عدد الابيات : 24
أَلَا فَاسْمَعِي يَا دَارُ وَافْتَحْ مَنَابِرَهْ
فَإِنَّ فُؤَادِي قَدْ أَثَارَتْ عَقَارِبُهْ
أَتَانِي الْهَوَى لَمَّا تَوَلَّى شَبَابِي
فَأَحْرَقَ فِي صَدْرِي الْجَوَى وَمَرَاكِبُهْ
رَمَانِي بِسَهْمٍ مَا تَجَنَّبَ أَضْلُعِي
فَأَصْبَحْتُ لَا تُجْدِي الْمُدَامُ وَشَارِبُهْ
أَقُولُ وَقَدْ أَدْمَى الْجِرَاحُ جَوَانِحِي
أَمَا لَكَ يَا صَبٌّ يُدَاوِي نَصَائِبُهْ؟
جَفَانِي الَّذِي كُنَّا نُسَاجِلُ وُدَّهُ
وَغَابَ فَلَمْ تَنْفَعْ دُمُوعٌ سَحَائِبُهْ
فَإِنْ كُنْتَ تَهْوَى لَا تَلُمْنِي فَإِنَّنِي
صَبُورٌ عَلَى الْبَلْوَى وَعَزْمِي قَصَائِبُهْ
تَرَكْتُ الَّذِي أَضْنَى الْفُؤَادَ بِصَدِّهِ
إِلَى عَيْشَةٍ تُرْوِي فُؤَادِي شَرَائِبُهْ
وَلَيْلٍ كَمَا السَّهْمِ الطَّوِيلِ سَرَيْتُهُ
تُنَازِعُنِي الْأَشْجَانُ فِيهِ وَنَائِبُهْ
إِذَا مَا دَنَا زِدْتُ اعْتِسَافًا وَعَزْمَةً
فَمَا لِحُدُودِ الْعَزْمِ وَالصَّبْرِ حَاجِبُهْ؟
وَفِي قَعْرِهِ نَجْمٌ يَلُوحُ كَأَنَّهُ
شُعَاعُ دُجًى أَهْوَتْ إِلَيْهِ كَوَاكِبُهْ
تَخَطَّفَتْنِي الرِّيحُ حَتَّى كَأَنَّنِي
سَحَابٌ بِهِ سَارَتْ رِيَاحٌ سَوَارِبُهْ
فَلَمَّا تَبَدَّى الْفَجْرُ وَانْجَابَ لَيْلُهُ
لَقِيتُ الَّذِي بِالْحَقِّ تُمْحَى عَجَائِبُهْ
فَإِنِّي رَأَيْتُ الْقَوْمَ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى
يُنَازِعُهُمْ صَبْرٌ وَتَجْرِي مَرَاكِبُهْ
وَحُرٌّ إِذَا حَامَتْ عَلَيْهِ كَتَائِبٌ
يَقُولُ دَعُوا سَيْفِي فَإِنِّي مُحَارِبُهْ
وَمَا الْعِزُّ إِلَّا فِي لِقَاءِ كَرِيمِهِمْ
يُفَضِّلُ إِكْرَامَ الضُّيُوفِ وَوَافِدُهْ
وَإِنْ نَطَقَتْ عَنْهُمْ قَوَافِي فَإِنَّهُمْ
لِسَانُ الْعُلَا وَالطِّيبُ تَسْرِي مَوَاهِبُهْ
فَأَيُّ امْرِئٍ فِي النَّاسِ يَبْلُغُ مَجْدَهُمْ؟
وَأَيُّ نَجِيعٍ فِي الْبَرِيَّةِ شَارِبُهْ؟
رِجَالٌ إِذَا نَادَيْتَ فِي الْحَرْبِ وَاحِدًا
تَهَافَتَ مِنْ أَعْلَى السُّيُوفِ كَتَائِبُهْ
إِذَا الْمُزْنُ لَمْ يُرْوِ الْبِلَادَ بِمَطَرِهِ
تَرَاهَا بِنَجْمٍ مِنْ سُيُوفِهِمْ سَوَاكِبُهْ
فَدَعْنِي وَمَجْدًا لَا يُنَالُ بِغَيْرِهِ
فَإِنَّ الْفَتَى يَسْمُو وَتَسْمُو مَطَالِبُهْ
وَإِنْ أُحْرِمَ الْحُسْنَى وَأُمْنَعَ بَذْلَهَا
فَإِنِّي بِمَا تَحْوِي النُّفُوسُ مُجَانِبُهْ
فَمَنْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يَعِيشَ مُكَرَّمًا
فَلَا يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ مَا عَاشَ رَاكِبُهْ
وَمَا النَّاسُ إِلَّا فِي الْعُلَا رَكْبُ سَائِرٍ
تَطُوفُ بِهِ الْآمَالُ وَالْعُمْرُ سَارِبُهْ
فَعِشْ حُرًّا أَوْ مُتْ كَرِيمًا وَإِنَّمَا
تُرَى فِي يَدَيْ مَجْدِ الْفَتَى كُلُّ رَاغِبِهْ
488
قصيدة