عدد الابيات : 50
هَذِي قَصَائِدُنَا تَسْقِي الدُّنَا أَمَلًا
وَفِي السُّطُورِ تُنَادِي العِشْقَ بِالْجُمَلِ
هَذِي سُفُنُّ الهَوَى فِي لُجِّهَا نَبَضَتْ
رُوحِي، وَأَبْحَرَ فِيهَا الشِّعْرُ كَالْبَدَلِ
نَسِيجُهَا مِنْ دِمَانَا، لا يُمَاثِلُهُ
إِلَّا الْغَمَامُ إِذَا مَا أَمْطَرَ الْقُبَلِ
قُولُوا لِمَنْ سَافَرُوا فِي الْحُبِّ، مَا وَجَدُوا
إِلَّا الَّذِي نَسَجَتْهُ الْأَحْرُفُ الْبَدَلِ
يَا مَنْ سَقَتْنِي كُؤُوسَ الْعِشْقِ فِي عَجَلِ
فَصِرْتُ سَكْرَانَ فِي بَحْرِي بِلَا وَحَّلِ
يا مَن سَقَيْتِ الحُبَّ فِي كَفِّي وَكُحْلِهِ
فَانْفَلَّ قَلْبِي كَالطُّيُورِ بِلا مَحَلِّ
سَارَةُ الْقَلْبِ، يَا أُنْشُودَةً خُطِرَتْ
وَفَوْقَ النُّجُومِ، بِحَرْفٍ غَيْرِ مُرْتَحِلِ
سَارَتْ خُيُوطُكِ فِي دَمِي مُتَمَائِلَةً
كَالرِّيحِ تَسْكُنُ فِي الْغَمَامِ وَلَا تَسِلِّ
ذِكْرَاكِ شَمْسٌ، إِذَا مَا غَابَ وَجْهُهَا
ظَلَّتْ بِقَلْبِي كَضَوءِ الْبَدْرِ فِي الْجَبَلِ
ذِكْرَاكِ نَبْضٌ يُشْعِلُ الْأَفْقَ الَّذِي
أَطْفَتْهُ كَفُّ اللَّيْلِ فِي وَجَعٍ خَجِلِّ
يَا قُرَّةَ الْعَيْنِ، يَا نَجْمًا أَتَيْتِ بِهِ
يَحْكِي الْحَنِينَ بِعِطْرِ الْوَرْدِ وَالْغَزَلِ
يَا مَوْطِنَ الْفَجْرِ فِي أَحْلَامِنَا الْخَفِقَةِ
يَا مَنْبَعَ الطِّيبِ فِي زَهْرٍ وَفِي سُبُلِ
عَيْنَاكِ بَحْرٌ، غَرِيقُ الْقَلْبِ يَسْأَلُنِي:
“هَلْ لِلنَّجَاةِ سَبِيلٌ مِنْ لَظَى الْقُبَلِ؟”
عَيْنَاكِ نَارٌ وَفِي جَمْرِ الهَوَى خَفَقٌ
مَا لِي سِوَى النَّظَرَاتِ العُرْيِ فِي المُلَلِ
و كَأَنَّنِي عَنْتَرَةٌ إِنْ مَسَّنِي وَلَهٌ
أُرْدِيكِ صَيْدًا بِوَتَرِ الْقَوْسِ وَالْخَوَلِ
إِنِّي بِوَجْدِكِ فَارِسٌ لَمْ يَرْتَهِنْ خَطَرًا
وَفِي يَدَيَّ جَمَالُ الْبَأْسِ وَالْأَجَلِ
حَمَلْتُ حُبَّكِ كَالرُّمْحِ الَّذِي وَثَبَتْ
فِيهِ الْحَيَاةُ عَلَى آفَاقِ مُسْتَغِلِ
أَحْمِلْ هَوَاكِ كَمِثْلِ الرِّيحِ عَابِثَةً
تَغْزُو الضُّلُوعَ وَتَبْقَى فِي دَمِي خَلَلِي
يَا طَائِرَ الرُّوحِ، لَا أَخْشَى مُحَطِّمَهُ
إِنِّي أَسِيرُكِ، لَمْ أَهْرُبْ وَلَمْ أَمَلِ
يَا طَيْفَ عُمْرِي، إِنِّي لَسْتُ أَرْهَبُكِ
فَالشَّوْقُ جِسْرِي، وَأَنْتِ الْحُبُّ فِي الْأَمَلِ
سِرْتُ الطَّرِيقَ، وَكُلُّ الْأَرْضِ تَعْرِفُنِي
مُسَافِرًا بَيْنَ طَيَّاتِ الْهَوَى الْأَزَلِ
خُطَايَ فِي الْأُفُقِ الْمَذْهُولِ تَحْكِي دَمِي
وَكَيْفَ كُنْتُ غَرَامًا دُونَ أَنْ أَمِلِ
أَذْكُرُ اللَّيَالِيَ الَّتِي قَدْ كُنْتِ تَسْرُقُهَا
مِنِّي النُّجُومُ، فَأَبْقَى فِي ضَنَا جَدَلِ
أَذْكُرْ هُمُوسَ اللَّيَالِي فِي خُيَالِكِ، لَا
تَبْقَى كَذِكْرَى، وَلَكِنْ تَبْتَهِي فِي وَصْلِ
مِنِّي القصائدُ، تَجري فَوقَ مُنْتَهَلِ
يَا زَهْرَةَ الْوَعْدِ، فِي قَلْبِي أَزْرَعُهَا
يَا فَاتِنَةَ العُمرِ، فِي صَدري وَفِي أَجَلِي
فِي كُلِّ بَيْتٍ، وَفِي نَجْمٍ وَفِي جِيِلِ
فِي كُلِّ وَرْدٍ نَبَتْ رُوحِي عَلَى خَجَلِ
لَوْ كَانَ لِلْأَعْشَى يَوْمًا أَنْ يَرَى حُسْنًا
لَمَا كَتَبَ الشِّعْرَ فِي كَأْسٍ وَلَا سَبَلِ
لَوْ كَانَ لِلْأَعْشَى يَوْمًا أَنْ يَرَى سِحْرَّاً
لَرَأى بِهِ فَتَنَ الأَيَّامَ مِن أُوَلِ
بَلْ خَطَّ مِنْ سِرِّهَا نُورًا عَلَى المَقَلِ
عَنْتَرَةُ الْحُبِّ، أَنَا فِي نَصْلِ قَافِيَتِي
وَفُرُوسَةُ الْوَجْدِ فِي أَلْحَانِهِ تَصِلِ
أُهْدِيكِ قَلْبًا، كَقَلْبِ السَّيْفِ، لَمْ يَزَلِ
يَهْوَى الوَفَاءَ وَمِنْهُ الحُبُّ في خَصَلِ
فَإِنْ أَتَاكِ دُرَيْدٌ يَسْأَلُ الْوَصْلَ، قُلْ:
كَيْفَ المَسِيرُ وَمِنْهُ الوَصْلُ فِي رَحَلِ؟
“يَا صَاحِبِي، هَكَذَا يُهْدَى هَوَى الْأَمَلِ”
فَالحُبُّ نَجْمٌ لِمَنْ يَسْعَى بِلا مَلَلِ
فَارِسْتُ وَجْدِكِ، لَا أَخْشَى لَهِيبَ رُؤًى
تَسْكُنْ حَنَانِي كَنَبْضِ الْحُرِّ فِي الْبَلَلِ
أَسْقَيْتِ قَلْبِي نُسَيْمَاتٍ مُبَعْثَرَةً
فَاسْتَوْقَدَتْنِي كَنُورِ الْبَرْقِ فِي الْعَلَلِ
يَا بَسْمَةَ الْعُمْرِ، يَا أَلْقَ الصَّبَاحِ، أَلَا
لَحْنُكِ فِي سَكْرَتِي يَجْرِي عَلَى خَلَلِي
أَنْتِ الرُّؤَى فِي كُتُبِ العِشْقِ الَّتِي سُفِرَتْ
وَالشِّعْرُ مِنْ شَفَتَيْكِ الرُّوحُ فِي عَسَلِ
نَادَيْتُهَا وَالْهَوَى الْمَسْكِينُ فِي طَرَبٍ
يَسْقِي ظِلالَكِ فِي صَمْتٍ وَفِي جُذَلِ
يَا نُقْطَةَ الضَّوْءِ فِي عَيْنِ المَدَى أَبَدًا
يَا أُنْشُودَةً سَكَنَتْ فِي صَدْرِ مُرْتَحِلِ
هَلْ لِلْحَنِينِ سِوَى ذِكْرَاكِ مَرْجِعُهُ؟
هَلْ لِلْحَيَاةِ سِوَى عَيْنَيْكِ مِنْ سُبُلِ؟
تَسْكُنْ حُرُوفِي وَفِي أَلْوَانِهَا قَبَسٌ
مِنْ فَجْرِ وَجْهِكِ فِي أَثْوَابِهِ الْخَجَلِ
لَوْ كَانَ لِي قُبْلَةٌ تَشْفِي تَوَجُّعَنِي
لَكُنْتِ أَنْتِ وَلَا أَبْغِي سِوَى الْقُبَلِ
يَا قِبْلَةَ الْحُبِّ، أَحْرُفُنَا تُقَبِّلُكِ
وَالنَّبْضُ يَكْتُبُ فِي أَعْمَاقِهِ الأَمَلِ
يَا رِيشَةَ الْفَجْرِ، فِي صَدْرِي لَكِ الرُّسُمُ
يَا سِرَّ أَيَّامِنَا، يَا مَوْطِنَ الْغَزَلِ
فَإِنْ سَأَلْتَ الْهَوَى يَوْمًا: لِمَ الْوَجَعُ؟
قُلْ: كَيْفَ يَسْلَمُ قَلْبٌ حِينَ يَبْتَهِلِ؟
قُلْ: كَيْفَ أَكْتُمُ وَجْدِي وَالهَوَى قَدْرِي؟
وَكَيْفَ أَمْنَعُ طَيْفًا فِي دَمِي نَزَلِ؟
مَا الْعِشْقُ إِلَّا نُجُومٌ فِي دُجَاهُنَّدَتْ
تُضِيءُ لِي وَتُبَكِّي صَمْتَ مُرْتَحِلِ
وَالشِّعْرُ مِنِّي إِلَيْكِ الْآنَ يَرْسُمُنِي
وَفِي النِّهَايَةِ… لَمْ أَسْلَمْ وَلَمْ أَزَلِ
472
قصيدة