عدد الابيات : 25
أَمَا آنَ لِلْقَلْبِ الْكَلِيمِ تَطَيُّبُهْ؟
وَأَيْنَ الْمَدَى إِنْ لَمْ يَكُنْ لِي مُهَذِّبُهْ؟
حَيَاتِي ظَلَامٌ فِي يَدَيْ كُلِّ خَائِنٍ
فَإِنْ ضَاءَ نُورٌ قَدْ أَتَى مَنْ يُغَيِّبُهْ
وَلَيْسَ يَسُودُ الْقَوْمَ مَنْ كَانَ خَاضِعًا
وَلَا يَرْتَقِي حَقًّا ضَعِيفٌ يُرَاقِبُهْ
إِذَا كَانَ دَهْرٌ لَا يَصُونُ عُهُودَهُ
فَكَمْ مَنْ تَرَاهُ فَوْقَ عَرْشٍ يُخَرِّبُهْ
خُدَاعُ اللَّيَالِي لَا يُغَرُّ بِحُسْنِهَا
فَكَمْ نَجْمَةٍ أَغْرَتْ فَذَابَتْ كَأَنْجُمُهْ
يَبِيعُكَ ذُو الْقُرْبَى بِدِرْهَمِ غَدْرِهِ
وَأَوْفَى لَكَ الْغُرَبَاءُ حِينَ تُجَرِّبُهْ
فَكُنْ سَيْفَ نَفْسِكَ لَا تَكُنْ فِي هَوَانِهَا
وَلَا تَسْأَلِ الدُّنْيَا فَمَاذَا تُجِيبُهْ؟
وَإِنْ جَاءَكَ الْغَدَّارُ يَشْكُو مَظَالِمًا
فَلَا تَسْمَعِ الْقَوْلَ الَّذِي يَتَكَذَّبُهْ
إِذَا كُنْتَ تَعْلُو فَاحْذَرِ الْحِقْدَ إِنَّهُ
كَمِثْلِ اللَّظَى فِي قَلْبِ نَذْلٍ يُجَذِّبُهْ
وَلَا تَأْمَنِ الدُّنْيَا فَإِنَّ لَهَا يَدًا
إِذَا سَكَنَتْ أَحْزَانُكَ الْيَوْمَ تُقْلِبُهْ
وَمَا الْحُزْنُ إِلَّا سَوْطُ دَهْرٍ مُوَقَّعٍ
إِذَا شَاءَ ذُلًّا بِالْبَشَرْ يُرَكِّبُهْ
وَكَمْ طَامِعٍ لَمْ يَدْرِ أَنَّ نُضُوجَهُ
عَلَى نَارِ مَكْرٍ سَوْفَ يَأْتِي يُحَسِّبُهْ
وَكَمْ عَاذِلٍ يَرْجُو دَمِي وَهُوَ أَجْهَلُ
بِأَنَّ لَهُ يَوْمًا سَيَعْقِدُهُ ذَنْبُهْ
إِذَا الْحُبُّ لَمْ يُسْرِجْ فُؤَادَكَ نُورَهُ
فَكُنْ فِي ظَلَامِ الْجَهْلِ يَبْقَى تَعَذُّبُهْ
وَإِنْ زَانَكَ الْفَجْرُ الْمُنِيرُ بِنُورِهِ
فَلَا يَنْفَعُ الْأَعْمَى جَلَاءٌ يُرَغِّبُهْ
أُحِبُّ جَمِيلًا يَفْتِنُ الْعَيْنَ حُسْنُهُ
وَيَسْبِي الدُّنَا عِطْرًا يَسِيلُ وَيَسْكُبُهْ
يَحُبُّ الَّذِي يَهْوَى وَلَا يَهْوَى الَّذِي
إِذَا مَسَّهُ الْغَدْرُ الْمُهِينُ يُعَتِّبُهْ
وَكَمْ مُنْعَمٍ فِي الْحُسْنِ يَلْقَى مُذِلَّةً
وَكَمْ قَبِيحٍ فِي الْمُلُوكِ يُحَبِّبُهْ
وَكَمْ فَاتِنٍ فِي الْعِشْقِ قَلْبُهُ سَقِيمٌ
وَكَمْ غَيْرُهُ فِي الْعِشْقِ يَهْوَى وَيُطْرِبُهْ
وَمَا الْعُمْرُ إِلَّا زَهْرَةٌ فِي بَسَاتِنٍ
إِذَا طَالَ عَهْدُ الْوَقْتِ يَفْسُدُ طِيبُهْ
وَكَمْ نَاصِحٍ فِي النَّاسِ ظَنُّوهُ مُجْرِمًا
وَكَمْ فَاجِرٍ بِالْمُكْرِمِينَ يُكَذِّبُهْ
فَيَا رَاحِلًا فِي الْعُمْرِ هَلْ أَنْتَ مُدْرِكٌ
بِأَنَّ الزَّمَانَ الْمَاضِيَ الْحُرُّ يَسْلُبُهْ؟
وَهَلْ أَنْتَ تَدْرِي أَنَّ كُلَّ مُطِيعِهِ
سَيُلْقَى غَدًا دُونَ النَّدَامَةِ يُعَذِّبُهْ؟
فَإِنْ كُنْتَ تَرْجُو الْعِزَّ فَالْعِزُّ هِمَّةٌ
وَإِنْ شِئْتَ مَوْتًا فَالْمَذَلَّةُ تُوصِبُهْ
أَمَا حَانَ وَقْتُ الْقَلْبِ يَهْدَأُ صَبْرُهُ؟
أَمَا آنَ صَوْتُ الْحَقِّ يَعْلُو وَيَضْرِبُهْ؟
540
قصيدة