عدد الابيات : 40
أَيَا رَوْضًا فِي قَلْبِي تَرَبَّعَتْ وَأَمْسَتْ
ضِيَاءَ الْقَلْبِ فِي اللَّيَالِ سَاجِيَا
أَيَا طَيْفَ أَحْلَامِي وَأَنْدَى نَسْمَتِي
يَسْرِي فِي رُوحِي فَكُنْتَ الْمُنَادِيَا
أَرَاكَ كَبَدْرٍ فِي الظَّلَامِ مُكَلَّلٍ
بِأَنْوَارِ حُسْنٍ زَانَ فَجْرِي وَبَاقِيَا
أَذَبْتَ فُؤَادِي بِالنَّظَرَاتِ كَأَنَّهَا
سِهَامٌ تَسُلُّ اللَّيْلَ جَمْرًا مَدَامِيَا
أَتَتْكَ حُرُوفِي كَالنَّسِيمِ مَهَابَةً
تُغَازِلُ شَذَا عِطْرِكَ الْعَذْبِ غَازِيَا
وَفِيكَ أَرَى الْحُسْنَ الَّذِي عَزَّ مِثْلُهُ
فَأَنْتَ جَمَالُ الْكَوْنِ سِرًّا وَجَاهِيَا
وَإِنْ قُلْتُ إِنَّ الْحُبَّ فِيكَ مُهَيْمِنٌ
فَإِنِّي عَلَى عِشْقِي شَهِيدٌ وَرَاضِيَا
رَعَى اللَّهُ عَيْنًا لَا تَزَالُ تُحَيِّرُنِي
إِذَا رَمَقَتْ عَيْنَيْكَ، صَارَتْ بَوَاكِيَا
لَئِنْ كُنْتُ فِي وَصْفِ الْجَمَالِ مُكَابِرًا
فَفِيكَ انْتَصَرْتُ الشِّعْرَ عَالِيًا سَامِيَا
وَأَبْصَرْتُ فِيكَ الْحُسْنَ غُصْنًا مُورِقًا
يُطِلُّ عَلَى عُمْرِي رَبِيعًا زَوَاهِيَا
فَيَا وَرْدَةَ الْأَحْلَامِ كُونِي مُلْهِمِي
وَزِيدِي لَهِيبَ الشِّعْرِ نَارًا حَمَاقِيَا
فَمَا الشِّعْرُ إِلَّا عَرْشُ حُبٍّ أُشَيِّدُهُ
لِمَنْ كَانَ لِي رُوحًا وَقَلْبًا وَرَاعِيَا
أَيَا مَنْ تَجَلَّتْ فِي الْجَمَالِ مَفَاتِنٌ
كَأَنَّكِ بَدْرٌ فِي الظَّلَامِ بَدَالِيَا
لَكِ السِّحْرُ إِنْ تُلْقِي الْعُيُونَ بِنَظْرَةٍ
كَأَنَّكِ فِيهَا قَاهِرَةٌ لِلحَجَّاجِيَا
إِذَا مَا تَبَسَّمْتِ الْأَنْوَاءُ ضَاحِكَةٌ
وَأَزْهَارُ رُوحِي فِي رَبِيعِكِ حَيَّا
وَرَمْشُكِ سَهْمٌ قَدْ أَصَابَ فُؤَادَنَا
فَأَرْدَاهُ مَأْسُورًا، جَرِيحًا، وَهَاوِيَا
تُحَادِثُنِي الْأَنْفَاسُ مِنْكِ كَأَنَّهَا
تَرَانِيمُ عِشْقٍ تُطْرِبُ اللَّيْلَ سَاجِيَا
وَفِي مَشْيِكِ الْخَفَّاقِ نَبْضُ قَصِيدَةٍ
تُنَاجِي الْقَوَافِي أَنْ تُطِيلَ الثَّنَالِيَا
كَأَنَّكِ فِي أَرْضِ الْجَمَالِ مَلِيكَةٌ
وَكُلُّ نِسَاءِ الْحُسْنِ صِرْنَ رَعَابِيَا
لَئِنْ قَالَ شُعَرَاءُ الْهَوَى فِي غَرَامِهِمُ
فَشِعْرِي عَلَيْكِ الْيَوْمَ صَارَ الْمَرَاوِيَا
أَيَا قُبْلَةَ الْأَرْوَاحِ، مَا كُنْتُ أَرْتَجِي
سِوَاكِ عَلَى عَرْشِ الْهَوَى مُتَوَالِيَا
فَمَهْمَا تَطُلْ لِي فِيكِ لَحْظَةُ نَاظِرِي
تَعُودِينَ نُورًا فِي الضُّلُوعِ مُضَائِيَا
سَأَبْقَى أُغَنِّي فِيكِ مَا دَامَ خَاطِرِي
يُعَانِقُ أَشْعَارَ الْهَوَى وَالْمَعَانِيَا
فَأَنْتِ كِتَابُ الْحُبِّ إِنْ قَرَأَتْهُ يَدِي
بَكَتْ حُرُوفَ الشَّوْقِ شِعْرًا دَلَالِيَا
أَيَا مَنْ بِوَجْهِكِ قَدْ تَهَادَتْ مَحَاسِنٌ
كَأَنَّ الضِّيَاءَ اسْتَلَّ مِنْكِ الْمَعَانِيَا
وَفِي ثَغْرِكِ الْمِسْكُ الْمُذَابُ تَنَاثَرَتْ
شَقَائِقُ وَرْدٍ فِي صَبَاحٍ تَلَاقِيَا
أَمَا قَدْ رَأَيْتِ الشَّمْسَ كَيْفَ تَبَسَّمَتْ
فَذَا نُورُ خَدَّيْكِ عَلَيْهَا تَسَامِيَا
وَفِي شَعْرِكِ اللَّيْلُ الْبَهِيمُ تَخَالَطَتْ
كَوَاكِبُهُ حَتَّى غَدَا فِيهِ غَاوِيَا
عُيُونُكِ أَقْمَارٌ تَجُودُ بِفِتْنَةٍ
إِذَا مَا بَدَتْ أَشْعَلْنَ قَلْبًا خَاوِيَا
كَأَنِّي غَرِيبٌ فِي هَوَاكِ مُغَرَّبٌ
إِذَا مَا دَنَوْتُ ازْدَدْتُ مِنْكِ تَدَانِيَا
يَقُولُونَ عَنْكِ إِنَّ قَلْبَكِ قَاسِرٌ
فَيَا عَجَبًا، هَلْ صَارَ قَلْبُكِ صَلَادِيَا؟
فَكَيْفَ وَقَدْ أَبْصَرْتُ فِيكِ مَلَاحَةً
تَكَادُ تَسِيلُ الْحُسْنَ شِعْرًا رَبَّانِيَا
لَئِنْ كَانَ فِي حُسْنِ النِّسَاءِ تَمَيُّزٌ
فَأَنْتِ لَهُمْ تَاجٌ جَلِيلًا مُفَاخِيَا
فَلَا الْقَلْبُ يَسْلُو، لَا وَلَا الْعَقْلُ يَرْتَضِي
سِوَى أَنْ أَظَلَّ فِي هَوَاكِ مُدَاوِيَا
أَمَا آنَ لِلْعُشَّاقِ مِنْكِ بِشَارَةٌ؟
فَقَدْ طَالَ لَيْلُ الصَّبِّ يَشْكُو الْفَحَّاوِيَا
فَدَعْنِي أُغَنِّي فِي هَوَاكِ قَصِيدَةً
تُخَلِّدُ شَوْقِي حَيْثُ كَانَ وَخَالِيَا
أَيَا رَوْضَةَ الْأَرْوَاحِ، يَا مَنْ تُبَدَّدَتْ
بِكِ الْوَحْشَةُ السَّوْدَاءُ، صِرْتِ الْمَرَافِيَا
أَيَا فِتْنَةَ الشُّعَرَاءِ، هَلْ لِي بِنَظْرَةٍ؟
فَإِنِّي بِهَا أَشْفَى وَأَزْدَادُ رَاقِيَا
وَهَذِي الْقَوَافِي، لَا تَزَالُ مُرِيدَةً
لِأُهْدِيكِ فِيهَا الْحُسْنَ فَخْرًا عَوَالِيَا
فَكُونِي لِعَيْنِي مُنْتَهَى كُلِّ غَايَةٍ
وَعَهْدِي، إِذَا مَا عِشْتُ، يَلْقَى الرِّضَائِيَا
628
قصيدة