عدد الابيات : 24
أَيَا زِينَةَ الدُّنْيَا وَيَا نَبْعَ الْجَمَالِ
وَيَا مَنْ بَنَتْ لِلْعِشْقِ أَبْهَى مِثَالِ
تَجَلَّتْ كَأَنَّ الْبَدْرَ فِي كَفِّ سَاحِرٍ
تُضِيءُ اللَّيَالِي بِالضِّيَاءِ الْخَجَالِ
لَهَا عَيْنُ ظَبْيٍ فِي رَبِيعٍ مُخَضَّبٍ
يَذُوبُ بِهَا الصَّخْرُ الْجَلِيلُ الْمُحَالِ
وَشَعْرٌ كَلَيْلٍ حَالِكٍ غَيْرِ مُنْتَهٍ
يَسِيرُ كَأَنَّهُ نَهْرُ السُّهْدِ وَالظِّلَالِ
وَوَجَنَاتُهَا مِثْلُ الزُّهُورِ تَفَتَّحَتْ
وَفِيهَا عَبِيرُ الْوَرْدِ فَوْقَ التِّلَالِ
وَفِي ثَغْرِهَا عِقْدٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ ارْتَقَى
يُغَازِلُ لَيْلَ الشِّعْرِ فِي كُلِّ حَالِ
تَرَاهَا فَتَنْسَى كُلَّ شَيْءٍ أَحْبَبْتَهُ
كَأَنَّ الزَّمَانَ قَدْ غَفَا فِي وِصَالِ
هِيَ الطُّهْرُ مَجْبُولًا بِنُورٍ مِنْ قَمَرْ
هِيَ السِّحْرُ لَا تُدْنَى وَلَا تُنَالِ
رَأَيْتُكِ أَوَّلَ مَرَّةٍ كَالنَّجْمِ فِي الْعُلَى
فَذَابَ الْفُؤَادُ وَاحْتَوَى كُلَّ بَالِ
سَقَانِي هَوَاكِ مِثْلَ كَأْسٍ مُخَمَّرٍ
فَسِرْتُ كَأَنِّي مِنْ خَيَالٍ لِخَيَالِ
وَفِي هَمْسِكِ الْأَوَّلِ جُنَّتْ مَشَاعِرِي
وَصَارَتْ حَيَاتِي فِي يَدَيْكِ حِبَالِ
زَرَعْتِ هَوَايَ فِي فُؤَادِي وَرْدَةً
فَأَزْهَرَتِ الْأَيَّامُ رَغْمَ الْمُحَالِ
هُوَ الْعِشْقُ إِنْ جُنَّ الْعُشَّاقُ صَوْتُهُ
وَإِنْ خَافَتِ الْأَرْوَاحُ طَيْفَ الزَّوَالِ
هُوَ الصَّبْرُ إِنْ جَارَ الزَّمَانُ بِصَخْرِهِ
وَإِنْ خَانَ نَهْرُ الْحُلْمِ ضَوْءَ الْخِصَالِ
هُوَ الْفَجْرُ يُبْكِي فِي ضَبَابِ مَسَائِهِ
وَيَرْنُو إِلَى الشَّمْسِ بِعَيْنِ الْوِصَالِ
هُوَ الدَّهْرُ إِنْ مَرَّتْ لَيَالِيهِ دُونَكُمْ
فَلَا الدَّهْرُ يَبْقَى، وَلَا الرُّوحُ تُمَالِي
سَيَبْقَى هَوَاكِ فِي عُرُوقِي مُؤَبَّدًا
كَأَنَّ دَمِي مِنْكِ اسْتَقَى كُلَّ مَآلِي
وَإِنْ غِبْتِ يَوْمًا عَنْ فُؤَادِي فَإِنَّهُ
كَأَنَّ الثَّرَى قَدْ ضَاعَ دُونَ الْجِبَالِ
أَيَا زَهْرَةً مَا أَفْلَحَتْ كُلُّ حُقْبَةٍ
بِأَنْ تُولَدَ الْأُخْرَى مَكَانَ الْجَمَالِ
سَتَبْقَى قَصِيدَتِي وَلَوْ مُتُّ شَاهِدَةً
بِأَنَّ الْهَوَى أَزْكَى وَأَسْمَى خِصَالِ
فَيَا شُعَرَاءَ الْعَصْرِ هَذَا كَلَامُنَا
فَهَلْ مِنْكُمُ مَنْ يَرْقَى لِعَهْدِ الْقِتَالِ؟
أَيَا عَاشِقَ السَّيْفِ مَا عَادَ يُرْهِبُنَا
فَهَا نَحْنُ أَبْطَالُ الْهَوَى وَالْمَقَالِ
لَقَدْ صُغْتُهَا مِسْكًا وَنُورًا وَحِكْمَةً
فَهَلْ مِنْ فَتًى يُدْنِي إِلَيَّ الْمُحَالِ؟
وَإِنْ جَاءَ بَعْدِي أَلْفُ شَاعِرٍ بِمَوْهِبَةٍ
فَلَنْ يُولَدَ الْمِثْلُ لَهَا وَلَا بِالْخَيَالِ
663
قصيدة