الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » يَا سَارَةُ، حِينَ تَلْتَقِي الْأَرْوَاحُ

عدد الابيات : 49

طباعة

يَا بَدْرَ تَمٍّ فِي اللَّيَالِي الْحَالِكَةْ

وَضِيَاءَ صُبْحٍ فِي الظَّلَامِ يُشَارِكُهْ

وَجْهٌ كَزَهْرِ الرَّوْضِ حِينَ تَفَتَّحَتْ

أَنْفَاسُهُ وَالرِّيحُ مِنْهُ مُبَارِكَهْ

عَيْنَاكِ شَمْسٌ لَا تَغِيبُ أَشِعَّتُهَا

وَمَحَاسِنُ الْغِزْلَانِ دُونَكِ هَالِكَهْ

مُقْلَتَا سِحْرٍ قَدْ سَبَى أَرْوَاحَنَا

وَكَأَنَّمَا الْأَقْدَارُ فِيهِ مُشَارِكَةْ

يَا مَنْ إِذَا مَرَّتْ عَلَى دَرْبِ الْهَوَى

صَاحَتْ قُلُوبُ الْعَاشِقِينَ مُبَرِكَةْ

ثَغْرُكِ كَاللُّؤْلُؤِ الْمَنْثُورِ فِي رَوْضِ

الْمَدَى حَيْثُ النَّسَائِمُ مَالِكَةْ

شَفَتَاكِ خَمْرَةُ عَاشِقٍ مُتَعَطِّشٍ

فِيهَا شِفَاءُ الرُّوحِ وَهُوَ بِهَالِكَةْ

يَا نَرْجِسَ الْبَيْدَاءِ بَيْنَ عَرَائِشٍ

تَحْكِي الْجَمَالَ بِزَهْرَةٍ مُتَنَاسِكَةْ

خَصْرٌ كَغُصْنِ الْبَانِ مَالَ بِرِقَّةٍ

فَأَذَاعَ سِحْرًا لِلنُّهَى مُشَاحِكَةْ

مَشَيْتِ فِي الدَّرْبِ الطَّوِيلِ كَأَنَّمَا

هَامَتْ عَلَيْكِ الْأَرْضُ وَهِيَ شَارِكَةْ

ضَفَرْتِ مِنْ ضَوْءِ النَّهَارِ قَلَائِدًا

وَأَلْبَسْتِ لَيْلَ الشَّوْقِ دِرْعَ شَبَائِكِهِ

كُلُّ الْعُيُونِ إِذَا رَأَيْنَ جَمَالَكِ

بَاتَتْ أَسِيرَةَ حُسْنِكِ الْمُتَنَاسِكَةْ

أَمْضِي اللَّيَالِيَ فِي هَوَاكِ مُغَرَّبًا

وَالشَّوْقُ يَنْهَشُ مُهْجَتِي بِمَدَامِكِهْ

أَمْشِي الْبَيَادِي فِي عِشْقِكِ تَائِهًا

وَأَنَا الْجَرِيحُ وَقَلْبُكِ الْمُتَمَاسِكَةْ

مَا بَيْنَ نَارِ الْحُبِّ يُلْهِبُ مُهْجَتِي

وَبَرْدِ صَدٍّ مِنْ يَدَيْكِ يُدَارِكَهْ

أَنَّى رَحَلْتُ فَطَيْفُ وَجْهِكِ مُشْرِقٌ

كَالصُّبْحِ يَطْرُدُ لَيْلَ قَلْبِي وَهَالِكِهْ

أَقْسَمْتُ أَنْ أَنْسَاكِ، لَكِنَّ الْجَوَى

كَالسَّيْلِ يَغْمُرُ صَبْرِيَ فِي مَجَالِكِهْ

أَقْسَمْتُ أَنِّي لَنْ أَعُودَ لِشَكْوَتِي

لَكِنَّ دَمْعِي خَالَفَ الْعَهْدَ تَارِكَهْ

مَا لِي أَرَاكِ عَلَى الْمَدَى كَأَنَّمَا

أَنْفَاسِيَ الْعَطْشَى تَهِيمُ بِنَادِكِهْ

فِي الْقَلْبِ نَارٌ لَا تُطَفِّئُهَا الْمُنَى

وَالرُّوحُ تَصْرُخُ مُسْتَجِيرًا بِجَالِكِهْ

كُلُّ النُّجُومِ إِذَا بَدَتْ مُتَلَأْلِئًا

تَحْكِي مَلَامِحَ وَجْهِكِ فِي بَوَارِكِهْ

يَا وَرْدَةَ الْأَحْلَامِ بَيْنَ ظِلَالِهَا

أَيْنَ السَّبِيلُ لِقَطْفِ وَرْدِ شِبَابِكَهْ؟

أَرْنُو إِلَيْكِ كَأَنَّمَا عَيْنِي سَقَتْ

نَهْرًا مِنَ الْآمَالِ عِنْدَ فِضَالِكِهْ

فَمَتَى اللِّقَاءُ وَقَدْ تَجَمَّعَ فِي الْمَدَى

شَوْقُ الْمَدَى وَحَنِينُ عُمْرِي بِهَالِكِهْ؟

يَا سِدْرَ وَادٍ قَدْ سَقَاهُ غَمَامُهُ

فِيكِ اسْتَرَاحَ الْعِشْقُ وَالْأَرْضُ بَارِكَةْ

وَالطَّيْرُ يَشْدُو فَوْقَ أَغْصَانِ الْمُنَى

كَأَنَّهُ لَحْنُ الْقَصِيدِ وَعَازِفَكَهْ

يَا غَابَةَ الْأَسْرَارِ فِي وَادِي الْهُدَى

حَيْثُ الطُّيُورُ عَلَى الْغُصُونِ مُجَالِسَكَةْ

وَالنَّهْرُ يَجْرِي بَيْنَ وَرْدِ رُبَاكِهْ

لَحْنًا يُرَاقِصُ مُهْجَتِي بِأَنَاشِكِهْ

وَالرِّيحُ تَهْمِسُ فِي الْوُرُودِ كَأَنَّهَا

رُسُلُ النَّدَى تُحْيِي صَبَاحَ سَمَائِكَهْ

أَشْجَارُكِ الْخَضْرَاءُ تُهْدِي ظِلَّهَا

لِلْعَابِرِينَ وَنَسْمَةٌ مِنْ نَدَائِكِهْ

يَا بَحْرَ عِشْقٍ فِي الْمَدَى مُتَمَاوِجًا

أَمْوَاجُهُ لَحْنٌ يُغَنِّي حِمَائِكَهْ

الشَّمْسُ تَغْزِلُ مِنْ خُيُوطِ ضِيَائِهَا

ثَوْبًا عَلَى سَفْحِ الْجِبَالِ بَرَاوِكِهْ

وَاللَّيْلُ يَنْثُرُ فَوْقَهَا أَنْوَارَهُ

فَتَنَامُ تَحْتَ سَمَائِهِ مُبَارِكَهْ

يَا لَيْتَ رُوحِي تَسْتَرِيحُ بِظِلِّهَا

وَأَظَلُّ أَسْكُبُ فِي الْمَدَى أَشْوَاكِهْ

سَيْفِي إِذَا جَاشَتْ عُدَاةٌ بِحِقْدِهَا

غَيْثٌ إِذَا هَبَّتْ نُفُوسٌ مُشَاحِكَهْ

نَصْرًا يَلُوحُ عَلَى جَبِينِ الْكَائِنَاتِ

حَيْثُ الْعُقُولُ بِرُشْدِهَا مُتَمَاسِكَهْ

سَيْفِي إِذَا جَاشَتْ عُدَاةٌ بِحِقْدِهَا

سَارَ الْبَشِيرُ بِرُمْحِهَا وَبِنَفْلِكِهْ

أَنَا الَّذِي فِي سَاحَةِ الْهَيْجَاءِ لَا

يَرْضَى بِغَيْرِ النَّصْرِ فَخْرًا لِمَالِكِهْ

عَقْلِي دَلِيلٌ حَيْثُ ضَلَّتْ خُطْوَةٌ

وَحَكِيمُ رَأْيِي مُسْتَشَارٌ بِخَالِكِهْ

وَإِذَا مَضَيْتُ إِلَى الْمَعَالِي لَمْ أَعُدْ

إِلَّا بِفَتْحٍ أَشْرَقَتْ أَنْوَارُكَهْ

أَنَا ابْنُ مَاضٍ شَامِخٍ فِي عِزِّهِ

حَيْثُ الْحِجَى وَالسَّيْفُ أَصْلُ سِيَاكَهْ

أَهْفُو إِلَى الْمَجْدِ الْبَعِيدِ كَأَنَّمَا

أَبْنِي لَهُ صَرْحًا بِفَيْضِ مِدَادِكِهْ

يَا مَوْطِنَ الْأَرْوَاحِ يَا أَرْضَ الْهَوَى

فِيكَ الشُّمُوخُ كَأَنَّهُ مِنْ دِرَائِكهْ

مَهْمَا ابْتَعَدْنَا فَالْقُلُوبُ تَنَاثَرَتْ

شَوْقًا إِلَيْكَ وَأَدْمُعِي فِي نَدَائِكهْ

يَا مَنْزِلَ الْآبَاءِ، يَا أَرْضَ الْفِدَا

فِيكَ التُّرَابُ قَصِيدَةٌ مِنْ سَمَائِكهْ

يَا مَوْطِنَ الْأَرْوَاحِ أَنْتَ مَآلُهَا

مَهْمَا ابْتَعَدْنَا فَالْقُلُوبُ مُشَاحِكَةْ

الدَّرْبُ مَرْسُومٌ وَإِنْ طَالَ الْمَدَى

وَالْحَقُّ فَوْقَ ظِلَالِهِ مُتَنَاسِكَةْ

سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ النُّجُومَ زُهُورَهَا

وَسَمَاءَهَا لِلْمُؤْمِنِينَ مُسَارِكَةْ

خِتَامُ قَوْلِي فِي ثَنَاءٍ دَائِمٍ

لِلَّهِ مَا شَاءَ الْعُلَا وَتَبَارَكَهْ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

472

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة