِنَا
قَالَتْ: هُنَا الْعِشْقُ، هَذِي أَرْضُ مَرْسَاهُ
إِنَّ الْقُلُوبَ إِذَا مَالَتْ لِعَاشِقِهَا
لَمْ يَثْنِهَا اللَّوْمُ، لَمْ تُطْفَأْ مُحَيَّاهُ
تَمْضِي كَضَوْءِ السَّنَا فِي لَيْلِ غُرْبَتِهَا
تَرْجُو اللِّقَاءَ، وَفِي الْآمَالِ مَأْوَاهُ
إِنْ غَابَ عَنِّي فَإِنِّي فِي تَذَكُّرِهِ
أَرَاهُ طَيْفًا، وَيَأْبَى الْعَيْنُ فَقْدَاهُ
يَا مُرْسِلَ الشَّوْقِ، إِنِّي بِالْهَوَى فَانِي
نَفْسِي وَقَلْبِي وَأَحْلَامِي وَدُنْيَاهُ
لَا يُدْرِكُ السِّرَّ إِلَّا مَنْ يُكَابِدُهُ
وَلَا يَذُوقُ الْجَوَى إِلَّا مَنِ اسْتَهْوَاهُ
إِنِّي وَجَدْتُ هَوَانَا نَبْضَ أُغْنِيَةٍ
يُشْجِي الْمَسَامِعَ أَطْيَابًا وَمَغْنَاهُ
يُزْهِرُ الْفَجْرُ إِنْ لَاحَتْ بَشَائِرُهُ
وَيُورِقُ الْعُمْرُ إِنْ طَابَتْ لُقْيَاهُ
إِنْ نَامَ عَنْكَ فَإِنَّ الْحُبَّ يَسْهَرُهُ
وَيَحْفَظُ الْعَهْدَ مَا أَخْلَصْتَ مَرْسَاهُ
يَا مَنْ رَسَمْتَ بِأَحْلَامِي مَلَاحِمَهُ
هَلْ تَدْرِي أَنَّكَ نُورُ الْعَيْنِ وَالْجَاهُ؟
لَا الْبُعْدُ يُطْفِئُ أَنْفَاسَ الْمَحَبَّةِ فِي
قَلْبٍ هَوَاكَ، وَفِي عَيْنَيْهِ رُؤْيَاهُ
إِنِّي سَكَبْتُ عَلَى الدُّنْيَا مَحَابِرَهُ
حُبًّا يُضِيءُ، وَشَوْقًا زَانَ مَعْنَاهُ
إِنْ غَابَ عَنِّي فَفِي الْأَحْلَامِ أَلْقَاهُ
وَإِنْ بَعُدْنَا فَفِي الْأَرْوَاحِ مَأْوَاهُ
يَسْرِي كَنَسْمَةِ فَجْرٍ فِي مَدَائِنِنَا
وَيَسْكُنُ الْقَلْبَ إِنْ لَاحَتْ زَوَايَاهُ
لَا يَسْكُنُ الْعِشْقُ إِلَّا فِي مُقَدَّسِهِ
وَلَا يُرَتَّلُ الْقُرْآنُ إِلَّا فِي مُصَلَّاهُ
إِنَّ الرُّوحَ لِلرُّوحِ سِرٌّ لَا يُفَسِّرُهُ
إِلَّا الَّذِي عَاشَهُ، إِلَّا الَّذِي تَاهُ
يَا مَنْ سَكَنْتَ فُؤَادِي لَسْتُ أَنْكُرُهُ
حُبًّا يُنِيرُ الثَّنَى وَلَا تَخْفَى مُعَانَاهُ
إِنْ غِبْتَ عَنِّي فَإِنَّ الْعُمْرَ يَحْزُنُنِي
وَيَكْتَسِي اللَّيْلُ ثَوْبَ الْحُزْنِ يَرْثَاهُ
لَا الْبُعْدُ يُطْفِئُهُ، لَا الدَّهْرُ يُفْنِدُهُ
يَحْيَا بِقَلْبِي وَيَحْيَا فِي ثَنَايَاهُ
وَإِنْ غَابَ طَيْفُكَ عَنِّي لَا أُفَارِقُهُ
فَالْقَلْبُ يَحْفَظُهُ وَالْعَيْنُ تَرْعَاهُ
يَسْرِي كَنَجْمٍ يُضِيءُ اللَّيْلَ فِي أَمَلٍ
وَيَبْقَى نُورُكَ فِي رُوحِي وَأَحْنَاهُ
هَذَا هُوَ الْعِشْقُ، سِرٌّ لَا نُفَسِّرُهُ
لَا يَفْهَمُ السِّرَّ إِلَّا مَنْ تَمَنَّاهُ
452
قصيدة