عدد الابيات : 20
يَا حُزْنُ، كَيْفَ غَدَوْتَ فِي أَضْلُعِ نَازِلِ
وَسَكَنْتَ قَلْبِيَ بَيْنَ جَفْنٍ مُسْاهِدِ
نَادَيْتُهَا وَالشَّوْقُ يَحْبِسُ أَدْمُعِي
يَا مُهْجَتِي، يَا بَسْمَتِي، يَا مَوْلِدِي
أَيْنَ الَّتِي كَانَتْ لِي كَضَوْءِ الصُّبْحِ
وَالْآنَ أَرَّقَنِي الظَّلَامُ السَّرْمَدِي
قَدْ كَانَ وَجْهُكِ كَالصَّبَاحِ مُنَوَّرًا
وَالْيَوْمَ لَا شَمْسٌ تُضِيءُ مَوْعِدِي
يَا لَيْتَنِي مُتُّ احْتِضَانًا لِلْهَوَى
أَوْ ضَمَّنِي كَفَنِي كَحِضْنِ الْمَسْجِدِ
يَا رَاحِلَةً وَالْقَلْبُ بَعْدَكِ مُوجَعٌ
وَجَعِي تَفَاقَمَ فِي الْجَوَانِحِ وَالْيَدِ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُ أَنَّ بُعْدَكِ لَحْظَةٌ
وَإِذَا الْفِرَاقُ هُوَ جَحِيمٌ أَشْهَدِ
مَا جَنَيْتُ لِكَيْ تُذِيقِينِي الْأَسَى
وَتَسُومِينِي الْأَيَّامُ عَيْشَ الْمُنَكَّدِ
قَدْ كُنْتُ صَقْرًا لَا يُخِيفُهُ الْمَدَى
وَالْيَوْمَ صِرْتُ طَلَلَ صَقْرٍ مُقْعَدِ
نَادَيْتُهَا مِنْ فَوْقِ جِسْرِ الْآهِ: هَلْ
تَسْتَشْعِرِينَ دُمُوعَ عَيْنِ الْمُتَعَبِّدِ؟
قَدْ كُنْتُ أَطْوِي الْأُفْقَ عَاشِقًا
وَالْآنَ يَطْوِينِي الدُّجَى الْمُتَرَدِّدِ
لَوْ كَانَ يَشْفِي الْعَاشِقَ الدَّمْعُ
لَجَرَتْ سَوَاقِيهِ عَلَى الْخَدِّ الرَّدِي
لَكِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ بِالْحُبِّ تَكَلُّمًا
فَالدَّمْعُ سِرٌّ فِي الْعُيُونِ الْمُبْرِدِ
مَرِضَ الْفُؤَادُ وَمَا لَهُ مِنْ رَاقِيٍ
إِلَّا وِصَالُكِ، أَوْ لِقَاءٌ أَوْحَدِي
قَدْ كُنْتِ تَمْنَحِينِي بَسْمَةً مُتَوَهِّجًا
فَالْيَوْمَ عَيْنِي أَحْرَقَتْهَا مَرَاقِدِي
يَا زَائِرَةَ الْأَحْلَامِ هَلْ تَذْكُرِينَنِي
أَمْ سَلَّمَتْكِ الرِّيحُ لِلصَّدِّ الْأَبَدِي؟
أَيَّامُنَا عَطِرَتْ، وَهَلْ يَبْقَى الشَّذَا
أَمْ يَنْطَفِي عِطْرُ الْهَوَى بِالتَّبَدُّدِ؟
يَا رَاحِلَةً عَنِّي وَوَجْدِي مُوقِدٌ
هَلْ يَسْتَطِيعُ الشَّوْقُ نَسْفَ الْمُقْعَدِ؟
أُنَاجِيكِ مِنْ فَوْقِ السَّرِيرِ وَحَوْلَهُ
طَيْفُ الْمَنُونِ وَأَلْفُ جُرْحٍ أَسْوَدِ
إِنْ كُنْتِ تَسْمَعِينَ فَاسْمَعِي وَصِيَتِي
قُولِي لَهُمْ: مَاتَ الْمُحِبُّ الْمُسْتَبِدِ
663
قصيدة