خلف اليفاع وخلف الماء والشجرِ

خدرُ الغوانيَ ممنوعٌ من النظرِ

قد زيَّن النحر لا عن زينةٍ جُعلت

لكنَّها الأرضُ تشكو شحَّة المطرِ

طيرٌ جناحانِ والآفاقُ مشرعةً

نحو السماء كما من قبل لم يطرِ

في مقلتيها سؤالٌ لستَ تفهمهُ

ترنو إليك كمن يرنو إلى سفر

ترنو إليك وما في النفس من سعةٍ

إلَّا التغاضي وغضُّ الطرف بالبصر

تبكي الوصال وتحت السقف أمنيةٌ

تحكي المراد وما في النفس من وطر

اني اليك فلا خوفٌ ولا قلقٌ

أنت الوحيد بلِ ابشر أطيبَ الظفرِ

أنت الوحيد وقلبي أنت تملكهُ

ملك اليمين وما في العيش من سقرِ

قلتُ السلام عليكم يا محيِّرتي

عندي سؤالٌ عن الشكوى من القدر

إنَّي أراكِ وما أدراكِ كيف أرى

دعج العيون عليها العينُ بالأثر

تلك الثياب أراها قيد غانيةٍ

في مقلتيها أحاديثٌ من السمر

قالت هداك الذي يهدي العباد وما

يهدي سواك وأنت الغيث من مطرِ

إنَّي أسيرة قومٍ لا حديث لهم

إلَّا التقاليد تخشى نظرةَ البشرِ

لا هم يراعون وطر الغانيات ولا

يرعون وصل كحيلاتٍ من الحوَرِ

خذني إليك كأنًّي دميةٌ سُرقت

في غفلةٍ القوم ناموا ساعة السحرِ

خلف الستار مشوقٌ أنت تجهلهُ

إنَّي أراه يراشي السمع بالبصرِ

قلتُ امنحيني قليل الوقت عن ثقةٍ

كي أسكب الزيت فوق النار في الحفر

إنَّي تعوًّدتُ ذبح الديك في الصغر

وما تعوَّدتُ ذبح الديك في الكبرِ

إن كنتِ في عجلٍ من أمرك اقتربي

حتَّى نرى كيف فعل العاشق الأشرِ

قالت لديك قليل الوقت حيث ترى

بيض النهود على مهتوكة الأُزُرِ

امَّا تكون وإلَّا تلك ذاهبةٌ

ولا أريد ضياع الوقت في العِبر

قلت التأنَّي فإنَّي عاشقٌ ثملٌ

ولي حكايا من الأهوال والسِيَرِ

أعلو الفريسة عن علمٍ بساحتها

ولا أعير اهتماماً عن مدى الخطر

إنَّي لحوحٌ جموحٌ ليس يقنعني

إلَّا الوصولُ الى المغزى بلا قِصر

قالت إذن نحن بين الماء والشجر

ولا سوانا على مرمى من القمر

هيَّا اعتليني فأنَّي لستُ هادئةً

الا بوضع حصان السبق في الحفر

قلت امنحيني فقالت أيٍَّما قدري

هل أنت إلَّا جزوعٌ غير ذي خبر

لا أنت سوف تفي الغاياتِ لذَّتها

ولا أراك سوى ثرثارةٍ بطرِ

لاتظلميني فأنَّي كنتُ صاحبها

حتى سئمتُ وإني اليوم في ضجر

كما عرفتُ أمور الدهر أجمعها

أمراً بأمرٍ فلا شيءٌ بلا أجَر