عدد الابيات : 30
أَسَارَةُ هَلْ تَدْرِينَ كَيْفَ مُصَابِي
كَأَنَّ المَنَايَا وَافَقَتْ فِي زِحَامِ
وَكَيْفَ سَقَامِي قَدْ أَطَاحَ بِقُوَّتِي
فَلَا أَنَا أَحْيَا فِي هَوَاكِ غَرَّامِي
يُكَلِّمُنِي طَيْفُ الْمَنُونِ وَإِنَّمَا
يُكَابِدُ جُرْحِي سَاكِنِي وَعِظَامِي
أَقْسَمْتُ إِنْ غَادَرْتُ دُنْيَا هَوَانَا
فَإِنَّ الهَوَى يَبْقَى طَوِيلَ الْمَقَامِ
سَأُوصِي نُجُومَ اللَّيْلِ تَسْمُرُ عِنْدَكِ
وَتَبْقَى عَلَى ذِكْرَايَ بَعْدَ الدَّوَامِ
وَيَشْهَدُ فِي عُرْسِ الْمَنُونِ حَنِينِي
فَأَسْكُنُ فِي قَلْبِ الْهَوَى وَالْخِيَامِ
أَسَارَةُ لَوْ تَدْرِينَ مَا حَالُ مُغْرَمٍ
يُكَابِدُ فِي ظُلْمِ السَّقَامِ وَهَامِ
يُعَانِقُ أَطْلَالًا عَلَيْكِ تَفَطَّرَتْ
وَيَرْجُو مِنَ الذِّكْرَى دُمُوعَ الْغَمَامِ
وَيَسْأَلُ لَيْلَ الْعُمْرِ هَلْ مِنْ مُبَشِّرٍ
فَيَصْدَحُ صَمْتُ الْحُزْنِ فِي كُلِّ يامِ
تَذَكَّرْتُ أَيَّامَ الْهَوَى فَتَشَرَّدَتْ
بِقَلْبِي لَهِيبَاتُ الْفِرَاقِ وَنَامِي
فَكَيْفَ سَيَنْسَى كُلَّ مَا كَانَ بَيْنَنَا
وَكَيْفَ سَيُغْفِي حُبُّنَا فِي الْعَلَامِ
أَلَيْسَ هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي قَدْ تَخَطَّفَتْ
مَعَاهِدُهُ الْأَرْوَاحُ فِي كُلِّ أَيَّامِ
إِذَا الدَّمْعُ لَمْ يُغْنِيكِ عَنِّي فَقُولِي
لِعَيْنِي كَفَاكِ النَّزْفَ يَا عَيْنُ دَامِي
فَكَمْ كُنْتُ أَخْفِي دَمْعَتِي وَجِرَاحَهَا
وَأَبْتَسِمُ الْوَجْهَ الْكَئِيبَ أَمَامِي
وَإِنِّي لِوَعْدِ الْعَيْنِ صَادِقُ دَمْعِهَا
فَكَيْفَ أُخَالِفُ وَعْدَهَا بِالْهِيَامِ
كَأَنَّ السِّهَامَ الَّتِي قَدْ أَصَابَتْ
فُؤَادِي مِنَ الْأَيَّامِ دُونَ ذِمَامِ
تُرَاوِدُنِي فِي اللَّيْلِ أَسْوَدَ سَاعَةٍ
فَيَحْمِلُنِي شَوْقِي إِلَى ظِلِّ نَامِي
وَأَحْلُمُ أَنِّي فِي رِضَابِكِ سَارَةُ
وَأُبْصِرُ كَفَّيْكِ بَيْنَ السَّحَامِ
فَلَوْ كَانَ فِي العُقْبَى لِقَاءٌ وَمَرْحَبٌ
لَكُنْتُ سَعِيدًا بِالرَّحِيلِ التَّمَامِ
وَأُحْيَا كَحُلْمٍ فِي ظِلَالِكِ هَانِئًا
وَأُسْكِنُ أَوْرَاقَ الزَّمَانِ كَلَامِي
وَيَشْهَدُ كُلُّ الْعَابِرِينَ مَحَبَّتِي
وَيَبْقَى اسْمُ سَارَةَ فِي الضِّيَاءِ مُقَامِي
عَهِدْتُكِ يَا سَارَةُ قَلْبِي وَرُوحِي
فَكَيْفَ يَمُوتُ الْعَهْدُ قَبْلَ الْخِتَامِ
وَكَيْفَ يَكُونُ الْحُبُّ مَيْتًا وَإِنَّنِي
سَأُبْقِيهِ فِي الْأَوْرَاحِ حَتَّى الْقِيَامِ
وَيَكْتُبُنِي الْعُشَّاقُ نَارًا مُؤَبَّدَةً
فَتَحْيَا حُرُوفِي فِي رُبًى وَخِيَامِ
إِذَا مِتُّ يَا سَارَةُ فَاذْكُرِي فَتًى
يُحِبُّكِ مِثْلَ الشَّمْسِ بَيْنَ الْأَنَامِ
وَلَا تَتْرُكِي قَلْبِي يُجَفِّفُهُ الْبِلَى
وَلَا تَسْأَلِي الدَّهْرَ عَنِ الْإِحْجَامِ
فَمَا الحُبُّ إِلَّا ذِكْرُ مَنْ غَابَ مُخْلِصًا
يُحَلِّقُ فِي الْأَحْلَامِ كَالْأَنْجُمِ السَّامِي
شَكَرْتُكِ يَا نُورِي وَكُلُّ جَمِيلِكِ
يُزَيِّنُ صَحْرَاءَ الْفُؤَادِ الْمُقَامِ
وَإِنِّي وَإِنْ مِتُّ سَأَحْيَا بِحُبِّكِ
وَأَسْكُنُ فِي ذِكْرَاكِ بَيْنَ الْكِتَامِ
وَأُوصِي نُجُومَ اللَّيْلِ تَبْقَى قَرِيبَةً
لِتُسْمِعَنِي صَوْتَ الْحَنِينِ الْأَنَامِ
472
قصيدة