عدد الابيات : 42
أَيَا قُبَّةَ الْأَحْلَامِ فِي عَيْنِ سَارَةٍ
وَيَا قَمَرًا يُسْقِي الْمَدَى نُورَ سَاحِرِ
إِذَا قِيلَ: مَنْ أَبْهَى مِنَ النَّجْمِ وَجْهُهَا؟
تَفَاخَرَتِ الْأَفْلَاكُ فَوْقَ الْمَظَاهِرِ
تُزَاحِمُ فِي لَيْلِ الْهَوَى كُلَّ كَوْكَبٍ
وَتَجْلُو ظَلَامَ الْقَلْبِ بِسِحْرٍ مُنَوِّرِ
إِذَا مَا سَرَى صَوْتُ الْحَبِيبَةِ فِي الْمَدَى
أَعَادَ رَبِيعَ الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِ جَازِرِ
أَيَا سَارَةُ، أَنْتِ النَّدَى فِي صَبَاحِنَا
وَأَنْتِ السَّنَاءُ فِي اللَّيَالِي الْغَوَابِرِ
بِكِ الْأَرْضُ تَحْيَا، وَالْبَرَايَا تُشِيدُهَا
وَتُزْهِرُ بِالْبَدْرِ الَّذِي لَمْ يُنَاظِرِ
فَمَا الشِّعْرُ إِلَّا مَا تَهَوَّى قُلُوبُنَا
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا أَنْتِ يَا أَجْمَلَ الْحُضُرِ
إِذَا قِيلَ: مَا الْحُبُّ؟ قُلْتُ: هُوَ سَارَةٌ
وَإِنْ قِيلَ: مَا الْعِشْقُ؟ قُلْتُ: هُوَ الْبَدْرِ
تُذِيبِينَ مِنِّي كُلَّ جُرْحٍ مُؤَرِّقٍ
وَتُبَعْثِرِينَ الْحُزْنَ عَنْ قَلْبٍ مُفْتَقِرِ
تُنَادِينَنِي فِي اللَّيْلِ، أَحْيَا كَأَنَّنِي
أَسِيرُ مَعَ النَّجْمِ الْمُعَلَّقِ فِي الدُّرَرِ
أَرَاكِ تُضِيئِينَ اللَّيَالِيَ بِعِطْرِكِ
كَأَنَّكِ فِي زَهْرِ النُّجُومِ الْمُنْتَثِرِ
أَرَاكِ هَوَاءَ الرُّوحِ حِينَ تَضِيقُ بِي
دُرُوبُ الْحَيَاةِ فِي ضَجِيجِ الصَّدْرِ
إِذَا مَا بَكَتِ الْأَرْضُ فِي شَحِّ مَائِهَا
فَأَنْتِ السَّحَابُ الْمُنْعِمُ الْمُتَطَهِّرِ
تُطِيلِينَ فِي عُمْرِي بِحُبٍّ كَأَنَّنِي
وُلِدْتُ لِعَيْنَيْكِ مِنْ نُورِ الشَّرَرِ
تُنَادِينِي الْأَطْيَارُ بِاسْمِكِ يَا مَلَكًا
وَأُغَنِّيكِ فِي سِرِّي بِأَلْحَانِ مَنْظَرِ
أَيَا سَارَةُ، يَا مَجْدَ السَّمَاوَاتِ بِالضُّحَى
وَيَا نَبْضَ قَلْبٍ لَا يُفَارِقُهُ بِالصَّبْرِ
إِذَا قِيلَ: مَا الْمُعْجِزَةُ فِي قَصِيدَةٍ
فَأَقُولُ: هَذِي مُعَلَّقَتِي، فَاتَّعَطِّرِ
أَيَا سَارَةُ، يَا دُرَّةَ الْعَصْرِ وَالْبَشَرِ
وَيَا أَجْمَلَ النِّعَمِ الَّتِي خُلِقَتْ قَطَرِ
إِذَا مَا تَمَايَلَتِ الرِّيَاحُ بِظِلِّهَا
فَكُنْتِ أَنِيقَ الْوَرْدِ فِي حُلْمِ السَّحَرِ
تُعَلِّمُنِي الْأَيَّامُ أَنَّكِ مُعْجِزَةٌ
وَأَنَّكِ مَنْبَعٌ لِلضِّيَاءِ الْمُعَمَّرِ
تُزَاحِمُ كُلَّ الْكَوَاكِبِ فِي بَرِيقِهَا
وَتَغْرَقُ عُيُونُ الْعَاشِقِينَ فِي الْبَهَرِ
أَيَا سَارَةُ، كُلُّ الْمُعَلَّقَاتِ خَاشِعَةٌ
لِحُسْنِكِ، لَا زُهَيْرٌ وَلَا أُمَيَّةُ حَاضِرِ
فَمَا الشِّعْرُ إِلَّا مَزِيجُ سِحْرِ جَمَالِهَا
كَأَنَّهَا الْقَصِيدَةُ تَنْطِقُ بِالْحُسْنِ وَالسَّمَرِ
لَئِنْ قَالَ دُرَيْدٌ: "قَدْ بَلَغْتُ الْمَعَالِي"
فَأَنْتِ الذُّرَى، وَالْبَاقِيَاتُ سَرَائِرِ
أَيَا سَارَةُ، قُولِي: هَلْ نَعِيشُ لِأَبَدِنَا؟
أَمِنْ بَعْدِ هَذَا الْحُبِّ شَيْءٌ مِنَ الْقَدَرِ؟
فَلَوْ خُتِمَتْ الدُّنْيَا بِقَصِيدَةِ عَاشِقٍ
فَشِعْرُكِ خَاتَمُهَا، وَنَحْنُ مِنَ الظَّفَرِ
فَأَيْنَ ابْنُ صُمَّةَ مِنْ مِثْلِ قَائِلِي؟
وَهَلْ تُدْرِكُ الْأَفْهَامُ سِرَّ الْجَوَاهِرِ؟
فَلَا ابْنُ صُمَّةٍ وَلَا زُهَيْرٌ يُجَادِلُنِي
وَلَا يَرْقَى مِثْلُكِ حُسْنٌ وَلَا بَصَرِ
لَقَدْ نَسَجَتْ شِعْرِي النُّجُومُ مُعَلَّقًا
تَتِيهُ بِهِ الْآفَاقُ فِي كُلِّ مَحْضَرِ
فَمَا كُنْتُ إِلَّا عَاشِقًا فِي قَصِيدَتِي
تَمَلَّكَنِي الْحُبُّ وَأَصْبَحْتُ فِي الْخَبَرِ
أَيَا سَارَةُ، يَا بُغْيَةَ الْقَلْبِ فِي الْهَوَى
وَيَا حُلْمَ عُمْرٍ فِي اللَّيَالِي الْمُعَاسِرِ
وَجَدْتُكِ يَا سَارَةُ بُسْتَانَ عَاطِفَةٍ
يُعَانِقُنِي شَوْقًا كَأَنِّي فِي الْمَطَرِ
وَفِي حَضْرَةِ الْأَحْلَامِ أَسْكُنُ عِنْدَهَا
كَأَنِّي غَرِيبٌ عَادَ يَبْحَثُ فِي الْوَطَرِ
فَيَا شَاعِرَ الدُّنْيَا، تَعَالَ وَقَارِعْنِي
بِشِعْرٍ كَهَذَا، هَلْ تَطُولُ إِلَى أَثَرِي؟
أَيَا جَوْهَرَ الْعُمْرِ الَّذِي لَا يُعَادِلُهُ
سِوَى أَمَلٍ خَافَتَ بِنَارِ الْمُنْتَظَرِ
هُنَا شِعْرُ دَهْرٍ لَا يُضَاهِيهِ شَاعِرٌ
وَلَا يُدْرِكُ الْأَسْرَارَ إِلَّا مَنِ ابْتَكَرِ
أَسِيرُ مَعَ النَّجْمِ الْمُعَلَّقِ فِي الدُّرِ
أَيَا كَوْكَبَ الشِّعْرِ الَّذِي لَا يُزَاحِمُهُ
سِوَى حُسْنِ عَيْنَيْكِ، يَا تَاجَ الْقَدَرِ
وُلِدْتُ لِعَيْنَيْكِ مِنْ نُورِ الْسَمَرِ
إِذَا مَا اخْتَفَى عُمْرِي سَأَكْتُبُ بَعْدَهُ
بِأَنَّكِ أَبْهَى الْحُسْنِ وَالْمَجْدُ الْأَكْبَرِ
وَأَخْتِمُ قَوْلِي يَا سَنَاءَ مَحَبَّتِي
بِدَعْوَاكَ أَنَّ اللَّهَ يَجْمَعُنَا الْأَطْهَرِ
فَإِنَّكِ يَا سَارَةُ دُرَّةُ مَمْلَكَتِي
وَأَنْتِ انْبِثَاقُ النُّورِ فِي كُلِّ مَظْهَرِ
463
قصيدة