عدد الابيات : 39
سَأَخُطُّ فِي الْأَشْوَاقِ نَبْضَ مَقَاتِلِي
وَأَسِيرُ فِي دَرْبِ الْغَرَامِ جَمِيلَا
وَأُرَتِّلُ الْأَحْزَانَ شِعْرًا نَابِضًا
فَيَذُوبُ فِي كَفِّي الْوَرَقُ الْمَيِّلَا
أَلَا يَا صَبَا الرِّيحِ الشَّمَالِ تَرَفَّقِي
فَإِنِّي شَجٍ، قَدْ هَدَّنِي التَّمْثِيلَا
بَكَيْتُ طُلُولًا فِي الرِّيَاحِ تَهَدَّمَتْ
وَخَلَّفَهَا هَجْرُ الْحَبِيبِ طَوِيلَا
أَطَالَتْ وُقُوفِي فِي الدِّيَارِ مَآرِبِي
وَفِي الرُّوحِ نَارٌ لَا تُطَاقُ نُزُولَا
أَحِنُّ إِلَى عَهْدٍ مَضَى كَيْفَ أَطْوِهِ؟
وَكَيْفَ أُطِيقُ الْعَيْشَ وَهْوَ ذَبُولَا؟
وَهَلْ يَرْجِعُ الْوَصْلُ الْقَدِيمُ كَمَا بَدَا؟
أَمِ الْعُمْرُ يَطْوِي حُلْمَنَا مَسْحُولَا؟
إِذَا نُحْتُ صَدَّ الرِّيحُ نَوْحِي بِصَوْتِهَا
كَأَنَّ الدُّجَى قَدْ بَاتَ فِيهِ عَوِيلَا
سَأَلْتُ اللَّيَالِيَ كَيْفَ غَابَتْ سُلُوفِي؟
فَأَجْهَشَتِ الْأَطْيَافُ بُكْيًا ذَلِيلَا
أُجَاذِبُ شَوْقِي فِي الصَّبَاحِ وَالدُّجَى
وَلَا الشَّوْقُ يُخْفَى وَالدَّمْعُ يَحِيلَا
فَيَا لَيْتَنِي مِثْلَ الرِّيَاحِ مُسَافِرٌ
أُقَلِّبُ بِعَيْنٍ أَرْضًا لَا تُطِيقُ رَحِيلَا
وَيَا لَيْتَنَا لَمْ نَفْتَرِقْ عِنْدَ مَهْدِنَا
وَلَمْ تَنْقَضِ الْآمَالُ وَهِيَ شَحِيلَا
أُقَلِّبُ طَرْفِي فِي الْفَيَافِي كَأَنَّهَا
تُنَادِينِي بِالذِّكْرَى نَدًى وَمُهُولَا
فَلَا النَّاسُ يُغْنِيهِمْ جَوًى مَحَاجِرِي
وَلَا الدَّهْرُ يَدْرِي كَيْفَ كَانَ ذَلُولَا
فَلَوْ أَنَّ دَهْرِي قَدْ أَنَابَ إِلَيَّ مَنْ
أُحِبُّ، لَمَا بَاتَتْ دِمَايَ سُيُولَا
وَلَكِنَّهُ الدَّهْرُ الَّذِي لَا يُطَاعُهُ
يُسَامِي بِنَا فِي كُلِّ حِينٍ نُكُولَا
أُقَلِّبُ أَيَّامِي بِقَلْبٍ وَحَسْبِيَ أَنَّنِي
أُرَاقِبُ نَجْمًا فِي الدُّجَى مَغْلُولَا
كَأَنَّ السَّمَاءَ الْبُكْمَ ضَجَّتْ وَقَالَتِ
لِقَلْبِي صَبَرْتَ فَاصْطَبِرْ تَأْوِيلَا
أَلَا لَيْتَنِي أَحْيَا قَلِيلًا فَأَلْتَقِي
بِمَنْ كَانَ بَدْرًا فِي الْمَسَاءِ عَلِيلَا
فَمَا نَفْعُ دُنْيَايَ إِذَا كُنْتُ وَحْدِي؟
وَأَيْنَ سِنِينِي إِنْ تَرَكْتُ سَبِيلَا؟
أَلَا فَاذْكُرُوا عَهْدَ الْهَوَى فَهَلَاكُكُمْ
إِذَا مَا نَسِيتُمْ وُدَّهُ مُسْتَحِيلَا
وَابْكُوا عَلَى الْعُشَّاقِ إِنْ شَاءَ حُبُّكُمْ
وَلَمْ تَجِدُوا بِالْأَرْضِ لِحُبِّي بَدِيلَا
أَمُرُّ عَلَى ظِلِّ الْحَنِينِ كَأَنَّهُ
يُرَتِّقُ مِنْ نَبْضِ الْفُؤَادِ فَضِيلَا
وَيَسْرِي بِنَفْسِي كُلَّ لَيْلٍ تَذَكُّرٌ
فَيَسْقِينِي أَحْلَامَهَا مُرَّاً نَبِيلَا
أَرَاكِ بِنَجْمٍ قَدْ أَضَاءَ سَحَابَهُ
وَخَفَّفَ عَنْ وَجْدِ الْمُحِبِّ ثَقِيلَا
فَهَلَّا رَحِمْتِ الْقَلْبَ إِنْ شَاءَ وَصْلَكُمْ؟
فَصَارَ لَهُ حُسْنُ اللِّقَاءِ وَسِيلَا
أَجِدُّ عَلَى ذِكْرَاكِ وَالدَّمْعُ مُرْهِفٌ
يُقَلِّبُ فِي صَدْرِي اللَّيَالِي مَقِيلَا
وَأَمْشِي إِلَى وَهْمِ الْوِصَالِ كَأَنَّهُ
سُرَابٌ سَقَانِي فِي الْفَلَاةِ غَلِيلَا
أُقِيمُ عَلَى بَابِ الرَّجَاءِ كَأَنَّنِي
سُؤَالُ الضِّيَاءِ إِنِ اسْتَجَابَ قَلِيلَا
وَأَصْعَدُ فِي صَمْتِ اللَّيَالِي دُمُوعَهُ
لِأَجْدِلَ مِنْ شَوْقِ الرُّؤَى إِكْلِيلَا
فَهَذَا هُوَ الْحُبُّ الَّذِي مَا رَأَيْتُهُ
سِوَى دَائِنٍ أَهْدَى الْفُؤَادَ جَذُولَا
وَلَا شَيْءَ فِي الدُّنْيَا كَوَصْلٍ تَمَنَّعَتْ
بِهِ عَيْنُ مَنْ يَهْوَى فَكَانَ قَتِيلَا
يَا مَنْ سَكَنْتِ الرُّوحَ مَا لِي دَامِعٌ
إِلَّا دَعَاكِ بِالدُّعَاءِ شَوْقَاً جَزِيلَا
وَكَمْ بَاحَ نَبْضِي بِالَّذِي لَا يُقَالُهُ
فَأَسْكَنَ فِي جُنْحِ الظُّلُوعِ دَلِيلَا
وَكَمْ لَفَّنِي حُلْمُ اللِّقَاءِ كَأَنَّهُ
يُرِيدُ بِصَمْتِ الشَّوْقِ أَنْ يَسْتَطِيلَا
وَمَا لِلْهَوَى إِلَّا الصَّبَابَةُ مَرْقَدٌ
يُرَتِّبُ فِي جُرْحِ الْحَنَانِ سَبِيلَا
وَأَبْقَى عَلَى عَهْدِ الْوِصَالِ وَإِنْ نَأَتْ
دِيَارُكِ عَنِّي، كُنْتِ لِي مَحْمِيلَا
إِنْ مِتُّ مِنْ شَوْقٍ، فَكُونِي رَحْمَةً
وَضَعِي عَلَى قَبْرِي الْوَفَاءَ وُصُوْلَا
وَاقْرَئِي سُؤَالَ الْحُبِّ فِي أَكْفَانِهِ
هَلْ كَانَ فِي قَلْبِكِ لَهُ تَنْزِيلَا؟
663
قصيدة