عدد الابيات : 80
طباعةيَا بَدْرَ تَمٍّ فِي الدُّجَى مُتَأَلِّقًا
مَنْ ذَا يُضَاهِي حُسْنَكِ الْوَضَّاءُ؟
فِي وَجْنَتَيْكِ وُرُودُ حُسْنٍ نَاضِرٍ
وَعَلَى شِفَاهِكِ رِقَّةٌ وَحَيَاءُ
يَا بَانَةً تُنْسِي الرُّوَاءَ رَشَاقَةً
وَكَأَنَّ قَلْبِي بَيْنَهَا وَرْقَاءُ
فِي لَحْظِكِ الْأَسْرَارُ تَبْدُو لَامِعَةً
وَعَلَى جَبِينِكِ يَلْتَقِي السَّنَاءُ
أَنْتِ النَّسِيمُ إِذَا تَهَادَى رِقَّةً
وَأَنَا الْغَرِيقُ وَأَنْتِ لِي نَجْدَاءُ
يَا زَهْرَةً فِي رَوْضِ قَلْبِي نَابِتَا
عِطْرُ الْهَوَى مِنْهَا يَفُوحُ شَذَاءُ
مَا زِلْتُ أَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتِ مُقْبِلَةً
وَالْوَرْدُ يَحْسُدُ خَدَّكِ الْوَضَّاءُ
يَا رَوْضَةً فِي الْقَلْبِ أَنْتِ نَضَارَتُهَا
وَبَلَابِلُ الْأَشْوَاقِ فِيكِ غِنَاءُ
مَا زِلْتُ أَذْكُرُ يَوْمَ كُنْتِ مُقْبِلَةً
وَالْوَرْدُ يَزْهُو وَالنَّسِيمُ عَطَّاءُ
فَالْعَيْنُ تَسْبَحُ فِي مُحِيطِ جَمَالِكِ
وَالرُّوحُ تَهْفُو وَاللِّقَاءُ صَفَاءُ
يَا مَنْ سَكَنْتِ الْقَلْبَ دُونَ تَرَدُّدٍ
وَجَعَلْتِ مَجْدَ نَبْضِ الْقُلُوبِ رَوَاءُ
أَنْتِ السَّمَاءُ بِنَجْمِهَا وَكَوَاكِبٍ
وَالْبَدْرُ أَنْتِ إِذَا دَنَا الظَّلْمَاءُ
لَمَعَتْ كَبَرْقِ السَّحْبِ تَسْقِي عَاشِقًا
ظَمْأَى، فَهَلْ لِلظِّمْءِ عَنْكِ عَزَاءُ؟
مَا بَالُ طَرْفِكِ لَا يَنِي مُتَوَشِّحًا
سَهْمًا؟ وَفِيهِ لِمُهْجَتِي إِفْنَاءُ؟
مَا بَالُ قَلْبِي فِي هَوَاكِ مُتَيَّمٌ
وَكَأَنَّ فِي عَيْنَيْكِ سِحْرَ بَقَاءُ؟
يَا لَيْلُ، هَلْ تُبْدِي النُّجُومُ سِرَارَهَا؟
أَمْ أَنَّ فِي عَيْنَيْكِ يَخْفَى الضِّيَاءُ؟
وَسْوَاسُ حَلْيِكِ أَمْ هُمُ الرُّقَبَاءُ؟
لِلْقَلْبِ نَحْوَ حَدِيثِهِمْ إِصْغَاءُ
يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرَاكِ قَرِيبَةً
أَمْ أَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكِ الْفَضَاءُ؟
هَلْ لِي إِلَى لُقْيَاكِ مِنْ سَبِيلٍ؟
أَمْ أَنَّ حُبَّكِ فِي الْفُؤَادِ نِدَاءُ؟
يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تُرَى لِي عَوْدَةٌ
إِلَى رُبَاهَا حَيْثُ يَحْلُو اللِّقَاءُ
أَمْ هَلْ أَرَى الْبَدْرَ الَّذِي فِي وَجْهِهَا
نُورًا يُضِيءُ اللَّيْلَ وَهُوَ بَهَاءُ
يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تُرَى لِي نَظْرَةٌ
تُنْسِي الْفُؤَادَ بِهَا الْأَسَى وَالْبَلَاءُ
أَمْ هَلْ أَرَاكِ كَمَا عَهِدْتُكِ بَاسِمَةً
تَجْلُو الظَّلَامَ وَتُشْرِقُ الْأَضْوَاءُ
يَا لَيْتَ قَلْبِي طَائِرًا فِي رَوْضِكُمْ
كَيْمَا يُحَلِّقَ حَيْثُ أَنْتِ سَوَاءُ
أَوْ لَيْتَ رُوحِي نَسْمَةً تَهْفُو إِلَى
شُطْآنِ حُبٍّ حَيْثُ يَحْلُو النَّقَاءُ
يَا لَيْتَ عُمْرِي كُلَّهُ فِي قُرْبِكُمْ
كَيْمَا أَعِيشَ وَفِي فُؤَادِي الرَّجَاءُ
أَنْتِ الْحَيَاةُ بِنُورِهَا وَجَمَالِهَا
وَبِقُرْبِكِ يَحْلُو لِيَ الوَفَّاءُ
مَا بَالُ قَلْبِي فِي هَوَاكِ مُتَيَّمٌ
وَالْعَقْلُ فِي دَرْبِ الْغَرَامِ هَبَاءُ
مَا الْحُبُّ إِلَّا لَوْعَةٌ وَعَذَابُ
يَسْقِي الْفُؤَادَ كُؤُوسَهُ الشَّحْنَاءُ
كَمْ عَاشِقٍ فِي الْحُبِّ أَضْحَى هَائِمًا
يَبْكِي اللَّيَالِي وَالدُّمُوعُ دِمَاءُ
يَا قَلْبُ صَبْرًا إِنَّ فِي دَرْبِ الْهَوَى
أَشْوَاكُ حُزْنٍ وَاللَّيَالِي دُهَاءُ
أَشْكُو هَوَاكِ أَمِ الْهَوَى مُبْكَائِي؟
وَالنَّارُ أَنْتِ وَنَارُكِ الْأَهْوَاءُ
أَنْتِ الدَّوَاءُ وَأَنْتِ دَائِي وَحْدَهُ
كَيْفَ الْتِقَاءُ دَوَائِهِ وَدَاءُ؟
يَا قَلْبُ، مَا لِلْحُبِّ صَارَ عَذَابًا؟
أَمْ أَنَّهُ فِي الْعِشْقِ دَاءٌ دَوَاءُ؟
نَسْعَى إِلَى وَصْلِ الْحَبِيبِ بِلَهْفَةٍ
وَنَجْنِي مِنَ الْأَشْوَاقِ مَا لَا يُرَاءُ
فِي لَيْلِنَا، الْأَحْلَامُ تَنْسِجُ طَيْفَهَا
وَالْفَجْرُ يَأْتِي وَالْحَقِيقَةُ جَفَاءُ
نَهْوَى وَنَشْقَى فِي دُرُوبِ مَحَبَّةٍ
وَالْعَقْلُ يَحْيَا وَالْحَشَا يَفْنَاءُ
مَا الْحُبُّ إِلَّا رِحْلَةٌ مَجْهُولَةٌ
نُبْحِرُ فِيهَا وَالنُّجُومُ خَفَاءُ
يَا قَلْبُ صَبْرًا إِنَّ فِي بَحْرِ الْهَوَى
أَمْوَاجُ حُزْنٍ وَالنَّجَاةُ دُعَاءُ
يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرَى فِي حُبِّنَا
يَوْمًا تُزَفُّ بِهِ لَنَا الْبُشَرَاءُ
أَمْ هَلْ سَيَبْقَى الدَّهْرُ يَطْوِي بَيْنَنَا
صَفَحَاتِ حُزْنٍ مَا لَهَا إِلْغَاءُ
يَا لَيْتَ قَلْبِي فِي الْهَوَى لَمْ يَهْوَهَا
كَيْ لَا أَذُوقَ مِنَ الْغَرَامِ عَنَاءُ
لَكِنَّ رُوحِي قَدْ تَمَلَّكَتِ الْهَوَى
وَالْعَقْلُ فِي دَرْبِ الْغَرَامِ عَزَّاءُ
يَا دُرَّةً تُنْسِي اللَّآلِيَ بَهْرَهَا
وَتُعِيدُ شَمْسَ الْكَوْنِ وَالْإِيحَاءُ
يَا لَيْتَنَا نَفْهَمُ الْهَوَى وَحُرُوفَهُ
وَنَعْلَمُ أَنَّ الْحُبَّ فِيهِ بَلَاءُ
نَسِيرُ فِي دَرْبِ الْغَرَامِ كَأَنَّنَا
نَسْعَى إِلَى مَاءٍ وَفِيهِ ظَمَاءُ
نَشْتَاقُ، نَحْيَا فِي لَهِيبِ مَشَاعِرٍ
وَالْقَلْبُ يَصْلَى وَالْهَوَى أَعْدَاءُ
يَا قَلْبُ صَبْرًا فِي مَسِيرِكَ عَلَّنَا
نَلْقَى سَبِيلًا فِيهِ بَعْضُ رَخَاءُ
أَوْ نَسْتَفِيقُ مِنَ الْغَرَامِ كَأَنَّنَا
مَا ذُقْنَا يَوْمًا فِي الْهَوَى ضَرَّاءُ
لَكِنَّهُ فِي الْقَلْبِ نَبْضٌ دَائِمٌ
وَالْحُبُّ فِينَا شِيمَةٌ وَسَمَاءُ
مَا الْحُبُّ إِلَّا لَوْعَةٌ وَعَذَابُهُ
يَسْرِي كَدَرْبٍ فِي الْفُؤَادِ شَقَاءُ
نَحْيَا بِهِ بَيْنَ الْأَمَانِي وَالْمُنَى
وَنَذُوقُ مِنْهُ الْمُرَّ وَالْأَدْوَاءُ
يَا قَلْبُ صَبْرًا إِنَّ فِي دَرْبِ الْهَوَى
أَشْوَاكُهُ وَالْعِشْقُ فِيهِ غِنَاءُ
لَكِنَّنَا نَمْضِي وَنَرْجُو رَاحَةً
فِي ظِلِّ حُبٍّ طَاهِرٍ وَوَفَاءُ
فَالْحُبُّ مَدْرَسَةُ الْحَيَاةِ وَدَرْبُهَا
فِيهِ التَّعَلُّمُ وَالتَّأَلُّمُ سَوَاءُ
مَا الْحُبُّ إِلَّا سَفَرٌ طَوِيلٌ وَعَذَابٌ
لَكِنَّهُ فِي الْقَلْبِ سِرُّ الْفَنَاءِ
يَا قَلْبُ صَبْرًا إِنَّ فِي الْهَوَى مَعْرَكَةً
وَالْحَيَاةُ فِيهَا الْأَمَلُ وَالنَعْمَّاءُ
لَكِنَّ فِي الْحُبِّ لَذَّةً وَبَهْجَةً
تُضِيءُ الطَّرِيقَ وَتَمْلَأُ السَّمَاءُ
مَا كُلُّ مَا يَتَمَنَّى الْمَرْءُ يُدْرِكُهُ
تَجْرِي الرِّيَاحُ بِمَا لَا تَشْتَهِي الرُكْبَاءُ
يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرَى فِي دُنْيَتِي
يَوْمًا تُحَقَّقُ فِيهِ لِيَ الرَغْبَاءُ؟
أَمْ هَلْ سَيَبْقَى الْحُزْنُ يَطْوِي صَفْحَتِي
وَالْعُمْرُ يَمْضِي وَاللَّيَالِي فَنَاءُ؟
لَا تَحْسَبِي أَنَّ الزَّمَانَ مُصَفَّدٌ
فَالدَّهْرُ دَوَرَانٌ لَهُ أهْوَاءُ
لَا تَحْسَبَنَّ الدَّهْرَ يُبْقِي عَهْدَهُ
فَالدَّهْرُ مَا عَهِدَ الْوَفَاءَ يَشَاءُ
لَا تَرْكَنَنَّ إِلَى الزَّمَانِ وَثِقْ بِهِ
فَالدَّهْرُ غَدَّارٌ بِهِ الْإِغْوَاءُ
إِنَّ الْحَيَاةَ تَجَارِبٌ وَمَوَاعِظٌ
وَالْعَقْلُ فِيهَا لِلتَّدَبُّرِ ضِيَاءُ
مَا أَضْيَقَ الْعَيْشَ لَوْلَا فُسْحَةُ الْأَمَلِ
وَالصَّبْرُ مِفْتَاحُ الْفَرَجِ وَالبَهَّاءِ
يَا نَفْسُ صَبْرًا إِنَّ فِي الصَّبْرِ عِزَّةٌ
وَالْحِلْمُ زَيْنٌ وَالْحَلِيمُ ذَكَاءُ
لَا تَيْأَسِي إِنَّ الزَّمَانَ دَوَائِرٌ
يَوْمٌ لَنَا وَيَوْمٌ عَلَيْنَا سَوَاءُ
وَاصْبِرْ عَلَى الْأَيَّامِ إِنْ هِيَ نَكَرَتْ
فَالْخَيْرُ يُشْرِقُ فِي الظَّلَامِ جَمْرَّاءُ
وَاصْبِرْ عَلَى الْبَلْوَى فَإِنَّ مَعَ الصَّبْرِ
فَتْحًا قَرِيبًا وَالنَّجَاحُ جَزَاءُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الصَّبْرَ مِفْتَاحُ النَّجَاحِ
وَبِهِ تَزُولُ عَنِ الْحَيَاةِ وَهْنَاءُ
لَا تَجْزَعَنَّ إِذَا أَلَمَّ بِكَ الْأَسَى
فَاللَّيْلُ يَعْقُبُهُ الصَّبَاحُ رُؤْيَاءُ
يَا نَفْسُ، خُذِي مِنْ دَهْرِكِ الْعِبَرَ الـ
تِي تَجْلُو عَنِ الْأَفْهَامِ كُلَّ غَبَاءُ
إِنَّ الْحَيَاةَ دُرُوسُهَا مُتَنَوِّعَةٌ
فِيهَا السُّرُورُ وَفِيهَا الشَّقَاءُ
وَازْرَعْ بُذُورَ الْخَيْرِ فِي أَرْضِ الْوَرَى
تَجْنِي ثِمَارًا طَيِّبًا وَجَنَاءُ
وَاعْمَلْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ خَالِدٌ
وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ، فَالْمَوْتُ دَاءُ
وَاجْعَلْ مِنَ التَّقْوَى رَفِيقَ دُرُوبِكَ
فَالْخَيْرُ فِي الدُّنْيَا هُوَ الْإِرْضَاءُ
فَاجْعَلْ حَيَاتَكَ طَاعَةً وَمَحَبَّةً
تَحْظَى بِرِضْوَانٍ، وَتَلْقَى نَقَاءُ
وَاصْبِرْ عَلَى مَا قَدْ تَرَاهُ مِنَ الْأَذَى
فَالْخَيْرُ يَأْتِي بَعْدَهُ الثَنَّاءُ
وَاعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّنَا
وَبِهِ نَلُوذُ إِذَا اشْتَدَّ الْبَلَاءُ
628
قصيدة