عدد الابيات : 18
جَاءَتْ تُعَاتِبُنِي وَالدَّمْعُ مُنْسَكِبُ
وَالْقَلْبُ يَشْتَعِلُ الْآهَاتِ وَالْوَجَبُ
قَالَتْ: مَتَى تَسْتَفِيقُ الْجُرْحُ يَلْهَبُنِي
وَالصَّبْرُ ضَاقَ وَهَذَا الْحُزْنُ يَلْتَهِبُ
يَا مَنْ تَوَارَى وَلَيْلُ الْبُعْدِ يَقْتُلُنِي
هَلَّا تَدَارَكْتَ مَنْ بِالشَّوْقِ تَنْتَحِبُ
قُلْتُ: امْهَلِي يَا ضِيَاءَ الْعَيْنِ وَاصْبِرِي
إِنِّي أُصَارِعُ دَاءً مَا لَهُ سَبَبُ
قَالَتْ: بَلَى، أَنْتَ دَائِي لَا فِكَاكَ لَهُ
وَالْهَجْرُ سَيْفٌ بِظَهْرِ الْعِشْقِ يَنْقَلِبُ
كَمْ لَيْلَةٍ قَدْ سَهِرْتُ الْعَيْنَ بَاكِيَةً
وَالنَّجْمُ يَشْهَدُ وَالْبَدْرُ الْعَلَى غَضِبُ
وَالرِّيحُ تَحْمِلُ لِي الْآهَاتِ مُرْسَلَةً
وَالْمَوْجُ يُطْرِبُهَا وَالْقَلْبُ يَلْتَهِبُ
وَالصَّمْتُ يُؤْذِنُ أَنِّي فِي مُعَانَاةٍ
وَالدَّمْعُ يُخْبِرُ أَنَّ الْوَجْدَ مُغْتَصَبُ
قُلْتُ: اسْأَلِي الطِّبَّ، قَدْ ضَاقَتْ مَوَارِدُهُ
وَالرُّوحُ تَهْلَكُ وَالْأَيَّامُ تَحْتَجِبُ
قَالَتْ: دَعِ الطِّبَّ، لَا تَجْزَعْ لِنَازِلَةٍ
إِنِّي سَأُبْصِرُ وَالْآمَالُ تَنْتَسِبُ
إِنْ مُتَّ يَا كُلَّ دُنْيَايَ الَّتِي رَحُبَتْ
مَنْ ذَا يُوَاسِي فُؤَادًا حُزْنُهُ عَجَبُ؟
لَا تَتْرُكِ الْعُمْرَ، إِنِّي فِيكَ مُنْعَطِفٌ
وَالْعُمْرُ يَرْحَلُ وَالْعِشْقُ الَّذِي كَتَبُوا
قُلْتُ: اغْفِرِي زَلَلِي، مَا كُنْتُ مُحْتَمِلًا
وَالشَّوْقُ نَارٌ، وَكَمْ بِالنَّارِ مُغْتَرِبُ
قَالَتْ: أَنَا الصَّبْرُ فِي نَحْرِ الْأَسَى غَرِقَتْ
فَكَيْفَ أَرْحَلُ وَالْأَحْزَانُ تَنْتَحِبُ؟
إِنِّي وَعَدْتُكَ أَنْ أَبْقَى بِلَا وَهَنٍ
إِنِّي لَصَبْرٌ بِوَعْدِ الْعِشْقِ مُرْتَقِبُ
يَا مَنْ تَوَارَى وَنَارُ الْحُبِّ تَحْمِلُهُ
ارْجِعْ فَإِنَّ فُؤَادِي كُلُّهُ طَلَبُ
لَا تَجْعَلِ الدَّمْعَ فِي عَيْنَيَّ مُرْتَحِلًا
فَالدَّمْعُ يُطْفِئُ وَالْأَحْلَامُ تَنْتَسِبُ
إِنْ كُنْتَ تَشْفَى فَدَمْعِي لَيْسَ يَمْنَعُنِي
أُفْدِيكَ يَا مَنْ بِهِ رُوحِي وَتَرْتَقِبُ
463
قصيدة