عدد الابيات : 38
يَا رَاكِبًا فِي اللَّيْلِ يَسْرِي مُؤَيَّدًا
بِرِيحِ الصَّبَا تَجْرِي كَسَيْلِ السَّحَائِبِ
بَلِّغْ أُلُوفَ الْأَرْضِ أَنَّ مُحَمَّدًا
هُدًى يَسْتَضِيءُ بِهِ السُّهُولُ وَشَاهِبِ
هَذَا النَّبِيُّ إِمَامُ النُّورِ قَائِدُنَا
مُحَمَّدٌ شَمْسُ الْهُدَى غَيْرُ غَارِبِ
فَإِنْ تُدْرِكُوا سَيْرَ النُّجُومِ تَرَوْا عَلَمًا
يَفُوقُ جَلَالَ الدَّهْرِ فِي كُلِّ شَارِبِ
يَقُودُنَا بِحِكْمَةٍ وَبَصِيرَةٍ
فَيُلْبِسُ الْأَرْوَاحَ حُلَّةَ مَوَاهِبِ
قَتَلْنَا بِسَيْفِ الْعَدْلِ ظُلْمَ جَهَالَةٍ
وَنَشَرْنَا بَدْرًا فِي الظَّلَامِ الْغَيَاهِبِ
وَفَكَّكْنَا قُيُودًا أَثْقَلَتْ أَرْوَاحَنَا
كَمَا يَكْشِفُ الْبَدْرُ السَّحَابَ الرَّكَائِبِ
إِذَا قِيلَ: مَنْ أَحْيَى الْقُلُوبَ وَرَفَعَهَا؟
قُلْنَا: نَبِيُّ اللَّهِ بَرُّ الْعَوَاقِبِ
وَطَيِّبَةٌ هَزَّتْ بِهِ شَرَفًا وَعِزَّةً
وَصَارَتْ رُبَى الْأَرْضِ أُمَّ الْمَطَالِبِ
يَا خَيْرَ مَنْ سَمَتِ النُّجُومُ بِوَصْفِهِ
وَجَلَّ عَنْهُ الْوَصْفُ فِي كُلِّ كَاتِبِ
مِنْ دُرَّةِ الْأَرْضِ صَعَدْتَ مُبَارَكًا
فَسُدْتَ أَوْجَ الْمَجْدِ عَذْبَ الْمَشَارِبِ
نَبِيُّنَا، بِيَدَيْهِ سُبُلٌ مِنْ هِدَايَةٍ
تَفِيضُ كَمَاءِ الْغَيْمِ تُحْيِي الْكَوَاهِبِ
يَا رَاكِبًا إِمَّا وَصَلْتَ فَأَعْلِمَنْ
مَقَامَ الْحَبِيبِ مُحَمَّدٍ دُونَ كَاذِبِ
وَبَلِّغْ قُرَيْشًا إِنْ مَرَرْتَ بِدَارِهَا
بِأَنَّا عَلَيْنَا نُورَ طَهَ وَوَاهِبِ
فَإِنَّا قَتَلْنَا الْجَهْلَ يَوْمَ بُعِثْتَهُ
بِسَيْفِ الْهُدَى وَالْوَحْيِ، وَالْحَقُّ غَالِبُ
وَجَيْشًا مِنَ الْكُفْرَانِ خَرَّتْ جُمُوعُهُ
لِنُورٍ أَضَاءَ الدَّهْرَ مِنْ كُلِّ جَانِبِ
وَأَبْلِغْ تُهَامَةَ كَيْفَ سَالَتْ قُلُوبُهَا
لِنُورٍ كَشَمْسِ الصُّبْحِ بَعْدَ السَّوَاحِبِ
فَإِنْ تُنْكِرُوا، هَذَا الْمُصَفَّى بِطُهْرِهِ
يَحُثُّ الْوَرَى لِلنُّورِ فِي كُلِّ سَاحِبِ
وَإِنْ تُقْبِلُوا، فَاللَّهُ يَرْضَى مَسِيرَكُمْ
إِلَى رَحْمَةٍ أَكْرَمَتْ كُلَّ طَالِبِ
مُحَمَّدٌ بَدْرٌ، لَا يُخَامِرُ نُورُهُ
قُلُوبَ الْأَنَامِ بِوَصْلِهِ غَيْرَ ذَاهِبِ
وَمَنْ شَرِبَ النُّورَ الَّذِي جَادَ جُودُهُ
تَسَاقَى بِكَأْسِ الْخَيْرِ فِي كُلِّ شَارِبِ
وَإِنْ شَهِدَتْ أَرْضُ الْكِرَامِ فَإِنَّنَا
شَهِدْنَا بِوَصْفٍ لَا يُدَانَى بِمُقَارِبِ
وَصَفْنَا فَكُنَّا عِنْدَ وَصْفِ حَبِيبِنَا
كَحُسْنٍ جَلِيلٍ قَدْ أَتَاكَ بِغَارِبِ
مُحَمَّدٌ زَانَ الْكَمَالَ بِصِدْقِهِ
وَبَذْلِهِ فَأَحَاطَ بِالْعَدْلِ وَاجِبِ
فَصَفْوَةُ الدُّنْيَا وَخَيْرُ أَنَامِهَا
تَفَاخَرَتْ بِالنُّورِ عَنْهُ بَوَاهِبِ
فَإِنْ سُئِلُوا عَنْهُ أَجَابَتْ قُلُوبُنَا
أَنَّهُ حَبِيبُ اللَّهِ طَهَ لِطَالِبِ
فَكَمْ شَقَّ دُجَى الْجَهْلِ نُورًا هُدَاهُنَا
وَكَمْ أَحْيَى النُّفُوسَ بَعْدَهَا بِقَوَالِبِ
مُحَمَّدٌ شَمْسُ الْهُدَى وَسَمَاحَةٌ
تُضِيءُ قُلُوبَ الْمُتَّقِينَ بِحَوَاكِبِ
وَلَمْ يَزَلِ الدَّهْرُ يَفُوحُ بِذِكْرِهِ
كَعِطْرٍ عَلَى الْأَرْضِ زَهْرًا بِجَانِبِ
إِذَا قِيلَ مَنْ أَحْيَا الْقُلُوبَ بِنُورِهِ
قُلْنَا مُحَمَّدٌ هُدًى غَيْرُ غَارِبِ
تَجَلَّى فَزَادَ الْبَيَانُ حُسْنَ صِدَاقَةٍ
وَزَادَ الْمَعَانِي سِحْرَهَا غَيْرَ زَائِبِ
فَمَا فَوْزَةٌ، لَا شَرَفٌ أَجَلُّ مِنْ
أَنْ تُزَكَّى بِالْعُلَا وَسَدِيدِ الْمَنَاقِبِ
ذَكَرْتُكَ فِي لَيْلٍ كَئِيبٍ فَأَشْرَقَتْ
ظُلَامِي، وَصَارَ الْوَصْلُ أَقْصَى الْمَطَالِبِ
مُحَمَّدٌ طَوْدٌ، لَا يُرَامُ سَنَامُهُ
وَسَيِّدُ دِينِ اللَّهِ فَخْرُ الْعَجَائِبِ
مُحَمَّدٌ، يَا تَاجَ كُلِّ مُكَرَّمٍ
فِيكَ ارْتَقَى بِالْمَكْرُمَاتِ الْمَوَاهِبِ
أَنْتَ الْهُدَى، أَنْتَ الشَّفِيعُ لِأُمَّةٍ
تَرْجُو نَدَى الرَّحْمَنِ فِي يَوْمِ نَاحِبِ
فَإِنَّكَ نُورُ اللَّهِ فِي كُلِّ مُظْلِمٍ
يُحْيِي الْقُلُوبَ، وَيَكْشِفُ الْوَهْمَ السَّارِبِ
نَبِيُّنَا، مِنْكَ السَّلَامُ، وَعِزَّةٌ
تَفِيضُ كَمَاءِ الْغَيْمِ فِي كُلِّ جَانِبِ
485
قصيدة