عدد الابيات : 19
أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّذِينَ ازْدَانَ عَرْشُهُمُ
فَخْرًا وَسَاسُوا فَلَا نَهْيٌ وَلَا أَمْرُ؟
كَمْ قَدْ بَنَوْا مُدُنًا تَزْهُو بِقُبَّتِهَا
فَأَمْسَتِ الرِّيحُ تَجْرِي فَوْقَهَا السَّمَرُ
لَا تَرْكَنَنَّ إِلَى الدُّنْيَا وَزُخْرُفِهَا
فَإِنَّ مَا تَجْمَعُ الدُّنْيَا سُدًى يَمُرُّ
كُلُّ الرِّجَالِ وَإِنْ طَالَتْ مَقَامَتُهُمْ
يَفْنَوْنَ وَالْمَوْتُ لَا يُبْقِي وَلَا يَذَرُ
يَا لَيْتَ شِعْرِي وَهَلْ يَبْقَى لِصَاحِبِهِ
مَا كَانَ يَجْمَعُ مِنْ مَالٍ وَمَا ادَّخَرُ؟
تِلْكَ الْمَمَالِكُ كَانَتْ مَجْدَ سَادَتِهِ
فَمَا بَقِينَا وَمَا بَقِيَتْ لَهَا أَثَرُ
كَمْ صَاحَ فِيهَا مُلُوكٌ ظَلَّ يَحْسَبُهُمْ
دَهْرًا يُجَدِّدُهُمْ إِنْ عَادَ يَقْتَدِرُ
حَتَّى إِذَا طَحَنَتْهُ الرِّيحُ وَاحْتَضَرُوا
أَلْقَتْهُمُ التُّرْبُ أَشْلَاءً وَانْدَثَرُوا
هَذِي الْقُصُورُ الَّتِي كَانَتْ تُحَصِّنُهُمْ
أَمْسَتْ خَرَابًا وَحَسَرَاتٍ بِهَا الْحَفَرُ
لَا يَغْتَرِرْ فَتًى بِالدَّهْرِ فَالْعِبَرُ
فِي كُلِّ رَاكِبِ دَرْبٍ فِيهِ مُنْحَدَرُ
فَالْمَوْتُ يَطْلُبُ مَنْ كَانَتْ لَهُ قُوَّةٌ
وَمَنْ بِفَقْرٍ وَضَعْفٍ كَانَ يَعْتَذِرُ
يَا حَامِلَ التَّاجِ وَالْمُزْهُوَّ بِرَاحَتِهِ
مَا التَّاجُ إِنْ أَصْبَحَ الْجُثْمَانُ يَحْتَضِرُ؟
مَا الْعِزُّ إِلَّا جَنَاحُ الْعِلْمِ فِي زَمَنٍ
يَطُولُ فِيهِ الْعَطَا وَالْمَجْدُ يُزْدَهِرُ
إِنْ كُنْتَ تُبْصِرُ فَانْظُرْ كَيْفَ خَالِدَةٌ
آثَارُ مَنْ صَدَقُوا وَالْعِلْمُ مُنْتَشِرُ
وَاعْمَلْ لِدَارٍ تُنِيرُ النُّورَ فِي سُبُلٍ
تَزْهُو بِمَا فَعَلَ الْأَبْرَارُ وَالْخِيَرُ
فَالدَّهْرُ لَا يَثْبُتُ الْغَافُونَ حَسْرَتُهُمْ
إِنْ مَاتَ ذِكْرُهُمُ وَالْعَيْشُ مُنْدَثِرُ
وَالْمَجْدُ إِنْ أَنْتَ أَحْيَيْتَ الْفَضَائِلَ
فِي رُوحِ الزَّمَانِ فَإِنَّ الْعِلْمَ لَا يَفِرُ
فَاخْتَرْ سَبِيلَكَ إِمَّا الْعِزُّ مُشْتَهِرٌ
أَوِ الْفَنَاءُ وَتِلْكَ الْعَيْشَةُ الْكَدِرُ
إِنَّ الْحَيَاةَ فَنَاءٌ لَا بَقَاءَ لَهَا
فَاعْمَلْ لِمَا يَبْقَى فَالْمَوْتُ مُقْتَدِرُ
621
قصيدة