عدد الابيات : 20
طَرَقَ الْبِلَى قَلْبِي فَأَضْحَى مُنْجَرِدَا
يَهْتِكُ أَسْرَارَ الْجَوَى وَيُجَدِّدَا
أَأُحِبَّةَ الدُّنْيَا أَلَمْ تَرَوْا دُمُوعِي
تَسْكُبُ دِجْلَةَ حُزْنِهَا الْمُتَوَرِّدَا؟
رَحَلَتْ وَأَرْخَتْ لِلظَّلَامِ ذَوَائِبَهَا
وَبَكَتْ نُجُومُ السَّمَاءِ مُعَمَّدَا
كَانَتْ حَيَاةً لِلْوُرُودِ مُعَانِقَةً
فَغَدَتْ عَلَى أَفْنَانِهَا تَتَرَدَّى
يَا رُبَّ لَيْلَةِ وَصْلِنَا وَكِتَابِهَا
يَخْطُو الْهَوَى فِي حُرْفِهَا الْمُتَرَصِّدَا
تَبْسِمُ كَالْفَجْرِ الْمُنِيرِ وَتَرْعَشُ
كَالْغُصْنِ يَرْوِيهِ النَّدَى فَيُعَرْعَدَا
مَدَحْتُهَا شَمْسًا تُجَسِّدُ نُورَهَا
حُسْنًا يُجَاهِلُ مِقْوَلًا وَيُفَنِّدَا
لَكِنَّ أَجْفَانَ الرَّدَى أَغْلَقْنَ دُرَّهَا
وَحَبَاهَا قَبْرٌ بِلَا سَمْعٍ وَلَا رَدَا
عَلَى فِرَاشِ الْمَوْتِ نَاجَيْتُ خَدَّهَا
وَالدَّمْعُ يَسْكُبُ سِفْرَهَا الْمُخَلَّدَا
قَالَتْ: "أَلَا تَبْقَى مَعِي؟" فَأَجَبْتُهَا
"الرُّوحُ تَبْقَى وَالْعُيُونُ تَرَانِدَا"
سَقَطَتْ يَدَاهَا كَالشُّمَاسِ مُنِيلَةً
وَالنَّفْسُ تَخْطُو لِلْوِدَاعِ مُشَيِّدَا
غَابَتْ وَأَقْسَمَ قَلْبُهَا أَنْ لَا يُفَارِقَ
رُكْنَ الْهَوَى إِلَّا إِذَا الْبَدْرُ انْفَرَدَا
بَقِيَتْ مَرَاثِي الْحَنِينِ تُرَدِّدُهَا
أَرْضٌ تَئِنُّ وَسَمَاءٌ الْعُلَا تَرْتَدَا
كَيْفَ السُّلُوُّ وَالضُّلُوعُ بِأَضْلُعٍ
مِنْ نَارِ فُرْقَتِهَا تَصِيرُ مُجَمَّدَا؟
أَشْوَاقُنَا سَيْفٌ يُقَطِّعُ أَحْشَائِي
وَرِسَالُهَا فِي الرِّيحِ تَبْكِي مُرَدَّدَا
لَوْ أَنَّ أَيَّامَ الْجَمِيعِ تَعُودُ لِي
لَخَطَفْتُهَا مِنْ فَجْعَةِ الْمَوْتِ الزَّنَدَا
يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تُرَاعُ بِذِكْرِنَا
أَمْسَتْ كَأَنَّ الْحُبَّ لَمْ يَكُ مَوْعِدَا؟
لَكِنَّنِي أَبْنِي مَدِيحًا لِوَجْهِهَا
كَالْبَدْرِ يَسْجُدُ فِي الدُّجَى مُتَرَنِّدَا
وَأَرُفُّ أَحْزَانِي عَلَى أَكْتُافِهَا
كَالسُّحْبِ يَرْوِي أَرْضَهَا الْمُتَوَرِّدَا
وَأَقُولُ لِلدَّهْرِ اجْتِرَارِي صَبْرَةٌ
وَلِرَمْسِهَا قَلْبِيَ يَبْكِي بِالدَّمِ أَبَدَا
628
قصيدة