عدد الابيات : 30
أَلَا قِفِي سَرَاةَ الرُّوحِ تَأْتِينَا
وَهَبِّي نَسْمَةَ الْأَشْوَاقِ تَشْفِينَا
لَقَدْ ضَاقَتْ بِنَا الْأَرْضُ الَّتِي عَمَرَتْ
فَصَارَ الْحُبُّ فِي الْأَضْلَاعِ دَفِينَا
وَعَهْدًا أَنْ أَظَلَّ لَكِ الَّذِي ثَبَتَتْ
رُكُونُهُ بِالْقَلْبِ وَالْمَوْتِ يُفْنِينَا
إِذَا مَا غَابَ عَنْكِ الْعُمْرُ يَا أَمَلِي
فَذِكْرَاكِ يَا الْحَبِيبَةُ لَا تَبِينَا
فَيَا سَارَةُ هَلْ لِلْبُعْدِ مِنْ رَحْمَةٍ
تَذُوبُ فِي جُفُونِ الْعَيْنِ تَشْجِينَا؟
تَخَضَّبَ الْخَدُّ بِالدُّمُوعِ مُنْهَزِمًا
كَأَنَّ الْمَوْتَ يَجْثُو فِي الْمَيَادِينَا
أَتَذْكُرِينَ لَيَالِي الْعِشْقِ زَاهِرَةً
كَزَهْرِ رَبِيعٍ فِي الْحُقُولِ يُنَادِينَا؟
لَقَدْ كُنَّا نُغَنِّي فِي الرُّبَى فَرَحًا
وَالْأَحْلَامُ تَجْرِي فِي الرُّبَا رَيَاحِينَا
فَدَمْعِي يَا سَارَةُ لَكِ مُرْسَلٌ
بَرِيدُ الْوَجْدِ إِنْ شَحَّتْ أَمَانِينَا
يُسَاقِطُ الدَّمْعُ مِنْ أَحْشَائِهِ وَجَعًا
كَسَيْلٍ جَرَى لِيَغْسِلَ الْعَيَانِينَا
تَجَاوَزَ الْوَجْدُ جِسْمِي وَحَوَى رُوحِي
وَصَارَ الْحُبُّ بِالْأَحْشَاءِ يَغْلِينَا
أَنَا الشَّاكِي الْآهَاتِ يَا قَدَرِي
وَلَكِنْ أَشْوَاقُ سَارَةَ يُحَامِينَا
إِذَا غِبْتُ فِي الْقُبُورِ يَا مَلَاكِي
فَكُونِي نَجْمًا بِالظَّلَامِ يَهْدِينَا
وَاثْبُتِي عِنْدَ الْحَشْرِ يَا رَبِّي أَمَلَنَا
لِقَاءُ مَنْ كَتَبَتْ فِي الْعُمْرِ دِينَا
لَعَمْرِي لَيْسَ يُفْنِي الْعَهْدَ مَوْتُنَا
فَإِنَّ الْحُبَّ بِالْأَرْوَاحِ يُبْقِينَا
إِذَا مَا قِيلَ: "مَاتَ الْعَاشِقُ انْطَفَأَتْ"
فَقُولُوا: "هَامَ بِالذِّكْرَى يُنَادِينَا"
وَهَلْ تَنْسَيْنَ يَا سَارَةُ عَاشِقَهَا
أَمِ الْأَيَّامُ تَمْحُو هَيَامَ مَاضِينَا؟
فَإِنْ نَسِيتِ أَوْ ضَاعَتْ مَحَبَّتُنَا
فَقَلْبِي فِي رُبَى الْأَشْوَاقِ يَشْكِينَا
شُكْرًا لِحُبِّكِ يَا أَجْمَلَ مُلْهِمَةٍ
تَرَكْتِ بِالْقَلْبِ عِطْرًا يُشَافِينَا
لَقَدْ كَانَ الْحَنَانُ مِنْكِ مَرْفَأَنَا
وَحُبُّكِ السَّاحِرُ الْوَاحِي يُغَذِّينَا
بَكَيْتُ عَلَى طُلُولِ الْعِشْقِ فِي شَجَنٍ
وَصَوْتِي يَصْدَحُ الْحُبَّ يُنَاجِينَا
أَلَا أَطْلَالُ حُبٍّ كَانَتْ أَطُوفُ بِهَا
أَمَا عَادَتْ تَضُمُّ الْوُدَّ فِي مَآقِينَا؟
أُرِيدُ الْعَيْشَ فِي قَلْبِكِ أَبَدًا
فَذِكْرَاكِ لِيَ الدُّنْيَا وَمَا فِينَا
وَإِنْ صَارَ الْجَسَدُ تُرَابَ أَرْضِكِ فَـ
دَعِي الْأَرْوَاحَ تُهْدِي الْوُدَّ لَيَالِينَا
وَجَعُ الْمَوْتِ فِي الْأَضْلَاعِ أَهْوَنُ
مِنْ شُجُونِ الْبُعْدِ عَنْ عَيْنٍ تُحَيِّينَا
فَيَا سَارَةُ قَدْ صِرْتُ لَكِ مُمْتَثِلًا
وَحُبُّكِ السَّامِي فِي الْقَلْبِ يَغْنِينَا
لَقَدْ نَدِمْتُ عَلَى أَيَّامِ فُرْقَتِنَا
وَكُنْتُ أَرْجُو وِصَالًا فِي رَوَاحِينَا
فَهَلْ تَعُودُ لَنَا الْأَحْلَامُ مُزْهِرَةً
فَذَاكَ الْوَصْلُ يُنْجِينَا وَيُبْكِينَا؟
وَفِي الْخِتَامِ دُعَاءٌ لَا يُفَارِقُنِي
أَنِ اجْمَعْنَا فِي الْجِنَّاتِ تَحْمِينَا
وَكُنْ يَا رَبِّ لِلْعُشَّاقِ نَاصِرَهُمْ
فَحُبُّنَا فِي سَبِيلِ الْحُبِّ يَشْفِينَا
628
قصيدة