الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » سِحْرُ الجَمَالِ وَفِتْنَةُ العُيُونِ

عدد الابيات : 49

طباعة

قُمْ، قُمْ أَجِدِّلْ فَوْقَ وَجْنَتِهَا اللُّغَى

فَالحُسْنُ يَبْكِي فِي وُجُودِ المُعَذَّبِ

وَاكْتُبْ بِقَلْبِكَ، لَا بِحِبْرٍ عَابِرٍ

فَالقَلْبُ أَبْلَغُ فِي الجَمَالِ الْمُرَحَّبِ

هَذِي الَّتِي سَكَنَتْ مَدَادَ خَيَالِنَا

فَأَضَاءَ شِعْرُ الْعَاشِقِينَ المُغَلْغَبِ

أَمِنْتُ مِنْ لَحْظِ العُيُونِ السَّاحِرَاتِ

وَجَمَالُهَا يَبْهَى النُّجُومَ بِطِيبِ

وَبِوَجْنَةٍ كَالدُّمْيَةِ المَصْفُوفَةِ

تَسْكُبُ نُورًا فَوْقَ خَدِّ الرَّقِيبِ

وَشَعَرُهَا السِّحْرُ الَّذِي يَتَرَاقَصُ

كَالنَّهْرِ يَمْشِي فَوْقَ جِيدِ الكُتَيْبِ

عِطْرُ الجَنَى فِي نَحْرِهَا يَتَرَاقَدُ

وَالحُبُّ يَرْوِي ظَمَأَ القَلْبِ الكَئِيبِ

ضِحْكَتُهَا تَخْطُفُ أَنْفَاسَ الدُّجَى

وَتُذِيبُ دَمْعَ أَحْزَانِ الزَّمَانِ الرَّهِيبِ

رِقَّتُهَا تُلْهِمُ شِعْرَ القَصَائِدِ قَافِيَةً

وَتُعِيدُ تَأْوِيلَ المَعَانِي العَجِيبِ

عَيْنَاهُ مِثْلُ البَحْرِ تَسْكُبُ دَمْعَةً

تُغْسِلُ أَوْجَاعَ الحَيَاةِ المُهِيبِ

حَنَانُهَا يَبْنِي سَمَاءً مِنْ دُعَاءٍ

وَتَرُدُّ رُوحَ اليَائِسِ المُتَاعَبِ

أَنْتِ الَّتِي تَسْكُبُ فِي قَلْبِي دُعَاءً

لِلْوُجُودِ يَرْفَعُ أَسْمَى المَرَاتِيبِ

قِفْ يَا زَمَانُ فَمَا أَرَى غَيْرَ جَمَالِهَا

سِحْرًا يُعِيدُ لِقَلْبِ الدَّهْرِ الأَعَاجِيبِ

هِيَ أَنْشُودَاتِيَ الْمَسْحُورَةُ انْبَثَقَتْ

مِنْ نَفْحَةٍ فِي مَدَادِ الشَّوْقِ وَالرَّغَبِ

تَمْلَأْ فُؤَادِي كَالرَّبِيعِ إِذَا دَنَا

مِنْ أَرْضِ وَجْدِي، فَازْدَهَتْ بِالتَّرَحُّبِ

وَخُطَاهُ يَنْبُتُ فِي الطُّرُوقِ سَرَاجُهَا

نُورًا يُرَافِقُ دَمْعَ قَلْبٍ مُتْعَبِ

وَصِدَاهُ يَرْقُصُ فِي الصَّدَى كَمُبَشِّرٍ

قَدْ جَاءَ يُقْرَأُ فِي الْمَشَاعِرِ كَتَبِي

مَنْ ذَا يُجَازِي الطُّهْرَ لَوْ لَمْ تُنْشِئِ

أَنْفَاسُهَا فِي رُوحِنَا أَلَقَ الذَّهَبِ؟

مَنْ ذَا يُقَابِلُ حُسْنَهَا إِلَّا إِذَا

أَصْبَحْتَ تَكْتُبُهَا عَلَى ظِلِّ السَّحَبِ؟

هِيَ لَوْ تَنَفَّسَ فِي الْوُجُودِ نَقَاؤُهَا

لَمَحَتْ عُيُونُ الْأَرْضِ دَمْعًا مُسْكَبِ

وَإِذَا تَكَلَّمَ سِرُّهَا فِي صَمْتِهَا

خَرَسَ الزَّمَانُ وَفَاضَ لِلنَّبْضِ العَجِبِ

قَلْبِي يُرَتِّلُهَا وَفِي أَحْرُفِ الدُّعَا

تَسْقِي الْحَنَانَ بِوَجْدِهَا الْمُتَقَلِّبِ

وَتَمُرُّ فِي فَصْلِ الْجُمَالِ كَمِثْلِهَا

لَا يُشْبِهُ الفَصْلَاتِ فِي الْوَقْتِ الرَّطِبِ

وَالعِطْرُ مِنْهَا لَيْسَ يُشْبِهُ نَبْتَةً

بَلْ يَسْكُنُ الأَرْوَاحَ فِي لَحْنِ الطَّرِبِ

وَالحُسْنُ لَا يَسْقَى سِوَاهَا أَصْلَهُ

فِي كُلِّ مِرْآةٍ تَرَاءَتْ كَالكُتُبِ

مَا كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ نَظْرَتَهَا مَدًى

تَسْتَافُ فِيهِ جُمُوعُ حُزْنِي الْمُتْعِبِ

أَرْنُو إِلَيْهَا وَالدُّنَا مُسْتَغْرِبَةٌ

كَيْفَ اقْتَرَنْتُ بِسِحْرِهَا الْمُتَجَلْبِبِ

كَيْفَ انْكِسَارِي فِي غِيَابِكِ بَهْجَةٌ

وَجُرُوحُ قَلْبِي تَسْكُنُ الْمُتَوَهِبِ

أَسْقَتْنِي الْأَحْلَامَ فِي كَفٍّ وَضَاءَتْ

فَكَأَنَّنِي أَحْيَا وَأَحْلُمُ فِي كُثُبِ

تَسْرِي كَدَعْوَةِ مُؤْمِنٍ فِي خَلْوَةٍ

فَتَمُسُّ قَلْبَ النُّورِ فِي الْعَهْدِ الْمُهَذَّبِ

وَتَذُوبُ فِي صَوْتِ الْمَسَاءِ كَنَخْوَةٍ

مِنْ قِبْلَةٍ حَانَتْ وَمِنْ شَوْقٍ مُرَتِّبِ

فِي نُطْقِهَا سِرٌّ يُفَكُّ بِحُرْفِهَا

وَكَأَنَّهُ الْإِيْهَامُ يَسْكُنُ فِي الْعَتَبِ

وَإِذَا أَطَلَّتْ، فَالْكَوَاكِبُ تُخْمِدُ

وَتَصِيرُ فِي وَجْهِ الْبَهَاءِ كَالْمَذْهَبِ

أَمْشِي عَلَى وَرَقِ النَّدَى إِذْ مَرَّتِ

وَأُقَبِّلُ الْخُطْوَاتِ فِي الطَّرْقِ الْمُرَحَّبِ

لَا الشِّعْرُ يَسْتَثْنِي جَمَالَكِ وَاحِدًا

وَلَا الْخَيَالُ يُصَوِّرُ السِّرَّ الْمُهَيَّبِ

إِنْ قِيلَ: مَنْ فِي الْحُسْنِ يُشْبِهُ طَيْفَهَا؟

قُلْتُ: انْظُرُوا، فَالشَّمْسُ مِنْ خَدٍّ مُجَذَّبِ

إِنْ قِيلَ: كَيْفَ العِشْقُ فِي عَيْنَيْكِ؟ قُلْتُ:

مُسْتَعْذَبٌ، مَجْنُونُهُ لَمْ يَتْرُكِ الْمَطْلَبِ

وَبَدَا النَّدَى فِي رِقَّةِ الأَنْفَاسِ، إِذْ

هَبَّتْ عَلَى قَلْبِي كَذِكْرَى المُرَحَّبِ

وَالصَّوْتُ فِي نَبْرَاتِهَا لُغَةُ الْهَوَى

وَالصَّمْتُ مِنْهَا يُفْصِحُ الْحُبَّ الْمُغَيَّبِ

فِي كُلِّ وَقْفَةِ سِحْرِهَا مَعْنًى خَفِيّ

يَهْوَى الوُجُودَ وَفِي الخُيُوطِ الْمُتَعَذِّبِ

وَأَكُونُ فِي سَطْرِ القَصِيدِ حَكَايَةً

مَا بَيْنَ خَدِّ الشَّوْقِ وَاللَّفْظِ الْمُهَذَّبِ

مَاذَا أُسَمِّي كُلَّ هَذَا السِّرِّ فِيهَا؟

وَالدَّهْرُ مَا اسْتَوْعَبْتُهُ فِي الْمُجَرِّبِ

وَجْهُ الجَمَالِ إِذَا أَطَلَّتْ فِي الدُّجَى

يُخْفِي المَسَاءَ وَيَسْجُدُ الضَّوْءُ المُهَذِّبِ

يَا مَنْ نَمَتْ فِي مُقْلَتَيْكِ قَصَائِدِي

وَتَنَفَّسَتْ فِي عَطْرِكِ الْأَيَّامُ كَالكُثُبِ

هَلْ لِلْغَرَامِ سِوَاكِ قِبْلَةُ عَاشِقٍ؟

وَهَلِ الْبَهَاءُ سِوَاكِ فِي فَلَكِ الطَّرِبِ؟

قِيلَ: “اخْتَتِمْ شِعْرَ الغَرَامِ”، فَقُلْتُ: لَا

مَا زَالَ يَسْكُنُنِي كَنَبْضٍ مُتْعَبِ

مَا زَالَ فِي كَفِّي دَمٌ مِنْ حُبِّهَا

وَبِوَجْهِهَا لَمْ يَنْطَفِئْ نُورُ الطَّلَبِ

هِيَ بَدْرُ شِعْرِي، وَالزَّمَانُ إِذَا بَكَى

قَالُوا: تَمَامُ العِشْقِ فِي الظِّلِّ الْمُذَهَّبِ

فَاخْتِمْ بِهَا، وَاجْعَلْ خُيُوطَ حَنِينِهَا

تَسْقِي القَصِيدَ وَتَرْوِي الْحُبَّ فِي الْكُتُبِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

472

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة