عدد الابيات : 30
أَنَا ابْنُ قَرَنْفُلٍ وَالْبَأْسُ يَعْرِفُنِي
وَالْحِلْمُ وَالتِّبْرُ وَالْأَمْجَادُ وَالْوِقَارُ
أَنَا الَّذِي انْهَلْتُ لِلْعَلْيَاءِ رَايَتِي
وَالنَّجْمُ يَشْهَدُ أَنِّي الطَّوْدُ وَالنَّارُ
إِنِّي الْفَصَاحَةُ وَالتَّارِيخُ يَعْهَدُنِي
وَالْحَرْفُ فِي ثَغْرِ أَقْوَالِي بَهَارُ
وَالرَّأْيُ إِنْ صَدَعَ الْآفَاقَ مَنْهَجُهُ
فَالْحَقُّ أَبْلَجُ وَالْآرَاءُ أَفْكَارُ
إِذَا دَعَتْنِي رِيَاحُ الْعَزْمِ مُنْدَفِعًا
فَالْبَأْسُ سَاحِي، وَفِي إِقْدَامِي إِعْصَارُ
أَنَا الَّذِي خَاضَ بَحْرَ الدَّهْرِ مُنْتَصِرًا
لَا يَنْحَنِي الدَّهْرُ، بَلْ أَنْحَازُ أَسْفَارُ
وَلِي مِنَ الْحِلْمِ مِيزَانٌ وَمَمْلَكَةٌ
يَعْلُو بِهَا الْعَدْلُ، لَا جَوْرٌ وَلَا عَارُ
وَلِي النَّدَى، وَبِصَوْتِ الْحَقِّ مَوْطِنُهُ
حَيْثُ الصَّدَاقَاتُ لَا غَدْرٌ وَلَا نَارُ
أَنَا الَّذِي سَادَ، لَا زَيْفٌ وَلَا كَذِبٌ
إِنِّي الصَّدُوقُ، وَجَذْرِي الطُّهْرُ وَالْغَارُ
أَنَا الَّذِي خَطَّ لِلْعَلْيَاءِ مَسْلَكَهُ
لَا يَنْثَنِي عَنْ طَرِيقِ الْعِزِّ مِدْرَارُ
إِنِّي الْمَهِيبُ، فَإِنْ جَادَتْ مَلَاحِمُنَا
جَاءَتْ بِيَ الْأَرْضُ أَسْتَشْرِي وَأَخْتَارُ
كَمْ أَنْطَقَتْنِي اللَّيَالِي حِينَ أَسْأَلُهَا
فَاسْتَيْقَظَ الدَّهْرُ، وَانْجَابَ الْإِعْصَارُ
أَنَا الَّذِي أَسْهَرَ التَّارِيخَ مِنْ دَمِهِ
فَاسْتَلَّ مِنْ عُمْقِ أَوْجَاعِيَ الْأَشْعَارُ
إِنْ عُدْتُ أَرْوِي فَمِي، فَالْقَوْلُ مُرْتَجَلٌ
وَالْحَرْفُ مِنْ شَفَتِي مَاءٌ وَأَقْدَارُ
إِنِّي الْمُهَابُ، فَإِنْ غَنَّتْ مَكَارِمُنَا
ظَلَّتْ عَلَى دَرْبِنَا الْأَفْلَاكُ أَسْفَارُ
أَنَا عَمَّارٌ، فَلْيَشْهَدْ مَنْ قَرَأْتُ لَهُ
أَنَا الْفَصَاحَةُ، لَا زَيْفٌ وَإِقْرَارُ
أَنَا الْوَدُودُ، إِذَا مَا الْخِلُّ ضَاقَ بِهِ
دَرْبُ الْوِصَالِ، فَإِنِّي الرُّوحُ وَالدَّارُ
وَإِنْ بَكَتْ مُقَلُ الْأَحْبَابِ مِنْ كُرَبٍ
جَفَّفْتُ دَمْعَ الْأَسَى، وَالْعَطْفُ أَنْهَارُ
إِنِّي الْوَفَاءُ، إِذَا عَاهَدْتُ ذَا ثِقَةٍ
عَقَدْتُ عَهْدِي، فَمَا فِي الْعَهْدِ إِنْكَارُ
وَإِنْ وَعَدْتُ، فَإِنَّ الصِّدْقَ لِي شَرَفٌ
إِنَّ الْوُعُودَ لِغَيْرِ الصَّادِقِ إِعْسَارُ
أَنَا الَّذِي لَا تُرَى فِي الْحُبِّ زَلَّتُهُ
إِنَّ الْوَفَاءَ لِقَلْبِي السَّيْفُ وَالثَّارُ
وَإِنْ تَمَلْمَلَ ضَعْفِي فِي مَوَاقِفِهِ
فَالصَّبْرُ فِي مُهْجَتِي سَيْفٌ وَجَبَّارُ
إِنِّي الْتَقَيْتُ بِحُسْنِ الْعَهْدِ أَكْرَمَ
مِنْ طَوْدٍ، لَهُ فِي جَبِينِ الْعِزِّ أَنْوَارُ
إِنِّي أُحِبُّ، وَحُبِّي لَيْسَ يُدْرِكُهُ
إِلَّا الْقُلُوبُ، وَمَا لِلْحِقْدِ مِقْدَارُ
أَنَا الَّذِي كُلَّمَا أَوْفَى صَدِيقٌ وَفَى
أَوْفَيْتُ ضِعْفًا، أَفْعَالًا وَأَثْمَارُ
وَإِنْ دَنَتْ أُفُقُ الْأَيَّامِ فِي كَمَدٍ
ظَلَّ الْوَفَاءُ عَلَى عَهْدِي إِصْرَارُ
أَنَا الَّذِي كُلَّمَا نَاجَتْ مَوَدَّتُنَا
أَوْفَيْتُهَا الْوُدَّ، أَفْعَالًا وَأَذْكَارُ
إِنْ خَانَ عَهْدِي فَلْيَشْهَدْ عَلَى كَذِبِي
نَجْمٌ، وَلَيْلٌ، وَسَهْلٌ مِنْهُ أَزْهَارُ
أَنَا الَّذِي تُشْرِقُ الْأَخْلَاقُ مِنْ شَفَتِي
وَالْوُدُّ، وَالْحُبُّ، وَالتَّسْلِيمُ، وَالْجَارُ
أَنَا عَمَّارٌ، فَلَا نُكْرَانَ فِي شِيَمِي
إِنِّي الْفِدَاءُ، وَإِنِّي الْعِزُّ وَالْفَخَارُ
472
قصيدة