عدد الابيات : 34
يَا سَلْقِينَ الْخَضْرَاءُ، جِئْتُكِ مُرْهَقًا
تَعْلُو جَبِينِي حِكْمَةٌ وَخِطَابُ
إِنِّي الشَّآمِيُّ الَّذِي عَشِقَ الْهَوَى
حَتَّى اسْتَبَاحَ حُدُودَهُ الْأَغْرَابُ
حَطَّمْتُ أَشْرِعَتِي، وَأَطْلَقْتُ الْمَدَى
كَيْ لَا يَعُودَ إِلَى الْوَرَاءِ عُبَابُ
أَنَا الَّذِي نَقَشَ النِّسَاءَ عَلَى الْمَدَى
نَبْضًا، وَمَزَّقْتِ الْغَرَامَ رَبَابُ
لَمْ أَنْسَ عَيْنَيْكِ اللَّتَيْنِ هُمَا الْمَدَى
لَكِنَّنِي لِلْوَصْلِ لَيْسَ صَوَابُ
يَا سَاكِنَاتِ الْوَرْدِ فِي أَرْيَافِنَا
تَاهَ الْجَمَالُ وَغَرَّبَ الْأَصْحَابُ
أَيْنَ اللُّغَاتُ الْحُلْوَةُ الْمُتَوَّجَةُ
صَارَتْ خَيَالًا وَالْمُنَى أَسْرَابُ
نَادَتْنِي الْأَجْرَاسُ فِي مِحْرَابِهَا
أَبْكِي الْهَوَى، وَبُكَاؤُهُ إِعْجَابُ
أَقْسَمْتُ بِالنَّهْدِ الَّذِي شَيَّدْتُهُ
أَنَّ الْوِصَالَ بِقَلْبِهِ مِحْرَابُ
مَا عَادَ مِنْ أَحْلَامِنَا إِلَّا الْأَسَى
وَالْكَأْسُ تُسْكِرُنَا، وَفِيهَا عِتَابُ
دِمَشْقُ يَا سَيِّدَةَ الزَّمَانِ بِأَسْرِهِ
وَعَلَى جَبِينِكِ تَسْكُنُ الْأَحْقَابُ
الْفُلُّ يَبْدَأُ مِنْكِ أَنْقَى رُوحَهُ
وَبِشَذَى عَبِيرِكِ يَبْتَدِي الْإِعْجَابُ
الشِّعْرُ مِنْ ضِلْعَيْكِ يَكْتُبُ خَطَّهُ
وَكَأَنَّهُ الطُّوفَانُ وَالْأَسْبَابُ
وَالْحُبُّ يَبْدَأُ مِنْكِ يَا أُمَّ الْهَوَى
فَالْحُسْنُ مِنْكِ، وَأَنْتِ مِنْهُ كِتَابُ
يَا سَيِّدَةَ الْأَيَّامِ، يَا أَصْلَ النَّدَى
تَغْفُو عَلَى وِجْدَانِكِ الْأَحْبَابُ
بَدَأَ الزِّفَافُ، فَمَنْ تَكُونِينَ الَّتِي
تَصْحُو بِأَضْلُعِنَا وَيَهْفُو الْبَابُ
هَلْ أَنَا صَوْتُ الْحُلْمِ فِي أَوْتَارِكُمْ
أَمْ أَنَّنِي فِي صَمْتِكُمْ إِعْجَابُ
مَاذَا أَقُولُ؟ وَسَيْفُ شِعْرِي مُلْجَمٌ
وَأَصَابِعِي فِي دَهْشَتِي تَرْتَابُ
فِي مُدُنِ الْحُزْنِ الْعَرِيقِ مَوَاكِبٌ
كُلُّ الْجَمَالِ بِهَا هَوًى وَسَرَابُ
هَلْ يَكْتُبُ الشُّعَرَاءُ نَبْضَ قُلُوبِنَا
إِنَّ الْكِتَابَةَ أَصْبَحَتْ إِرْهَابُ
يَا سَلْقِينَ الْخَضْرَاءُ شَمْسُكِ بَارِدٌ
وَالنُّورُ مُطْفَأٌ، وَصَوْتُكِ غَابُ
الشِّعْرُ لَيْسَ حُرُوفَنَا، لَكِنَّهُ
دَمْعُ الْعُيُونِ إِذَا الْجَمَالُ أَصَابُ
إِنَّ الْكِتَابَةَ نَارُهَا تَحْرِقُنَا
فَنَعِيشُ بَيْنَ جِرَاحِنَا أَغْرَابُ
قَدْ نَكْتُبُ الْفَرَحَ الْجَمِيلَ بِأَلَمِنَا
وَنَعُودُ فِي لَيْلِ الْخَطَايَا شِهَابُ
يَا سَلْقِينَ الْخَضْرَاءُ أَيْنَ نَوَافِذِي
كُلُّ الْمَنَافِذِ حَوْلَنَا أَبْوَابُ
الْعُمْرُ يَكْتُبُ فَوْقَ أَهْدَابِ الزَّمَانِ
أَنَّ الْجَمَالَ سَحَابَةٌ وَعَذَابُ
أَنَا مُتْعَبٌ، لَكِنَّ حُبَّكِ مُلْهِمٌ
فَهَلِ التَّعَبُ يُرْجَى لَهُ إِيَابُ
فِي كُلِّ جُرْحٍ مِنْكِ أَكْتُبُ قِصَّةً
حَتَّى الْجِرَاحُ بِخَافِقِي أَعْشَابُ
لَا تَتْرُكِي شِعْرِي يَمُوتُ بِغُرْبَتِي
إِنَّ الْقَصِيدَةَ حُزْنُهَا مِكْسَابُ
يَا سَلْقِينُ، الْكَأْسُ الَّتِي شَرِبْتُهَا
طَعْمُ الْهَزِيمَةِ مُرُّهَا يُعَابُ
فَلَرُبَّمَا يَأْتِي الْجَمَالُ بِأَهْلِهِ
وَيُضِيءُ مِنْ وِجْدَانِهِمْ مِحْرَابُ
سَلْقِينُ، سَلْقِينُ، أَيَا سَلْقِينُ
أَنْتِ الْمَدَى، وَالْعِشْقُ وَالْأَسْبَابُ
لَا تَغْضَبِي مِنِّي، فَإِنَّ عُرُوبَتَنَا
غَلَبَتْ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ وَسَرَابُ
لَكِنَّنِي فِي الْقَلْبِ أَحْمِلُ شِعْرَهَا
وَاللَّهُ، جَلَّ جَلَالُهُ، تَوَّابُ
472
قصيدة