عدد الابيات : 39
أَحِنُّ إِلَيْكِ وَكُلُّ قَلْبِي مُضْرَبٌ
وَيَسِيلُ مِنْ عَيْنِي الْحَنِينُ كَمَا السُّحُبْ
وَيُرَتِّلُ الْوَجْدُ الْقَدِيمُ جِرَاحَهُ
فَأَقُولُ: يَا قَلْبِي لِمَنْ تَرْجُو الْقُرَبْ؟
سَلَامٌ عَلَيْكِ، أَيَا سَارَةُ الْمُهَجِ
فَقَدْ بَاتَ قَلْبِي فِي هَوَاكِ عَلَى لَهَبْ
أَأَحْيَا وَقَدْ غَابَتْ عُيُونُكِ عَنْ دَمِي
وَكَيْفَ أُطِيقُ الْعَيْشَ وَغَابَتْ شُهُبْ؟
أُحِبُّكِ حُبَّ الْعَطْشَانِ يَرْجُو مِيَاهَهُ
وَيَسْجُدُ لِلْغَيْثِ الْهَطُولِ إِذَا صَبَّبْ
وَإِنِّي إِذَا مَا هَبَّ نَفْحُكِ مُغْرَمٌ
كَسَاهِرِ عَيْنٍ لَا يَنَامُ وَلَا يَجِبْ
أُرَاقِبُ لَيْلِي فِي غَيَاهِبِ وِحْشَتِي
وَأُسْنِدُ حُزْنِي بَيْنَ أَطْلَالِكِ الذُّهْبْ
فَكَيْفَ تَرَكْتِنِي وَحِيدًا مُعَذَّبًا
وَكَيْفَ قَضَيْتِ الْعُمْرَ لَا رَحْمَ لِلْقُرَبْ؟
أَطَلْتُ عَلَى الْآمَالِ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ
فَمَا جَاءَنِي بُشْرَى وَلَا لَاحَتِ سُحُبْ
وَكَمْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ تَعُودِي فَأَشْتَفِي
وَيَهْدَأُ فِي صَدْرِي الْوَجْدُ وَمَا لَهَبْ
وَكَمْ قِيلَ لِي: هَلَّا سَلَوْتَ عَنِ الْهَوَى؟
فَقُلْتُ: أَأَسْلُو وَالْقُلُوبُ هِيَ السَّبَبْ؟
أَأَنْسَى وَعَهْدِي لَا يَبِيدُ وَلَا يُفْنَى؟
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا صَادِقُ الْعَهْدِ وُهِبْ
فَإِنْ كَانَ فِي لُقْيَاكِ بُرْءٌ لِمُغْرَمٍ
فَلَا تَتَأَخَّرِي، فَانْتِظَارِي مُنْتَحَبْ
وَإِنْ شَاءَ دَهْرِي أَنْ يُطِيلَ فِرَاقَنَا
فَلَا خَيْرَ فِي دَهْرٍ لِغَادِرِهِ قَدْ نُكِبْ
أُحِبُّكِ، لَا عَذْلٌ يُفِيدُ وَلَا الرَّدَى
وَلَا الدَّهْرُ يَسْلُو وَلَا الْخَطْبُ صَعُبْ
فَإِنْ عُدْتِ يَوْمًا فَالْقُدُومُ مُبَشِّرٌ
وَإِنْ لَمْ أَرَكِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالسَّبَبْ
أَبُوحُ بِالعَيْنِ لِأَيَّامِي بِأَنَّكِ كُلُّهَا
وَمِنْ بَعْدِ عَيْنِكِ لا أُرِيدُ وَلا أَطِبْ
وَكَيْفَ أُعانِقُ فَجْرَ عُمْرِي ضَاحِكًا؟
وَصَوْتُكِ فِي أُذْنِي بُكاءٌ وَانْتِحَبْ
وَكَيْفَ أَخُونُ الحُبَّ، وَهْوَ مَشَاعِرِي؟
وَهَلْ تَنْكُرُ الْعَيْنُ الحَنَانَ إِذَا وَهَبْ؟
سَقَيْتِ فُؤَادِي مِنْ دُمُوعِكِ قُبْلَةً
فَصِرْتُ أُسَاقِي الدَّهْرَ وَجْدًا مُنْسَكِبْ
تَرَكْتِ انْكِسَارِي فِي الطَّرِيقِ يُقَلِّبُهُ
هَوَايَ، وَقَلْبِي فِي الْغِيَابِ قَدِ يُصَبْ
فَهَبْنِي غَرَامًا، قَدْ سَمَتْ أَشْوَاقُهُ
وَمَا ضَلَّ فِي شَيْنٍ وَمَا رَامَ مُرْتَقَبْ
سَأَبْقَى وَإِنْ هَجَرَتْ مَلامِحُكِ الرُّؤى
أُرَتِّلُ شِعْرًا فِي الهَوَى لَكِ، وَانْتَسَبْ
وَأَسْكُبُ صَوْتِي فِي السُّكُونِ، وَفِي دَمِي
أَنِينٌ يُسَافِرُ فِي الضُّلُوعِ، وَقَدْ تَعِبْ
فَإِنْ جَاءَنِي يَوْمٌ بِطَيْفِكِ عَائِدًا
سَأُسْنِدُ أَيَّامِي عَلَيْكِ، وَلَنْ أَهِبْ
وَإِنْ لَمْ يَجِئْ، فَالرَّوْحُ فِي شَوْقِهَا وَجَلٌ
وَتَبْكِي، وَتَدْفَنُ فِي الْقُدُومِ لَهَا طَلَبْ
أَتَرَكْتَنِي وَالرُّوحُ تَصْرُخُ بَيْنَنَا؟
أَمْ ضَاعَ قَسَمُ العِشْقِ فِي زَمَنٍ كَذِبْ؟
وَكَيْفَ يَمُرُّ الْعُمْرُ، وَانْتِ ظِلالُهُ؟
وَيَضِيعُ وَجْهُكِ فِي السُّرَى، وَيَغِيبُ صَبْ؟
قَدْ كُنْتِ أَشْبَاحِي، وَكُنْتِ مَلَامِحِي
وَكُنْتِ كَنَفْسِي إِنْ تَنَفَّسَهَا التَّعَبْ
تُرَاوِدُنِي الذِّكْرَى، وَفِي عَيْنِي بُكَى
وَفِي نَبْضِ أَشْوَاقِي جَمِيعُكِ قَدْ ضَرَّبْ
فَإِنْ كُنْتِ فِي نَفْسِكْ نَسِيتِ غَرَامَنَا
فَإِنِّي بِوُدِّي لَمْ أُفَكِّرْ فِي الْهَرَبْ
وَمَا خُنْتُ عَهْدًا، كُنْتِ أَنْتِ كِتَابَهُ
وَلَا نَابَ عَنْكِ فِي الْغَرَامِ وَلَا حَبِبْ
بَكَتِ الطُّمُوحَاتُ الَّتِي أَبْنَيْتُهَا
عَلَيْكِ، يَا حُلْمًا تَبَخَّرَ، وَانْحَجَّبْ
كَمْ كُنْتِ فِي الأَيَّامِ تُشْعِلُ شَمْعَتِي
فَأَضَأتِ لَيْلِي فِي الضِّيَاعِ وَفِي الْكُرَبْ
وَالْآنَ أَمْشِي فِي الطَّرِيقِ بِوَحْدَتِي
وَأُرَاوِغُ الأَحْلَامَ، وَالحُلْمُ قَدْ تَعَبْ
يَا رَبَّنَا، إِنْ كَانَ هَذَا نَصِيبُنَا
فَأَعِنِّي، وَاصْرِفْ دُعَائِي وَمَا كَتَبْ
فَمَا فِي الْهَوَى ذَنْبٌ سِوَى أَنِّي لَهَا
أَحْبَبْتُ حَتَّى كَانَ قَلْبِي فِي الْخَرَبْ
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِي، فَارْزُقِنِي نِسْيَانَهَا
وَاجْعَلْهُ لِي جَبَلًا عَلَى صَدْرِي وَشَبْ
فَقَدْ كَانَتِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَنَا
وَصِرْتُ بِدُونِ الْوَجْدِ كَالطَّيْرِ إِذْ خَبَبْ
663
قصيدة