عدد الابيات : 20
تَقُولُ: أَتَبْكِي أَخَاكَ وَخَالَكَ مَعًا؟
وَقَدْ ضَاقَ صَدْرِي بِالْبُكَا وَانْتَهَى عُذْرِي
فَقُلْتُ: أَيَا صَبْرًا، أَمَا لَكَ مَنْفَذٌ؟
وَهَلْ يَصْبِرُ الْقَلْبُ الَّذِي أُثْخِنَ بِالْجَمْرِ؟
أَثَائِرُ قَدْ طَوَّقْتَ قَلْبِي بِأَسَى
وَحَاتِمُ يَا نُورَ الْحَشَى، طِبْتُمَا فِي الْقَبْرِ
هُمَا فِي رُبَى الْمَجْدِ اعْتَلَوَا كَوَاكِبَهُ
وَعَانَقَ فَقْدُهُمَا شَجَنِي إِلَى الْفَجْرِ
أَبَى الْمَوْتُ إِلَّا أَنْ يُصِيبَ أَحِبَّتِي
فَمَا زَالَ سَهْمُ الْحُزْنِ يَغْرِسُ فِي ظَهْرِي
فَإِنْ تَسْأَلِينِي عَنْ دُمُوعِي وَسِرِّهَا
فَهِيَ الْغَيْثُ فِي رَوْضِ الْحَنِينِ إِلَى الذِّكْرِ
لَقَدْ كُنْتُمَا لِلْحَرْبِ سَيْفًا مُهَنَّدًا
وَحِينَ انْتَهَى النَّصْلُ اسْتَرَاحَا عَلَى الدَّهْرِ
أَثَائِرُ، يَا أَسَدَ الرِّجَالِ وَمَجْدَهَا
وَحَاتِمُ يَا تَاجَ الْعُقُولِ وَوَجْهَ الْبَدْرِ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أَرَاكُمْ فِي الْمَدَى
أَمْ تَبْقَى رُؤَايَ فِي شُقُوقِ الْمَدَى تَسْرِي؟
هُمَا فِي ثَرَى الْمَجْدِ ارْتَقَيَا مَنَازِلًا
تَفُوقُ سُمُوَّ النَّجْمِ فِي حُلْكَةِ الدَّهْرِ
فَيَا قَبْرَ ثَائِرٍ، اصْطَفِ الْحُزْنَ مَأْمَنًا
وَيَا قَبْرَ حَاتِمٍ، كُنْ لِأَحْلَامِهِ أُسْرِي
لَقَدْ كَانَ قَلْبَاهُمَا كَأَجْرَاسِ صَاعِقَةٍ
إِذَا مَا دَعَاهُمَا النِّزَالُ إِلَى الْحَشْرِ
وَكَانَا إِذَا قَامَا إِلَى الْعِزِّ طَائِرًا
كَأَنَّهُمَا سَيْفَانِ أُغْمِدَا عَلَى النَّصْرِ
وَلَكِنَّ سَهْمَ الْمَوْتِ وَافَى كَعَادَةٍ
فَمَا أَبْقَى فِي الْكَوْنِ إِلَّا صَدَى الْقَهْرِ
فَيَا رِيحَ سَلْقِينَ، احْمِلِي شَوْقَ أَضْلُعٍ
إِلَى حَيْثُ أَرْوَاحُ الْأَحِبَّةِ فِي الْأَسْرِ
أَثَائِرُ، يَا مَنْ كَانَ لِلْقَوْمِ هَيْبَةً
وَحَاتِمُ، يَا مَنْ كَانَ لِلْفَضْلِ فِي الصَّدْرِ
بَكَتْكُمْ سَمَاءُ الْمَجْدِ حُزْنًا، وَأَطْفَأَتْ
نُجُومَ اللَّيَالِي إِذْ طُوِيتُمْ عَلَى الْقَدْرِ
فَإِنْ كَانَ لِلْمَوْتِ اصْطِفَاءٌ وَحِكْمَةٌ
فَقَدْ نَالَكُمْ مِنْهُ التَّفَرُّدُ فِي الْأَجْرِ
فَيَا صَبْرُ، كُنْ لِي خِنْجَرًا فِي مَقَاتِلِي
وَيَا حُزْنُ، عَلِّمْنِي عَلَى الصَّمْتِ بِالصَّبْرِ
فَمَا مَاتَ مَنْ كَانَ الْفِدَاءُ حَيَاتَهُ
وَإِنْ غَابَ عَنْ عَيْنِ الْفُؤَادِ وَعَنْ فِكْرِي
472
قصيدة