عدد الابيات : 60
طباعةبِكِ الشَّوْقُ يَا سَارَةُ يَسْبِي مَشَاعِرِي
كَأَنَّ الْهَوَى نَارٌ تُذِيبُ جِبَالَهَا
تَمَلَّكَنِي مِنْ عَيْنَيْكِ سِحْرٌ كَأَنَّنِي
طَرِيدٌ تَدَانَى فِي الْوِصَالِ خَيَالَهَا
وَقَدْ كَانَ قَلْبِي خَافِقًا فِي هَوَاكُمَا
فَلَمَّا رَأَى سِحْرَ الْمُحَيَّا اسْتَمَالَهَا
أَيَا مَنْ لَهَا فِي كُلِّ قَلْبٍ مَكَانَةٌ
كَأَنَّ الْوَرَى مِنْ حُسْنِهَا قَدْ تَمَالَهَا
تَرَاءَتْ كَغُصْنِ الْبَانِ يَمْشِي بِرِقَّةٍ
وَفِي مَهْدِهَا الْبَدْرُ اخْتَفَى فِي جَلَالِهَا
إِذَا قِيلَ يَوْمًا مَا لِجِيدِكِ وَصْفُهُ
تَوَارَى الْبَلِيغُ عَنْ جَمَالِ خِصَالِهَا
أَحِنُّ إِلَى عَيْنَيْكِ شَوْقًا كَأَنَّمَا
عَلَى مَفْرِقِ الدُّنْيَا انْتَهَى كُلُّ حَالِهَا
فَمَا الشَّمْسُ إِلَّا انْعِكَاسٌ لِوَجْهِهَا
وَمَا الْبَدْرُ إِلَّا ظِلُّهَا قَدْ أَمَالَهَا
بَكَيْتُكِ يَا سَارَةُ دُمُوعًا سَكَبْتُهَا
تَزِيدُ بِقَلْبِي جَمْرَةً لَا تَزَالُهَا
فَسَارَتْ لَيَالِي الشَّوْقِ عُمْرًا مُؤَرِّقًا
وَهَلْ تَخْمُدُ النِّيرَانُ بَعْدَ اشْتِعَالِهَا؟
أَلَا يَا حَبِيبَةَ الرُّوحِ، هَلْ مِنْكِ رَاحَةٌ؟
فَمَا لِلْهَوَى فِي الصَّبْرِ دَارٌ يَنَالُهَا
وَقَفْتُ أُنَادِيكِ بِعِشْقٍ يُحَرِّقُنِي
كَأَنَّ الْمَنَايَا لَا تُهَابُ نِضَالَهَا
كَأَنَّكِ دُرٌّ فِي اللَّآلِئِ مُشْرِقٌ
إِذَا لَاحَ وَجْهُكِ فِي اللَّيَالِي كَمَالُهَا
فَكَمْ كُنْتِ لِلدُّنْيَا جَمَالًا وَبَهْجَةً
كَأَنَّ خُطَاهَا فِي الْغَرَامِ مَجَالُهَا
وَإِنِّي عَلَى عَهْدِ الْهَوَى لَا أُبَدِّلُهُ
وَلَوْ كَانَ لِي قَصْرٌ وَسُلْطَانُ مَالِهَا
فَهَلْ تَسْمَعِينَ الْقَلْبَ يَا مَنْ كِتَابُهَا
يُسَطَّرُ فِيهِ كُلُّ قَوْلٍ حَلَالِهَا؟
أُرَاقِبُ هَاتِيكَ النُّجُومَ لَعَلَّهَا
تُجِيبُ عَلَى نَبْضِي بِمَا فِي هِلَالِهَا
فَفِي نَبْضِ قَلْبَيْنَا اشْتِيَاقٌ خَفِيَّةٌ
تُذِيقُ كُؤُوسَ الْحُبِّ حِينَ وِصَالِهَا
أَرَى فِي عِنَاقِ الرِّيحِ طَيْفَكِ مَارِقًا
فَيَا نَسْمَةَ الشَّوْقِ اذْكُرِي مِنْ نَوَالِهَا
لَقَدْ أَلْبَسَتْنِي مِنْ هَوَاهَا مَهَابَةً
كَأَنَّ فُؤَادِي فِي الْغَرَامِ أَهْوَالُهَا
أَيَا قُبْلَةَ الْآمَالِ، هَلْ لِي بِعَهْدِكُمْ
مَكَانٌ أُعِيدُ الْوَصْلَ بَعْدَ اخْتِلَالِهَا؟
تَهَادَيْتُ فِي سِحْرِ الدُّمُوعِ وَنَارِهَا
وَمَا ضِقْتُ مِنْ حُبٍّ يُعِيدُ اعْتِلَالَهَا
فَأَنْتِ الَّتِي فِي كُلِّ وَقْتٍ أُرَدِّدُهَا
بِصَوْتِي تُنَاجِي مَنْ يُجِيبُ سُؤَالَهَا
وَإِنْ طَالَ هَجْرٌ أَوْ تَنَاهَى سَرَابُهُ
فَمَا ظِلُّ شَوْقِي عَنْ هَوَاهَا يَزَالُهَا
رَأَيْتُكِ نِبْرَاسًا يُضِيءُ كَيَانَهُ
وَأَلْفَيْتُ نَفْسِي لَا تُطِيعُ دَلَالَهَا
فَإِنْ كَانَ شِعْرِي لِلْعَوَالِمِ مُعْجِزَةً
فَأَنْتِ ابْتِكَارُ الشِّعْرِ حِينَ يُقَالُهَا
سَأَكْتُبُ فِيكِ الْحُبَّ أَبْهَى قَصِيدَةٍ
تُخَلِّدُهَا الْأَيَّامُ بَعْدَ زَوَالِهَا
إِلَى أَنْ يَعُودَ الصُّبْحُ شَوْقًا لِعَيْنَيْكِ
فَلَا سِحْرَ غَيْرُكِ فِي الدُّنَا يُسْتَمَالُهَا
وَيَا رَبُّ خُذْنِي حَيْثُ دَارَتْ مَحَاسِنٌ
يَعُودُ بِهَا عُمْرِي تُضِيءُ ظِلَالَهَا
فَسَارَةُ عَهْدِي فِي غَرَامِي وَوَصْلِنَا
بِصَوْتِ اللَّيَالِي يَرْتَجَى فِي جَمَالِهَا
سَأَنْظِمُ فِي الْعِشْقِ الْخُلُودَ مُعْجِزَةً
يَفُوقُ بِهَا الشُّعَرَاءُ طُولَ جِدَالِهَا
سَيَبْقَى الْهَوَى رَغْمَ السِّنِينَ يُشَعْشِعُ
كَأَنَّ جَمَالَ الْكَوْنِ سِحْرُ زُلَالِهَا
فَمَا الْقَلْبُ يَنْسَى حُبَّهَا رَغْمَ غُرْبَةٍ
وَإِنْ غَابَ، ظِلُّ الشَّوْقِ يُغْرِي خَيَالَهَا
تَمَنَّيْتُ لَوْ عَادَ الزَّمَانُ بِحُبِّنَا
لِأَرْوِي دَمِي مِنْ شَوْقِهَا وَوِصَالِهَا
بِكِ الْعِشْقُ أَسْمَى مِنْ قِيَامِ الْقَصَائِدِ
وَأَنْقَى مِنَ الْمُزْنِ الَّتِي قَدْ تَوَالَاهَا
خُذِينِي لِعَالَمِ الشَّوْقِ يَا نُورَ مُهْجَتِي
فَفِي غَيْبَتِي يَشْكُو الزَّمَانُ مَلَالَهَا
سَيَشْهَدُ لِي التَّارِيخُ أَنِّي أَحْبَبْتُهَا
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا قُدْوَةٌ لَا تُضَالُهَا
إِذَا طَالَ عُمْرُ الْعَاشِقِينَ فَإِنَّنِي
بِذِكْرَاكِ أَمْضِي فِي اللَّيَالِي مَآلَهَا
فَلَا الشِّعْرُ يُنْسِينِي هَوَاكِ، وَلَا الْمَدَى
يُفَرِّقُ بَيْنَ الْقَلْبِ وَالْعَيْنِ مَالَهَا
فَيَا شِعْرُ قِفْ عِنْدَ هَوًى مِثْلَ هَذَا
فَمَا كُنْتُ إِلَّا عَاشِقًا فِي خِصَالِهَا
تُسَمَّى سَمَا سَارَةَ أَجْمَلَ سَيِّدَةٍ
يُنَاجِي بِهَا الطَّيْرُ الرَّقِيقُ وِصَالَهَا
فَأَنْتِ الَّتِي طَابَتْ بِحُبِّكِ أَدْمُعِي
وَإِنِّي عَلَى عَهْدِي أُجَدِّدُ نِضَالَهَا
أُسَطِّرُهَا حَتَّى تَكُونَ مُعَلَّقَةً
تُرَدِّدُهَا الدُّنْيَا بِأَعْلَى جِبَالِهَا
وَتَشْهَدُ كُلُّ الْأَرْضِ أَنِّي مُتَيَّمٌ
بِوَجْهِكِ يَا سَارَةُ تَاجَ جَمَالِهَا
أَلَا يَا حَبِيبَةَ الْقَلْبِ صَبْرًا فَإِنَّنِي
بِشَوْقِي أُزَاحِمُ نَجْمَةً فِي زَوَالِهَا
فَأَنْتِ بِقَلْبِي أُمْنِيَّاتٌ مُقَدَّسَةٌ
كَأَنَّ السَّمَاءَ الْأَرْضَ سَارَتْ دَلَالَهَا
وَمَا زِلْتُ أَهْوَى وَجْهَكِ الْمُشْرِقَ الَّذِي
تُضِيءُ بِهِ الدُّنْيَا وَيُصْلِحُ اخْتِلَالَهَا
بِكِ الْعِشْقُ مَعْنًى خَالِدٌ فِي حَيَاتِنَا
وَفِي كُلِّ حَرْفٍ صَرْحُهُ لَا يُزَالُهَا
سَأَبْقَى أُنَادِيكِ شِعَارًا مُعَلَّقًا
لِأَنَّ الْهَوَى فِي وَصْفِكِ صَارَ كَمَالَهَا
وَهَذَا خِتَامُ الشَّوْقِ فِي قِصَّةِ الْهَوَى
فَهَلْ يَكْتُبُ الْعُشَّاقُ مِثْلَ نِصَالِهَا؟
إِذَا مَا طَوَتْنَا الرِّيحُ يَوْمًا بِغَيْبَتِكِ
فَمَا الْعُمْرُ إِلَّا مَاضِيَاتُ لَيَالِهَا
وَإِنِّي عَلَى دَرْبِ الْوَفَاءِ أُجَاهِدُ
كَأَنَّ الْقُلُوبَ لِلْغَرَامِ رِحَالُهَا
إِذَا مَا مَضَى الْحُبُّ الْعَفِيفُ بِبَسْمَةٍ
أَضَاءَتْ لَنَا الدُّنْيَا، وَأَسْرَارُ فَالِهَا
فَيَا رَبَّ هَذِي الرُّوحِ خُذْهَا لِعِشْقِهَا
فَفِي قُرْبِهَا طِيبُ الْحَيَاةِ وَنِصَالُهَا
وَقَدْ أَعْلَنَتْ عَيْنِي بِشَوْقٍ وَدَمْعِهَا
بِأَنَّ الْغَرَامَ لَا يُبَدَّدُ مَقَالَهَا
أَيَا غَادَةَ الْحُسْنِ الَّتِي طَابَ ذِكْرُهَا
كَأَنَّ النَّدَى فِي اللَّيْلِ سَالَ وِصَالَهَا
لَقَدْ صَارَ حَرْفِي فِي هَوَاكِ قَصِيدَةً
وَأَنْتِ الْبَهَاءُ فِي الْقَوَافِي وَمَآلَهَا
فَلَا تُغْفِلِي قَلْبًا أَتَاكِ مُتَيَّمًا
فَمَا عَادَ يَحْتَمِلُ الْجِرَاحَ وَحَلَالَهَا
كَأَنَّ النُّجُومَ فِي السَّمَاءِ تَنَاهَتْ
لِتُصْغِيَ لِمَنْ نَاجَى الْعُيُونَ، جَمَالَهَا
وَهَذَا دُعَائِي مِنْ فُؤَادٍ مُحَرَّقٍ
فَيَا رَبَّ جَمِّلْ بِالْعَفَافِ وَمَآلَهَا
463
قصيدة