عدد الابيات : 39
أَسَارَةُ إِنَّكِ قَدْ سَكَنْتِ مَنَازِلِي
وَرَضِيتُ فِي هَوَاكِ صَبْرَ الْعَاذِلِ
لَمَّا عَانَقَتْنَا تَحْتَ ضَوْءِ مَسَائِنَا
كَالْعِطْرِ يَسْكُنُ فِي ثِيَابِ الْمَخْمَلِ
لَمَّا الْتَقَيْنَا تَحْتَ أَشْجَارِ الْهَوَى
وَالرَّوْضُ يَضْحَكُ مِنْ نَدَى الْمُتَهَلِّلِ
وَسَمِعْتُ مِنْكِ اللَّفْظَ يَقْطُرُ رِقَّةً
كَالنَّهْرِ يَهْمِسُ فِي ظِلَالِ الْمُنْصِلِ
فَلَرُبَّ لَحْظَةِ عَيْنِكِ الْمَأْمُولَةِ
تَجْرِي عَلَيَّ كَمَاءِ غَيْمٍ هَاطِلِ
فَأَجَبْتُهَا وَالْحُبُّ يَعْلُو خَاطِرِي
إِنِّي أَرَى سَعَادَتِي فِي وَاصِلِ
وَسَمِعْتُ وَعْدَكِ كَالنَّسِيمِ يَسِيرُ بِي
يَنْفَحُ صَدْرَ الْعَاشِقِ الْمُتَأَمِّلِ
لَوْ كَانَ فِي قَلْبِي هَوًى غَيْرَكِ مَرَّةً
لَمْ أَرْتَضِ الْأَيَّامَ فِيكِ بَدَائِلِ
يَقُلْنَ لِي هَجْرًا فَكَيْفَ أُطِيعُهُمْ
وَكُلُّ نَبْضٍ فِي فُؤَادِي قَائِلِ
يَا مَنْ أَضَاءَتْ عَيْنُهَا أُفُقَ السَّمَا
وَزَهَتْ بِهِ فِي لَيْلِ قَلْبٍ مُظَلَّلِ
حُبِّي لَكِ الْبَحْرُ الَّذِي لَا سَاحِلٌ
وَعَذَابُهُ حُلْوٌ كَطِيبِ الْجَانِلِ
يَا مَنْ رَمَى بِالْحُسْنِ قَلْبًا هَائِمًا
وَحَبَائِلِي وَهْنٌ بِجَنْبِ حَبَائِلِ
وَحَدِيثُكِ الْعَذْبُ الَّذِي أَرْوَى ظَمَا
رُوحِي وَحَرَّكَهُ كَلَفْظِ السَّائِلِ
مَنَّيْتِنِي وَعَدَلْتِ عَنْ مَنَّاكَ لِي
فَصَرَفْتِ أَجْلِي كَالْوُعُودِ الْآجِلِ
يَا مَنْ رَمَيْتِ الْقَلْبَ بِسَهْمٍ مُفْرَدٍ
وَصَبَرْتُ حَتَّى لَمْ أُطِقْ أَحْوَائِلِي
وَتَثَاقَلَتْ خَطَوَاتُ لَحْظِكِ إِذْ رَأَتْ
عَيْنَايَ تَشْكُو مِنْ لَهِيبِ غَلَائِلِي
لَمَّا نَظَرْتُ إِلَى ظِلَالِكِ تَحْتَنَا
وَالْحُبُّ يَكْسُوهَا كَضَوْءِ الْمُشْكِلِ
وَالْحُسْنُ يَلْبَسُكِ الْحَيَاةَ كَثَوْبِهَا
يَعْلُو الْمَدَى كَمُعَانِقٍ مُتَجَلِّلِ
وَسَحَرْتِ أَفْئِدَةَ الْعُيُونِ بِرَوْنَقٍ
يَجْلُو الْجَمَالَ كَمُرْسَلٍ بِتَمَهُّلِ
إِنِّي وَإِنْ بَعُدَ الزَّمَانُ بِحُكْمِهِ
سَأَظَلُّ أَذْكُرُكِ كَضَوْءِ الْكَامِلِ
يَا مَنْ جَعَلْتِ الْعَيْنَ بُعْدَكِ فِي ظَمَأٍ
وَالرُّوحَ فِي لَحْظِ الْوِصَالِ تُقَاتِلِ
وَسَأُبْصِرُ الطُّرُقَاتِ كُلَّهَا نَحْوَكِ
وَكَأَنَّهَا تُهْدَى إِلَى حَيْثُ الْمَحِلِّ
يَا مَنْ نَشَرْتِ الْعِطْرَ فِي لَيْلِ الْهَوَى
فَسَرَى إِلَى الْأَفْهَامِ طِيبُ الْمُرْسِلِ
أَحْبَبْتُ فِيكِ كُلَّ شَيْءٍ جَاذِبٍ
حَتَّى الْجِرَاحَ تَبْدُو لَدَيَّ كَفَاضِلِ
هَلَّا وَصَلْتِ الْقَلْبَ إِنِّي عَاشِقٌ
وَالْحُبُّ يُبْدِلُ حَالَ قَلْبِ الْعَاقِلِ
فَصَحِبْتُ حُبَّكِ لَمْ أَزَلْ فِي طَوْعِهِ
وَكَسَرْتُ فِي شَأْنِ الْعَوَاذِلِ نَاصِلِي
إِنْ قُلْتِ لِي هَجْرًا أَجَبْتُكِ مُنْتَشِي
وَأَبَيْتُ هَجْرًا يَسْتَكِينُ عَوَامِلِي
فَلَطَالَمَا نَصَحَتْ عَذُولِي فِيكِ لِي
وَلَطَالَمَا أَغْلَقْتُ بَابَ مَقَائِلِ
يَا سَارَةُ الْحُبُّ الَّذِي أَعْلَمْتِنِي
يَغْزُو الْقُلُوبَ وَمَا لَهُ مِنْ زَائِلِ
يَعْضَضْنَ أَطْرَافًا بِغَيْظٍ حَاسِرٍ
وَوَدِدْتُ لَوْ يَعْضَضْنَ صُمَّ جَنَادِلِ
أَحْبَابُ قَلْبِي فِي يَدِ الْأَقْدَارِ إِنَّهَا
تَسْرِي فَلَا أَعْلَمُ بِهَا سِرَّ زَوَائِلِ
فَلَطَالَمَا أَرْسَلْتِ نَظَرَاتِكِ الَّتِي
تَنْسَابُ فِي صَدْرِ الْعَلِيلِ كَوَاصِلِ
لِوَصْلِكِ الْعَذْبِ الَّذِي لَمْ أَعْهَدِ
مِثْلَ الْبُرُوقِ إِذَا أَضَاءَ السَّائِلِ
يَرْجِعْنَ مِنْ غَيْظٍ وَأَتَجَاهَلُ الْوَغَى
إِنِّي لَحَسْبُكِ فِي الْهَوَى كَمُقَاتِلِ
وَيَقُلْنَ إِنَّكِ فِي الْمَحَبَّةِ بَخْلَةٌ
نَفْسِي فِدَاؤُكِ مِنْ بَخِيلٍ زَائِلِ
لَوْ كَانَ يُغْنِي الْهَجْرُ فِي طَيْفِكِ لَمْ
يَبْقَ الْفُؤَادُ مُسَهَّدًا فِي مَنَازِلِ
لَمَّا الْتَقَيْنَا تَحْتَ ضَوْءِ مَسَائِنَا
472
قصيدة