عدد الابيات : 51
طباعةهُوَ الْحُبُّ بَحْرٌ لَا يُحِيطُ بِهِ عَقْلُ
إِذَا مَا جَرَى فِي الْقَلْبِ ضَلَّ بِهِ الْحُلِّ
تَرَاهُ سَنَا نُورٍ يُضِيءُ دَيَاجِرًا
وَيُشْعِلُ فِي مُهْجِ الْعُشَّاقِ مَا خَلِّ
فَيَا حُبُّ، هَلَّا كُنْتَ حُلْمًا مَدِيدَنَا
لِنَبْقَى عَلَى شَطِّ الْغَرَامِ وَالْغَزَلِ
أُحِبُّكِ طُهْرًا لَا يُخَالِطُهُ دَنَسٌ
كَأَنِّي بِهِ أَرْجُو السُّمُوَّ إِلَى الرَّجُلِ
إِذَا قُلْتُ أَحْبَبْتُكِ، فَالرُّوحُ شَاهِدَةٌ
بِأَنَّكِ نُورٌ يُسْتَضَاءُ بِهِ الْمَثَلُ
وَمَا كَانَ لِلْعِشْقِ الْعَفِيفِ سِوَى هَوًى
يُذِيبُ الْفُؤَادَ، وَهُوَ طَوْقٌ عَلَى الْبَلَلِ
إِلَيْكَ إِلَهِي قَدْ هَوَتْ كُلُّ مُقْلَتِي
وَفِيكَ رَجَاءُ الْقَلْبِ إِذْ ضَاقَ بِالشُّغُلِ
رِضَاكَ حَيَاةُ النَّفْسِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ
وَأَنْتَ الَّذِي فِيكَ الرَّجَاءُ بِلَا عَطَلِ
فَيَا رَبِّ سَامِحْنِي إِذَا مَا قَصَّرْتُ
فَأَنْتَ الْكَرِيمُ الْغَافِرُ الْحُبَّ الْأَمَلِ
إِذَا مَا دَنَا طَيْفُ الْحَبِيبِ أَذَابَنِي
كَأَنِّي عَلِيلٌ لَا أُفِيقُ مِنَ الْعِلَلِ
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا فِي الْقُلُوبِ مَرَارَةٌ
تَحِلُّ عَلَى الْعُشَّاقِ حَتَّى بِلَا أَمَلِ
فَيَا لَيْتَنِي أَلْقَى الْحَبِيبَ وَلَوْ مَدَىً
لِيَشْفَى جِرَاحُ الرُّوحِ مِنْ سَهْمٍ خَطَلِ
إِذَا اشْتَاقَ قَلْبٌ خَافِقٌ لِمُحَبَّبٍ
تَهَيَّجَتِ الْأَشْوَاقُ فِي اللَّيْلِ كَالْحُلَلِ
كَأَنَّ الْحَنِينَ مَوْجُ بَحْرٍ مُزَمْجِرٍ
يُلَوِّحُ بَيْنَ الدَّمْعِ وَالْعَيْنِ كَالْمُقَلِ
فَيَا شَوْقُ، هَلَّا قَدْ تَرَكْتَ لِصَاحِبٍ
بَقَايَا هُدُوءِ الْقَلْبِ مِنْ قَبْلِ مَا رَحَلِ؟
إِذَا مَا أَلَمَّ الدَّاءُ فِي النَّفْسِ شَدَّهَا
إِلَى صَبْرِ رَبٍّ فِي الرَّجَاءِ بِلَا مَلَلِ
وَمَا كُلُّ دَاءٍ فِي الْجُسُومِ يُهِينُهَا
فَفِيهِ امْتِحَانٌ لِلنَّوَايَا بِلَا عِطْلِ
فَصَبْرًا عَلَى الْبَلَاءِ يَا نَفْسُ وَارْتَجِي
شِفَاءَ إِلَهٍ فِيهِ يُدْنِي لَنَا الْأَجَلِ
دَعَوْتُكِ مِنْ بَيْنِ النُّجُومِ بِقَلْبِنَا
فَهَلْ يُدْرِكُ الصَّوْتَ الْحَنِينُ بِلَا وَجَلِ؟
وَهَلْ تَرْجِعُ الْأَيَّامُ وَصْلًا بِنُورِهَا؟
فَيَشْفَى فُؤَادٌ مُسْتَهَامٌ عَلَى عَجَلِ
فَيَا رَبَّ كَوْنِ الْحُبِّ، هَبْنِي لِقَاءَهَا
فَإِنَّ فِرَاقَ الرُّوحِ أَقْسَى مِنَ الْأَزَلِ
إِذَا الْحُبُّ غَنَّى فِي النُّفُوسِ أَضَاءَهَا
كَأَنَّ سَنَا شَمْسٍ عَلَى الْقَلْبِ لَمْ يَزَلِ
يَزِيدُ الْحَيَاةَ بَهْجَةً وَصَفَاءَهَا
كَأَنَّ الْحُقُولَ اخْضَوْضَرَتْ بَعْدَ مَا ذَبَلِ
فَمَا لِلْوَرَى إِلَّا الْمَحَبَّةُ نِعْمَةٌ
تَسِيرُ بِهِمْ نَحْوَ الْعُلَا دُونَ مَا ذَلَّلِ
أَيَا قَلْبُ، هَلْ بَعْدَ الْعَنَاءِ رَجَاؤُنَا؟
وَهَلْ يَلْتَقِي طَرْفَيْ حِكَايَتِنَا، الْوَصْلِ؟
فَلَا الْحُزْنُ يَنْسَى مَا جَرَى فِي خَفَايَاهُ
وَلَا الشَّوْقُ يَخْبُو مِنْ نِدَاءِ الْهَوَى الْأَوَّلِ
فَيَا رَبُّ، هَبْنِي مِنْ وِصَالِ حَبِيبَةٍ
حَيَاةً كَضَوْءِ الشَّمْسِ يَغْمُرُنِي بِالظِّلِ
أَيَا لَيْلُ، هَلْ يُطْوَى الْفِرَاقُ بِرَحْمَةٍ؟
وَهَلْ يَلْتَقِي مَنْ قَدْ تَوَارَوْا بِلَا فَضْلِ؟
فَمَا الْبُعْدُ إِلَّا خِنْجَرٌ فِي ضُلُوعِنَا
يُذِيقُ النُّفُوسَ الْعَيْشَ فِي غُرْبَةِ الْعَذْلِ
فَيَا رَبَّ وَصْلٍ يَجْمَعُ الرُّوحَ بَعْدَهُ
فَمَا لِلْهَوَى غَيْرَ اللِّقَاءِ بِلَا بَدَلِ
بَكَيْتُ وَمَا أَدْرِي أَأَبْكِي عَلَى أَسَايَ
أَمِ الدَّمْعُ يَجْرِي مِنْ لَهِيبٍ بِلَا سُبُلِ؟
كَأَنَّ جِرَاحَ الْقَلْبِ مَاءٌ تَدَفَّقَتْ
لِتُغْرِقَ حُلْمِي فِي الْعَذَابِ وَفِي الْقُبَلِ
فَيَا دَمْعُ، هَلَّا جِئْتَ تَرْوِي غَلِيلَهُ؟
فَإِنِّي عِطَاشَى لِلْوُصُولِ عَلَى الْمَهَلِ
إِذَا ضَاقَ قَلْبُ الْعَاشِقِينَ بِهَمِّهِمْ
فَبِالْأَمَلِ الْمَكْنُونِ يُشْرِقُ فِي الْحَمَلِ
هُوَ النَّجْمُ، يُدْنِي مِنْ بَعِيدٍ مَنَالَهُ
وَيُرْسِي قَوَارِبَنَا عَلَى شَطِّهِ الطُّولِ
فَلَا تَيْأَسَنَّ الْقَلْبَ، فَاللَّهُ مَانِحٌ
حَيَاةً لِأَهْلِ الصَّبْرِ مِنْ فَضْلِهِ الْجَزْلِ
حَزِينٌ أَنَا وَالْقَلْبُ يَشْكُو مَوَاجِعِي
كَأَنَّ الْأَسَى طُوفَانُ بَحْرٍ بِلَا سَيْلِ
إِذَا مَا جَفَانِي اللَّيْلُ ضَاقَتْ دُرُوبُنَا
وَصَارَ الْفُؤَادُ يَكْتَوِي بَيْنَ مَا كَمَلِ
فَلَا الْحُزْنُ يُنْسِي مَا جَرَى مِنْ أَسَاوِنَا
وَلَا الصَّبْرُ يُرْجِعُ مَا تَوَلَّى بِلَا مُهَلِ
حُرِمْتُ مِنَ الْوَصْلِ الَّذِي كَانَ أَمَلِي
وَأَضْحَى سَرَابًا بَيْنَ أَحْلَامِي الْخَجَلِ
فَمَا لِلْهَوَى إِلَّا عَذَابٌ إِذَا انْطَوَى
وَصَارَتْ لَيَالِيهِ كَطَيْفٍ عَلَى الطَّلَلِ
فَيَا رَبَّ أَرْجُو مِنْكَ وَصْلًا كَرَامَةً
فَلَا تَتْرُكِ الْعِشْقَ أَسِيرَ الْمَدَى الْقَتَلِ
رَأَيْتُكِ بَدْرًا فِي ظَلَامِ لَيَالِنَا
يُضِيءُ بِعَيْنَيْهِ الدُّجَى فَوْقَ مَا وَجَّلِ
فَمَا الشَّمْسُ إِلَّا ضَوْءُ وَجْهِكِ حِينَمَا
يَمُرُّ عَلَى الرُّوحِ كَعِطْرٍ عَلَى الْقُلَّلِ
إِذَا مَا تَغَنَّيْتُ الْجَمَالَ بِحَرْفِهِ
فَحُسْنُكِ أَغْلَى مِنْ جَمِيلٍ بِلَا مَثَلِ
إِلَهِي، رَجَوْتُ الْحُبَّ مِنْكَ وَأَنْتَ لِي
مَلَاذٌ إِذَا ضَاقَ الْمَدَى دُونَ مَا عَمَلِ
إِلَيْكَ دُعَائِي حِينَ ضَاقَتْ سُبُلُنَا
وَأَنْتَ الرَّجَاءُ فِي الْعَطَاءِ بِلَا كَلَلِ
فَهَبْنِي سَكِينَةً فِي دُرُوبِي وَحَبَّةً
تَظَلُّ شَفِيعِي فِي الرَّجَاءِ وَفِي الْبَدَلِ
هُنَا عَلَّقْتُ الْحَرْفَ عِشْقًا وَمُهْجَةً
وَقُلْتُ سَلَامًا لِلْهَوَى فِي مَدَى الْأَجَلِ
فَيَا قَارِئَ الْأَشْعَارِ خُذْ عَنْ مَحَبَّتِي
وَصُغْهَا كَعِطْرٍ فِي الرُّبُوعِ بِلَا كَسَلِ
فَمَا الْحُبُّ إِلَّا مَا نَسَجْنَاهُ وَاحَةً
إِذَا مَا احْتَوَانَا كَانَ زَادًا عَلَى الزَّجَلِ
663
قصيدة