عدد الابيات : 65
طباعةيَا مَنْ يُغَنِّي فِي دُجَى الْآهَاتِ أَنْغَامِي
وَيَرُدُّ فِي زَمَنِ الْجِرَاحِ صَدَى سُؤَالِي
هَذِي حُرُوفِي، وَالْقَصَائِدُ دَمْعُ مَأْتَمِي
أَطْلَقْتُهَا، وَالْوَجْدُ يَشْرَبُ مِنْ خَيَالِي
بَنِيَّ، اسْمَعُوا وَصْفِي وَمَقْوَالِي
بِحُكْمِ الْحِكَمِ الْعُلْيَا وَمِثْوَالِي
إِذَا مَا الْعُمْرُ لَاحَتْ فِيهِ أَنْوَاءٌ
فَلَا تَرْكَنُوا لِلذُّلِّ وَلَا لِلْوَالِي
وَكُونُوا كَالصُّقُورِ الْعُزْمِ طَبْعُكُمُ
يَطِيرُ فَوْقَ رُكْنٍ ذَاتِ عِزٍّ وَمَعَالِ
إِذَا سِرْتُمْ إِلَى الْعَلْيَاءِ فِي ثِقَةٍ
فَلَا تَهْوُوا لِقَوْلِ الْجَاهِلِ الْبَالِي
وَإِنْ جَارَتِ الْأَيَّامُ فِينَا مَرَارَةً
فَصَبْرُكُمْ عَلَى الْأَحْدَاثِ مِعْوَالِي
وَلَا تُعْطُوا الدُّنَا نَفْسًا مُذَلَّلَةً
وَلَا تَرْكَنُوا لِلْعَيْشِ بِإِذْلَالِ
أَبَوَاكُمَا عَلَيْكُمْ فَاحْفَظُوا حُرَمًا
فَإِنَّ الْحُبَّ وَالْإِكْرَامَ أَفْضَالِي
وَصِلُوا الرَّحِمَ إِنَّ الْوُدَّ يَجْمَعُكُمْ
إِلَى أُنْسٍ كَعِطْرِ الْمِسْكِ مُنْهَالِ
وَأَكْرِمْ ضَيْفَكَ الْوَافِيَ، فَمَا شَرَفٌ
يُدَانَى الْجُودَ فِي بَيْتٍ وَإِجْلَالِ
وَلَا تَغْدِرُوا إِنَّ الْغَدْرَ مَذْلَمَةٌ
وَإِنَّ الْعَهْدَ بِالْإِنْسَانِ أَغْلَالِي
إِذَا قِيلَ لَكُمْ حَقٌّ فَكُنْ بَصِيرًا
وَلَا تَحْمِلُوا ظُلْمًا بِإِبْطَالِي
وَصُونُوا الْعِرْضَ، لَا تُؤْتُوا مَهَانَتَهُ
فَإِنَّ الْعِرْضَ كَالنَّخْلِ الْمُطَالِي
وَإِنْ غَابَ صَدِيقٌ لَا تَكُنْ خَوَنًا
فَإِنَّ الْوُدَّ حِفْظُ الْعَهْدِ مِثْوَالِي
وَأَعْدَاءُ الْفَتَى يَكْثُرْنَ إِنْ نَجَحَتْ
خُطَاهُ، فَاحْذَرُوا الْمَكْرَ بِإِجْمَالِ
وَلَا تُفْشُوا السِّرَّ إِنَّ السِّرَّ خُصْلَتُهُ
تَبِينُ الْعَزْمَ مِنْ سِرِّ الْمَعَالِي
وَلَا تُرْهِقُوا نَفْسًا بِحِقْدٍ فَإِنَّهُ
يُذِلُّ الْقَلْبَ فِي حَالٍ وَإِحْلَالِ
وَلَا تَرْجُوا مِنَ الدُّنْيَا مُجَازَاةً
فَكَمْ أَعْطَتْ وَكَمْ عَادَتْ بِإِبْدَالِ
سَلُوا النَّفْسَ عِزًّا لَا تَرُودُكُمُ
فَإِنَّ الْعِزَّ يَبْقَى بَعْدَ تَرَحَّالِ
فَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ قَلْبٍ يُوَدُّكُمُ
وَذَاكَ الْعِلْمُ كَالنُّورِ الْمُتَعَالِي
وَإِنْ قِيلَ فَصْلُ الرَّأْيِ مَا مِيزَانُهُ؟
فَقُولُوا: الْعَقْلُ وَالتَّقْوَى بِأَفْعَّالِ
وَمَنْ طَهُرَتْ نَفْسُ الفَتَى بِنَصَافَةٍ
يَبِيعُ الشَّكَّ بِالْإِيمَانِ في إِقْبَالِي
وَكُنْ صَادِقًا فِي الْقَوْلِ لَا تَخْشَ الْوَرَى
فَصِدْقُ القَوْلِ أَفْضَلُ كُلِّ أَقْوَالِي
وَإِنْ قِيلَ: مَا الزَّادُ الْكَرِيمُ لِرَاكِبٍ؟
فَقُلْ: صَبْرٌ، وَإِيمَانٌ، وَأَعْمَالِي
وَصَاحِبْ نَبِيلَ القَوْلِ، إِنْ صَدَقَ الرُّؤَى
فَفِي خُلُقِ الْأَصْفِيَاءِ اكْتِمَالِي
وَكُنْ فِي رِضَى الرَّحْمَنِ زَادًا لِلْهُدَى
وَلَا تَتَّبِعْ فِي النَّفْسِ أَغْوَالِي
فَكَمْ هَلَكَتْ نُفُوسٌ لَا ضَمِيرَ لَهَا
وَضَاعَتْ بَيْنَ أَهْوَاءٍ وَأَقْوَّالِ
وَأَكْرِمْ كَلَامَكَ بِالْحَيَاءِ فَإِنَّهُ
مِهَابَةُ الْعَقْلِ فِي سِرٍّ وَأَعْدَالِي
وَلَا تَخْدَعِ الأَيَّامَ فَالدَّهْرُ الَّذِي
تُجَامِلُهُ، سَيَرْدِيكَ بِإِفْحَالِي
فَإِنْ سَافَرَ الْعَهْدُ الْقَدِيمُ بِوُدِّكُمْ
فَعُودُوا لِلْوَفَا يَبْقَى بِإِفْضَالِي
وَلَا تَنْقُضُوا الْمِيثَاقَ، إِنَّ نُفُوسَكُمْ
سَتُوزَنُ يَوْمًا فِي يَدَيْ مِيزَالِي
وَكُونُوا بَنِي قَوْمٍ إِذَا ذُكِرُوا عَلَى
ثَنَايَا الْمَجْدِ قِيلَ: الْفَخْرُ أَبْطَالِي
قَدْ كَانَ فِي قَلْبِي لَظَى، وَالنَّارُ شُعَّالِ
فَمَضَيْتُ أُخْفِي فِي الْمَدَى وَجَعَ خَجْلِي
وَرَسَمْتُ بِالْأَحْلَامِ دَرْبًا دُونَ أَهْوَالِ
لَكِنَّنِي صَحَوْتُ وَالْآهَاتُ فِي الْمِئَلِ
أَبْكِي عَلَى ظِلِّي، وَأَرْقُبُ كُلَّ أَطْلَالِي
وَكَأَنَّنِي مَصْلُوبُ وَجْدٍ دُونَ مِغْزَلِ
أَهْفُو لِنَبْضٍ صَادِقٍ فِي صِدْقِ تِمْثَالِ
وَأَضِلُّ فِي صَمْتِي كَأَنِّي سَائِحٌ خَالِي
أَحْيَا عَلَى ذِكْرَى، وَأَمْضِي دُونَ إِقْبَالِ
وَأَبِيتُ فِي شَتَتِي كَأَنِّي وَاحَةُ الْمَالِ
يَا مَنْ نَثَرْتَ الْحُزْنَ فِي دَرْبِي كَأَكْبَالِ
مَاذَا جَنَيْتُ لِكَيْ تَشُدَّ الرُّوحَ بِالْحِبَالِ؟
زَرَعْتَ فِي صَدْرِي سَكَاكِينَ الْأَفَاعِيلِ
ثُمَّ انْسَحَبْتَ، وَلَا بَقَايَا مِنْكَ تُجْلِي
أُخْفِي جِرَاحَ الْعُمْرِ فِي سِتْرِ التِّمْثَالِ
وَأَمُوتُ فِي صَمْتِي كَأَنِّي نَخْلَةُ السَّيْلِ
أَنْسَى الَّذِي كُنَّا، وَيَقْتُلُنِي احْتِمَالِي
وَأُعِيدُ نَبْضِي مِنْ رَمَادٍ دُونَ مِجْذَالِ
أَبْكِي وَلَا أَرْجُو سِوَى حِضْنِ اللَّيَالِي
لَكِنَّهَا تَمْضِي وَتُغْرِقُنِي بِمِكْيَالِ
كَمْ ذَا نَسَجْتُ الْحُلْمَ مِنْ صَبْرٍ وَآمَالِ
فَانْهَارَ صَرْحُ الْوَهْمِ فِي رِمْشِ ارْتِجَالِ
وَسَكَبْتُ فِي صَدْرِي أَنَاشِيدَ الْخَيَالِ
فَغَدَتْ كَذِكْرَى الطَّيْفِ فِي فَجْرِ الزَّوَالِ
يَا مَنْ تَرَكْتَ الْقَلْبَ فِي شَرَكِ الْمُحَالِ
مَاذَا جَنَيْتَ؟ أَكُنْتَ تَسْخَرُ مِنْ هَبَالِي؟
قَدْ كَانَ لِي فِيكَ ارْتِقَائِي وَانْهِمَالِي
وَالْيَوْمَ لَا شَمْسٌ تُوَاسِينِي بِظِلَالِ
فَامْضِ، فَإِنَّ الْعُمْرَ أَضْنَاهُ انْشِغَالِي
بِجِرَاحِ صَمْتِي وَاحْتِرَاقَاتِ اشْتِغَالِي
أَرْنُو إِلَى هَمْسِ الرُّؤَى وَسْطَ الضَّلَالِ
فَأَرَى فُصُولَ الْقَلْبِ مَشْنُوقَةَ الظِّلَالِ
وَأَمُرُّ مِنْ خَيْبَاتِ دَهْرِي فِي اعْتِدَالِ
كَالْمَاءِ حِينَ يَضِيعُ فِي فَمِهِ انْهِمَالِي
وَأَظَلُّ أَطْرُقُ بَابَ وَجْعِي بِاحْتِمَالِ
لَكِنَّ أَبْوَابِي تَعَامَتْ عَنْ سُؤَالِي
وَأُقَايِضُ الْآهَاتِ بِالصَّلْبِ الْجَمَالِ
وَأُقِيمُ مِنْ صَمْتِي مَعَابِدَ لَا مِثَالِ
فَالْحَرْفُ نَافِذَتِي، وَصَمْتِي فِي ابْتِهَالِ
وَجِرَاحِيَ الْبَيْضَاءُ مَزْرُوعَةُ الْوِصَالِ
أُغَنِّي عَلَى وَتَرِ الْفِرَاقِ بِلَا مَلَالِ
كَالْعَنْدَلِيبِ إِذَا تَنَبَّهَ فِي مُحَالِ
يَا أَيُّهَا الْمُلْقَى عَلَى وَهَجِ الْخَيَالِ
مَا عُدْتُ أُؤْمِنُ أَنَّ قَلْبَكَ ذُو ظِلَالِ
يَا وَجَعًا يَسْرِي بِدَقَّاتِ احْتِمَالِ
مِنْ أَيْنَ لِي قَلْبٌ يُدَارِي مَا يُقَالِ؟
كَمْ مَرَّةً رَقَصَتْ خُطَايَ عَلَى الْمُحَالِ
وَسَمِعْتُ ضَحْكَتَهَا تُعَانِقُ اغْتِيَالِي
وَالْأَرْضُ تُنْكِرُنِي، وَتَبْصُقُ فِي احْتِمَالِي
وَالْكَوْنُ يَعْبَثُ فِي جِهَاتِ انْشِغَالِي
وَسُكُونُ لَيْلِي لَيْسَ يُوقِظُنِي لِحَالِ
بَلْ يَسْتَبِيحُ صَقِيعَ نَبْضِي فِي ارْتِجَالِ
هَلْ كُنْتُ أَسْكُنُ بَيْنَ أَضْلَاعِ الْجِبَالِ؟
أَمْ كُنْتُ أَنْمُو فِي ثَرَى وَهْمِي الْمُحَالِ؟
لَكِنَّنِي أَبْقَى، وَإِنْ هَدَّ الْأَسَى حَالِي
شِعْرِي سِلَاحِي، وَالْحُرُوفُ سِحْرُ أَفْعَالِي
أَمْضِي عَلَى وَجَعٍ، وَلَكِنِّي عَلَى تَلٍّ
أَصُوغُ مِنْ نَارِي سُطُورًا ذَاتَ أَهْوَالِ
هَذِي يَدِي، وَهُنَا فُؤَادِي فِي اشْتِعَالِ
وَسَنَابِلُ الشِّعْرِ انْحَنَتْ فِي الِانْهِمَالِ
قَدْ جِئْتُ أَكْتُبُنِي عَلَى ضَوْءِ الْكَمَالِ
وَأُعَانِقُ الْمَجْدَ الْمُؤَبَّدَ فِي جَلَالِ
إِنْ كَانَ هَذَا الْحَرْفُ صُوفِيَّ الْجَمَالِ
فَأَنَا الْمُرِيدُ، وَرُوحُهُ سِرُّ الْمَقَالِ
663
قصيدة