عدد الابيات : 33
أَمَاطَ اللَّيْلُ سِتْرَهُ وَالْمِهْدَدُ
وَهَبَّ الصُّبْحُ مُشْرِقًا يَتَوَقَّدُ
وَنَادَى الْحُسْنُ فِي الْبِقَاعِ مُبَشِّرًا
كَأَنَّ الْأَرْضَ مِنْ نَدَاهُ تُوَلَّدُ
فَمَنْ لِلْعَيْنِ إِنْ رَأَتْ مَا حُسْنُهُ
يُحَارُ بِهِ اللُّبُّ الْغَبِيُّ وَيَجْمُدُ
كَأَنَّ الْبَدْرَ فَوْقَ خَدَّيْهِ صَاغَهُ
سَنَا الْأَنْوَارِ فِي تَأَلُّقِهِ الْأَبَدُ
فَلِلْأَحْدَاقِ بَحْرُ سِحْرٍ جَاذِبٌ
تَخَالُ جَفْنَيْهِ النُّجُومَ تُقَدِّدُ
تَفَرَّدْتَ فِي الْحُسْنِ لَا عَيْنٌ تَرَى
وُجُودَ مِثْلِكَ فِي الْخَلَائِقِ يُوجَدُ
فَفِي وَجْهِكَ الشَّمْسُ الَّتِي لَا مَغِيبَ
لَهَا وَالنُّورُ مِنْ مَحَاسِنِكَ يَسْتَمِدُّ
لَهَا شَفَتَانِ كَاللُّجَيْنِ نَضَارُهَا
يَهِيمُ بِهَا الْمُضْنَى وَيَفْنَى الْمُسَهَّدُ
فَكَيْفَ الصَّبُّ يَسْتَطِيعُ فِرَاقَهَا
وَأَنْفَاسُهَا بَيْنَ الضُّلُوعِ تُرْعَدُ
إِذَا مَا نَطَقْتَ، الشِّعْرُ مِنْكَ مُحَسَّنٌ
وَإِنْ سِرْتَ خَطْوَ الْمَلِيكِ تُسَيِّدُ
وَمَنْ رَامَ مِثْلِي فِي الْمَعَالِي وَرَبِّهَا
فَذَاكَ جَهُولٌ بِالْمَعَالِي مُقَيَّدُ
وَإِنِّي لَصَخْرٌ لَا تَهُزُّهُ الرِّيَاحُ
وَأُسْدٌ إِذَا نَادَتِ الْحُرُوبُ وَأُسْنِدُوا
أُجَلِّي النُّفُوسَ عَنْ كُلِّ دَنَسٍ
وَإِنِّي لِمَنْ يَبْغِي الْفَضَائِلَ مَوْرِدُ
أَبِي سَيِّدُ الْقَوْمِ الْكِرَامِ وَعِزُّهُمْ
وَأُمِّي رَوَتْنِي مِنْ مَكَارِمِهَا الْجَدُّ
وَلَا تَرَنِي فِي الْوَغَى مُتَأَخِّرًا
فَإِنِّي لِطَعْنِ السَّيْفِ وَالْبَاتِرِ الْجَلْدُ
حُبِّي تَوَقَّفَ فِي الْمُتْنِ مُبْهَتًا
كَأَنَّ جِسْمِيَ فِي الْهَوَى يَتَبَدَّدُ
وَسَافَرَتْ رُوحِي إِلَيْهِ تَسَاءَلَتْ
أَأَنْتَ النَّسِيمُ الْمُشْرِقُ الْمُتَعَبِّدُ؟
فَإِنْ كُنْتَ نَارًا فَالسُّرُورُ لَهِيبُهُ
وَإِنْ كُنْتَ مَاءً فَالْمُحِبُّ مُوَرَّدُ
وَأَكْبَرُ فِي الْعُشَّاقِ مَنْ ذَابَ حُبَّهُ
وَمَنْ قَدْ سَقَاهُ الدَّهْرُ وَهْوَ مُجَلَّدُ
يَجُودُ بِأَنْفَاسِ الْهَوَى مُتَوَقِّدًا
وَيَشْكُو وَلَا يَجِدُ السَّبِيلَ وَيَهْتَدُو
وَيَغْدُو إِلَى الدُّنْيَا كَأَنَّ مَرَاحِلَ
سِنِينَهِ قَدْ ضَاعَتْ وَهْوَ مُقْعَدُ
أَحِنُّ إِلَيْكَ الشَّوْقُ فَاقَ مَصَابِي
وَهَلْ يَنْفَعُ الصَّبَّ الْمَشُوقَ تَوَسُّدُ؟
أَرَاكَ فِي الْحُلْمِ السَّعِيدِ مُبَشِّرًا
فَأَصْحُو وَدَمْعِي فِي الْخُدُودِ مُبَدَّدُ
وَأُدْرِكُ أَنِّي فِي الْغَرَامِ مُقَيَّدٌ
وَحَتَّى وَإِنْ أَشْكُو فَلَيْسَ يُسْمَدُ
إِذَا قِيلَ لِلصَّبِّ الْمُعَنَّى تَصَبَّرْ
أَجَابَ: هَوَانُ الْعَاشِقِينَ تَعَبُّدُ
أَلَمْ تَرَ أَنَّ النُّورَ بَدْرًا يُحِيطُهُ
جَفَاءٌ وَإِنْ جَلَّ الضِّيَاءُ وَيَرْغَدُ
وَأَنَّ الْقُلُوبَ الْعَاشِقَاتِ جُرُوحُهَا
جَرَى فِي شُعَاعِ الدَّمْعِ وَهْيَ تُنَضَّدُ
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا مَوْتُ قَلْبٍ تَجَدَّدَ
وَحُكْمٌ عَلَى صَبٍّ بِعَيْنَيْكَ يُفْسَدُ
إِذَا مَا نَظَرْتَ الْعَاشِقَ الْوَامِقَ الَّذِي
غَرِقْتَ بِهِ فَاعْلَمْ أَنَّ عَقْلَهُ مُبَدَّدُ
فَسَلْنِي: مَتَى يَنْهِي الْغَرَامُ عَذَابَهُ؟
وَقُلْتُ: إِذِ الشَّمْسُ الْعَظِيمَةُ تَجْمُدُ
سَلَامٌ عَلَى مَنْ كَانَ يُدْرِكُ مَنْصِبِي
وَيَعْلَمُ أَنِّي فِي الْعَلَاءِ مُوَطَّدُ
فَمَنْ حَاوَلَ الْإِسْلَامَ إِلَّا بِحُجَّةٍ
يُهَانُ وَيَبْقَى فِي الذِّلَالِ مُجَمَّدُ
وَإِنِّي سَيَبْقَى ذِكْرِيَ الْعَطِرُ فِي الْوَرَى
كَأَنِّي بَدْرٌ فِي السَّمَاءِ يُعَضَّدُ
643
قصيدة