عدد الابيات : 16
جَاءَتْ قَاتِلَتِي فِي جُنْحٍ مُنْسَدِلِ
كَالْبَدْرِ يُشْرِقُ فِي دَاجٍ مِنَ الظُّلَلِ
فَقُلْتُ: يَا أُمَّ لُطْفٍ قَدْ تَأَخَّرَكُمْ
أَمْ كَانَ صَبْرُكُمُ فِي الْحُبِّ كَالْجَبَلِ؟
فَجَاوَبَتْنِي وَدَمْعُ الْعَيْنِ مُنْهَمِرٌ
يَسْقِي الضُّلُوعَ وَنَارُ الشَّوْقِ فِي الْأَسَلِ
قَالَتْ: أَتُدْرِكُ مَا قَدْ خَلَّفَتْ كَلِمِي؟
مِنْ وَلْهَةٍ وَشُجُونٍ بَعْدَ مُبْتَدَلِي؟
كَمْ لَيْلَةٍ جَفَّتِ الْأَجْفَانُ مِنْ أَرَقٍ
وَالنَّفْسُ تَهْتِفُ: يَا لِلرُّوحِ مِنْ وَجَلِ
كَمْ مِنْ نِدَاءٍ رَجَوْتُ اللَّيْلَ يَسْمَعُهُ
فَمَا اسْتَجَابَ وَمَا لِلْهَمِّ مِنْ أَمَلِ
يَا غَائِبًا بَيْنَ جُرْحٍ لَا يُفَارِقُهُ
وَبَيْنَ دَاءٍ لَهُ فِي الْقَلْبِ مُشْتَعِلِ
أَنَا الَّتِي كَانَ لِي فِي الْعُمْرِ مُتَّسَعٌ
حَتَّى غَدَا الْعُمْرُ لَا صَبْرٌ وَلَا وَصَلِ
إِنْ كَانَ بُعْدُكَ يَجْلُو الْأَلَمَ عَنْ جَسَدٍ
فَكَيْفَ تَسْلُو دُمُوعِي عِنْدَ الْمُغْتَسَلِ؟
قُلْتُ: اعْذُرِينِي فَإِنَّ الدَّاءَ يُمْسِكُنِي
وَالْوَجْدُ يَسْحَقُنِي فِي طُولِهِ الْوَجِلِ
لَكِنَّ وَجْهَكِ فِي عَيْنِيَّ مَطْلَعُهُ
بَدْرٌ يَزِيدُ عَلَى الْأَحْزَانِ بِالْأَجْذَلِ
أَنْتِ السَّنَا فِي ظَلَامِي، كُلُّ أُغْنِيَةٍ
فِي خَافِقِي صَدَى أَشْوَاقِكِ مُقْتَبَلِ
كَمْ قَدْ عَشِقْتُكِ فِي ضُرِّي وَفِي صَحْتِي
مَا خَانَ قَلْبِي وَلَا ذَابَتْ لَهُ مُقَلِ
إِنْ مُتُّ شَوْقًا، فَقُولِي فِي مَنَادِلِكُمْ
قَدْ مَاتَ وَهْوَ قَتِيلُ الْعِشْقِ وَالْقُبَلِ
قَبَّلْتُهَا، فَبَكَتْ شَوْقًا تُكَابِدُنِي
وَقَالَتِ: الرُّوحُ تَشْكُو وَجْدَ مُرْتَحَلِي
قُلْتُ: الْعِنَاقُ حَرَامٌ فِي شَرِيعَتِنَا
قَالَتْ: أَيَا سَيِّدِي وَاجْعَلْهُ بِالْمُقَلِ
663
قصيدة