عدد الابيات : 75
طباعةلَكَ الْهَوَى مُذْ كَانَ لِلْخَلْقِ إِعْجَابُهُ
وَالرُّوحُ مِنْ وَجْدِ الْجَمَالِ تَذُوبُهُ
وَجْهٌ يُضِيءُ بِحُسْنِهِ حَتَّى الدُّجَى
وَالْبَدْرُ مِنْهُ خَجِلٌ وَمَغِيبُهُ
مَنْ ذَا يُطَالِعُ حُسْنَهُ إِلَّا وَفِي
عَيْنِ الْوُلَاةِ سُجُودُهُمْ وَمَهِيبُهُ
مَا لِي سِوَى قَلْبٍ إِذَا نَطَقَ الْهَوَى
جَاءَ النَّدَى مِنْ رَاحَتَيْكَ يُجِيبُهُ
إِنِّي دَعَوْتُ اللَّهَ فِي سَحَرِ النَّدَى
أَنْ لَا يُضَيَّعَ عَاشِقٌ حَبِيبُهُ
هَذَا الْمُتَيَّمُ فِي هَوَاكَ مُتَيَقِّنٌ
أَنَّ الْجَمَالَ إِذَا دَنَوْتَ يُطِيبُهُ
حَسْبِي إِذَا نَادَى الْهَوَى مِنِّي اللِّقَا
أَنْ يُسْتَجَابَ نِدَاؤُهُ وَيُجِيبُهُ
كَمْ قَدْ نَظَمْتُ لِوَصْفِكَ الْأَشْعَارَ حَتَّى
صَارَ الْغَرَامُ حُرُوفَهُ وَأَسَالِيبُهُ
أَهْدَيْتُ قَلْبِي فِي الْهَوَى كُلِّيًا، فَمَا
عَادَ الْهَوَى يَخْشَى اللَّظَى وَلَهِيبُهُ
يَا مَنْ بِلَيْلِ الْعَاشِقِينَ تَأَلَّقَتْ
فِيهِ النُّجُومُ وَزَهْرُهُ وَثُرَيّبُهُ
وَالْحُبُّ فِي صَدْرِي يُنَاغِي صَمْتَهُ
وَيُثِيرُ فَوْقَ جِرَاحِهِ تَطْرِيبُهُ
كَمْ ذَا سَأَلْتُ اللَّيْلَ عَنْكَ تُرَى مَتَى
تَهْفُو السُّبُلُ وَيَقُودُنِي تَرْحِيبُهُ؟
لَكِنْ أُجَافِي فِي هَوَاكَ تَوَدُّدًا
حَذَرًا إِذَا مَا رَاقَنِي تَرْغِيبُهُ
فَالْعِزُّ أَكْرَمُ مَا أَكُونُ بِظِلِّهِ
وَإِذَا أَذَعْتُ وُدَّكُمْ يَغْرُوبُهُ
أَخْفَيْتُ عَيْنَ الشَّوْقِ وَهِيَ مُبَلَّلٌ
جَفْنُ الْحَنِينِ وَخَافِقِي تَلْهِيبُهُ
مَا زِلْتُ أَرْكُضُ فِي الْمَدَى مُتَعَثِّرًا
وَالشَّوْقُ فِي أَحْشَائِيَ التَّكْذِيبُهُ
وَالْعُمْرُ بَيْنِي وَالظُّنُونُ مُغَيَّبٌ
وَالْحُلْمُ يَصْعَدُ إِنْ رَأَيْتُ غُرُوبَهُ
مَا ضِقْتُ بِالذِّكْرَى وَلَكِنِّي إِذَا
ذَكَرُوا الْجُرُوحَ تَأَوَّهَتْ تَجْرِيبُهُ
وَلِرُوحِكِ الْخَضْرَاءِ عِنْدِيَ قِبْلَةٌ
يَهْفُو الْوِدَادُ وَسِرُّهُ تَرْتِيبُهُ
لَوْ كُنْتِ بَيْنِي وَالْمَسَاءُ مُنَوَّرٌ
لَرَنَا الْمَدَى، وَتَفَتَّحَ التَّطْرِيبُهُ
يَا مَنْ سَكَنْتِ الْحُلْمَ فِي أَسْرَارِهِ
كَيْفَ اسْتَبَحْتِ قَوَافِيَ تَرْتِيبُهُ؟
صَاغُوكِ مِنْ نَبْضِ الْغَمَامِ وَرِقَّةٍ
حَتَّى تَهِيمَ النَّفْسُ وَالتَّشْبِيبُهُ
لَوْ كَانَ دَمْعِي فِي يَدَيَّ لَسَالَ فِي
نَهْرِ الْغَرَامِ وَصَاغَهُ تَرْحِيبُهُ
مَا زِلْتُ أَكْتُبُ لَكِ وَأَحْرُفُ خَافِقِي
نَفَحَاتُهَا نُورٌ يَفِيضُ لَهِيبُهُ
سَافَرْتُ فِيكِ، وَلَا أَرَاكِ كَسَائِرٍ
تَغْدُو وَتَنْسَى إِنْ بَكَتْ تَرْغِيبُهُ
بَلْ كُنْتِ طِيبَ السِّرِّ إِنْ هَجَرَ الْمَدَى
كُلُّ الْجَمَالِ وَأَقْبَلَ التَّقْلِيبُهُ
وَالشِّعْرُ فِيكِ تَوَضَّأَتْ أَنْغَامُهُ
وَارْتَاحَ فِي سَجْعِ الْهَوَى تَرْنِيمُهُ
تَهْوِي الْحُرُوفُ إِذَا بَدَتْ عَيْنَاكِ لِي
وَيَسِيرُ نَبْضِي حَيْثُ ذَاكَ نُجُومُهُ
مَا خُنْتُ فِيكِ الْحُبَّ إِنْ نَاءَ الْهَوَى
فَالصِّدْقُ فِي قَلْبِي يَفِيضُ رُسُومُهُ
كَمْ قَدْ نَذَرْتُ النَّبْضَ فِي مِحْرَابِكِ
وَأَضَأْتُ مِنْ وَجْدِ السَّنَا تَسْقِيمُهُ
هِيَ فَاطِمِيَّةُ الْهَوَى بَسَمَاتُهَا
وَالرُّوحُ تُنْشِدُ حُبَّهَا وَتَرْنُمُهُ
كُونِي الْقَصِيدَةَ وَارْفُقِي بِيَ نَشْوَةً
كُلُّ التَّمَايِيلِ اغْتَدَى تَرْجِيمُهُ
إِنْ قِيلَ إِنَّ الْعِشْقَ ضَاعَ سَنَاؤُهُ
قُولِي لَهُمْ: فِي حُبِّنَا تَعْلِيمُهُ
نَحْيَا عَلَى وَقْعِ الْغَرَامِ كَأَنَّنَا
سِفْرٌ تَقَادَمَ وَاسْتَوَتْ تَعْظِيمُهُ
مَا زَالَ فِي عَيْنَيْكِ فَجْرٌ نَاعِمٌ
يَتْلُو عَلَى الْأَحْلَامِ نَصَّ تَكْرِيمُهُ
وَيَعُودُ لِي لَيْلُ الْمَسَافَةِ ضَاحِكًا
إِنْ لَاحَ طَيْفُكِ وَارْتَقَى تَسْلِيمُهُ
مَنْ فِي هَوَاكِ تَنَاثَرَتْ أَوْصَالُهُ
إِلَّا وَكَمَّلَهُ الْهَوَى وَيُقَوِّمُهُ
يَمْضِي إِلَى عَيْنَيْكِ حِينَ يُكَابِدُ
نَبْضًا، وَتَهْمِي دَمْعَهُ تَعْزِيمُهُ
يَا زَهْرَةً فِي الرُّوحِ مَا إِنْ فَاحَتِ
حَتَّى تَهَادَى بِالْعُلَا تَرْسِيمُهُ
كُلُّ الْقَصَائِدِ فِيكِ حَارَ بِنَاؤُهَا
وَتَبَعْثَرَتْ فِي الْبَوْحِ حِينَ يُقِيمُهُ
مَا ضَرَّنِي سُهْدُ اللَّيَالِي إِنْ بَدَتْ
كَفُّ الْحَنَانِ، وَشَعْرُكِ التَّنْغِيمُهُ
يَا قُبْلَةَ الْأَشْوَاقِ مَا أَبْهَى الْمَدَى
حِينَ انْثَنَى مِنْ شَوْقِنَا تَجْسِيمُهُ
مُذْ قُلْتُ إِنِّي فِي الْغَرَامِ مُتَيَّمٌ
مَا غَابَ عَنِّي لَحْظَةً تَوْقِيمُهُ
لِي فِي هَوَاكِ قَصَائِدٌ مَكْتُوبَةٌ
بِالْوَجْدِ، لَيْسَ الْحَرْفُ مَا تَرْسِيمُهُ
إِنْ كَانَ صَوْتُكِ فِي الْمَدَى مِزْمَارَهُ
فَهَوَايَ بَيْنَ الرُّوحِ وَالتَّنْظِيمُهُ
وَالْحُبُّ فِي دَمِيَ ارْتَقَى بِمَدَارِهِ
مَا ضَرَّهُ إِنْ ضَاعَ أَوْ تَقْوِيمُهُ
يَا مَنْبَعَ الْأَنْوَارِ فِي أُفُقِ الرُّؤَى
لَوْلَاكِ مَا اتَّسَقَ الْمَدَى وَنِظَامُهُ
أُغَنِّي لِأَجْلِكِ وَالْحَنِينُ مُؤَرِّقٌ
شَوْقِي إِلَيْكِ وَشِعْرُهُ تَلْحِيمُهُ
تَأْتِي وَتُمْطِرُ فِي فُؤَادِي نَفْحَةً
فَيُورِقُ الْوِجْدَانُ حَيْثُ نَسِيمُهُ
يَا طَيْفَ عُمْرِي، وَالْحَنَانُ مَجَرَّتِي
مَا خَابَ فِيكِ الْحُلْمُ أَوْ تَرْسِيمُهُ
وَلَّيْتُ وَجْهِي فِي هَوَاكِ مُلَبِّيًا
وَسَجَّلْتُ لِلْعُشَّاقِ هَذَا الْعَزِيمُهُ
كَمْ ذَا شَرِبْتُ الْوَجْدَ حَتَّى إِنَّنِي
صِرْتُ الْمَدَى وَالْكَوْنَ فِيهِ رُسُومُهُ
مَا ضَاقَ صَدْرِي وَالرَّجَاءُ مُخَيِّمٌ
مَا دَامَ فِي قَلْبِي هُنَاكَ شُعُورُهُ
لِلَّهِ أَيَّامٌ مَضَتْ مَا بَيْنَنَا
فَكَأَنَّهَا نَجْمٌ أَضَاءَ دُهُورُهُ
عَيْنَاكِ أُغْنِيَةُ الْخُلُودِ إِذَا بَدَتْ
تَرْتِيلُهَا الْمَسْكُوبُ فِي أُسْطُورِهِ
وَالْحَرْفُ إِنْ لَمْ يَكْتَوِ بِنَبْضِ الْهَوَى
مَا عَادَ يُغْرِينِي بِهِ تَصْوِيرُهُ
سِيرِي إِلَيَّ، فَكُلُّ دَرْبٍ فِي الْمَدَى
إِنْ لَمْ يَمُرَّ بِكِ انْمَحَى عُبُورُهُ
يَا مَنْ سَكَبْتِ الطُّهْرَ فِي أَنْفَاسِيَ
فَالْحُبُّ بَعْدَكِ غَيْمَةٌ مَغْرُورُهُ
وَالشَّوْقُ فِي صَدْرِي يَنُوحُ صَبَابَةً
حَتَّى كَأَنَّ الدَّمْعَ فِيهِ بُحُورُهُ
يَمْضِي بِيَ الْوَجْدُ الْمُوَشَّى بِالْأَسَى
وَأَنَا الَّذِي قَدْ خَابَ فِيهِ سُرُورُهُ
يَا طَيْفَهَا، مَهْلًا فَقَدْ أَتْعَبَتْنِي
رُؤْيَاكِ، مَا لِلْعَقْلِ مِنْهَا حُضُورُهُ؟
غَنَّيْتُ لِلْحُزْنِ الْقَدِيمِ قَصَائِدِي
وَالْجُرْحُ فِي صَدْرِي يَجُرُّ غُرُورُهُ
كَمْ لَيْلَةٍ سَهِرَ الْهَوَى فِي خَيْمَتِي
وَالصَّمْتُ حَوْلِي خَانَهُ تَوْقِيرُهُ
لَا اللَّيْلُ يَرْحَمُ دَمْعَتِي إِنْ هَمَسَتْ
وَلَا الصَّبَاحُ الْمُبْتَغِي تَنْوِيرُهُ
وَغَرَامُ قَلْبِي فِي هَوَاكِ صَبَابَةٌ
مَا عَادَ يَخْبُو نَارَهُ أَوْ نُورَهُ
يَتْلُو عَلَى لَيْلِ السُّهَادِ مَوَاجِعِي
وَيَدُقُّ فِي صَدْرِي الضَّيَاعَ طَبُورُهُ
أَمْشِي عَلَى وَجَعِ السِّنِينَ كَأَنَّنِي
سِرْبُ الطُّيُورِ الْغَارِقَاتِ عُبُورُهُ
فَالْعَيْنُ تَعْرِفُ مَنْ أَحَبَّتْ نَظْرَةً
وَالْقَلْبُ يَكْشِفُ سِرَّهُ وَسُتُورُهُ
مَا عُدْتُ أَخْشَى فِي الْهَوَى مِنْ لَوْمَةٍ
إِنِّي سَقَانِي الْوَجْدُ ثُمَّ خُمُورُهُ
فَامْضِ الْهُوَيْنَى يَا شُجُونُ بِمُهْجَتِي
فَلَقَدْ تَعِبْنَا، وَالْمُنَى دُسْتُورُهُ
قَدْ كُنْتُ فِي دَرْبِ الْغَرَامِ مُجَاهِدًا
وَمَدَى الْهَوَى فِي خَاطِرِي مَحْفُورُهُ
وَالْعِشْقُ رَغْمَ الْعَاذِلِينَ حَقِيقَةٌ
فِيهَا الْبَهَاءُ وَشَمْسُهُ وَظُهُورُهُ
مَا خَابَ مَنْ سَارَ الْمَدَى مُسْتَمْسِكًا
بِحَنِينِ قَلْبٍ صَادِقٍ وَعُطُورُهُ
وَلِكُلِّ حُلْمٍ فِي الْحَيَاةِ شَرِيعَةٌ
وَلِكُلِّ دَرْبٍ قَاصِدٌ وَمَبُورُهُ
يَا مَنْ تَبَسَّمَ حِينَ قُلْتُ قَصِيدَتِي
فَالْعِزُّ فِي عَيْنَيْكَ، لَيْهُ سُرُورُهُ
663
قصيدة