عدد الابيات : 30
يَا سَائِلَ الرُّوحِ عَنْ مَأْوَى النُّبُوَّةِ مَنْ
يُرْوَى بِذِكْرِ مُحَمَّدٍ صَافِي الدِّيَمُ
هَذَا الْحَبِيبُ الَّذِي لِلْعَرْشِ مُرْتَقِيًا
سِرُّ الْإِلَهِ، وَبَابُ الرَّحْمَةِ الْعَظَمُ
مُحَمَّدٌ طَاهِرٌ، بَاقٍ مَكَارِمُهُ
لَا الشَّمْسُ تَحْجُبُهُ، لَا الظُّلْمَةُ تَلْتَثِمُ
نَبْضُ الْحَنَايَا، وَبَسْمَاتُ الْهُدَى قَمَرٌ
تُرْجَى الشَّفَاعَةُ مِنْهُ حِينَ تَحْتَدِمُ
مَا أَطْهَرَ الْكَفَّ إِذْ مَسَّتْ رُؤُوسَ وُدًى
تَرْفَعُ الْقَوْمَ حَتَّى السَّحْبَ تَبْتَسِمُ
لَوْ كَانَ يُدْرِكُ أَهْلُ الشِّعْرِ قَدْرَتَهُ
لَفَاضَتِ الْأَلْسُنُ الدُّرِّيَّةُ وَالْكَلِمُ
مَنْ ذَا يُجَارِيهِ فِي التَّقْوَى وَمَحَبَّتِهِ؟
وَالْحُبُّ فِيهِ كَأَنْوَارِ السَّمَا تَحِمُ
إِذَا تَكَلَّمَ، أَفْنَتْ كُلَّ بَلَاغَتِهِ
شُهْبُ الْفَصَاحَةِ، وَاسْتَحْيَا بِهِ الْحِكَمُ
قَامَتْ عَلَى مَدْحِهِ الدُّنْيَا مُنَادِيَةً
لَا كَالْمَلَائِكِ مَنْ فِي عَشْقِهِ خَدَمُوا
يَا سَيِّدَ الْكَوْنِ، يَا شَمْسًا بِمَطْلَعِهَا
تَفْنَى الظُّلُومُ وَيَحْيَا قَلْبُ مَنْ سَئِمُوا
لَوْلَاكَ مَا شُرِعَتْ أَرْكَانُ رَاحَتِنَا
وَلَا انْجَلَتْ غُمَّةٌ، وَلَا انْتَهَى الْعَدَمُ
مُحَمَّدٌ، كُلُّ نَفْسٍ فِي هَوَاهُ غَدَتْ
نَجْمًا يُضِيءُ لِعَيْنِ الْحُبِّ تَحْتَشِمُ
أَقْسَمْتُ بِالْعَرْشِ، لَا شِعْرٌ وَلَا قَصْدٌ
يَفْنَى بَصِيرَتَهُ، أَوْ قَلْبُ مَنْ عَلِمُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ، وَزِيدُوا مِنْ مَحَبَّتِهِ
يَشْفِي الْجَرِيحَ، وَيَحْمِي الْكَوْنَ إِذْ حُكِمُوا
وَفِي الْقِيَامَةِ إِذْ تَرْتَجُّ أَرْضُهُمُ
يَقُومُ نُورُ الْهُدَى، يَشْفِي وَيَبْتَسِمُ
إِذَا جَثَا الْخَلْقُ فِي ذُلٍّ، وَفِي خَوْفٍ
يَشْفَعْ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ فِي الْكَرَمُ
قَدْ جَاءَ بِالنُّورِ يَهْدِي كُلَّ مُعْتَرِكٍ
مِنَ الظَّلَامِ إِلَى سُبْحَانَ ذِي النِّعَمُ
حُبُّ الرَّسُولِ شِفَاءٌ لِلْقُلُوبِ إِذَا
ضَاقَتْ بِهَا الدُّنْيَا، أَوْ أَظْلَمَتْ حُلُمُ
مَنْ ذَا يُقَارِبُ فِي الْإِحْسَانِ سِيرَتَهُ؟
وَمَنْ يُضَاهِيهِ فِي الْإِخْلَاصِ وَالْقِيَمُ؟
يَا شَافِعَ الْخَلْقِ، يَا نُورَ السَّمَاءِ إِذَا
طَاشَتْ عُقُولُ الْوَرَى، وَاسْتَحْكَمَ الْأَلَمُ
إِنِّي أَرَى كُلَّ شَيْءٍ فِي جَمَالَتِهِ
مِنْ فَضْلِ رَبِّكَ، وَالتَّوْفِيقِ لِلْأُمَمُ
صَلُّوا عَلَيْهِ كَثِيرًا كَيْ تَنَالَكُمُ
رَحْمَاتُ رَبِّكُمُ الْبَاقِيَةُ الْخِتَمُ
فِي ذِكْرِهِ خَيْرُ دُنْيَا النَّاسِ قَاطِبَةً
وَفِي هُدَاهُ سَبِيلُ الْحَقِّ لِلشِّيَمُ
مَا خَابَ مَنْ كَانَ بِالْإِخْلَاصِ مُرْتَسِمًا
عَلَى هُدَاهُ، وَصَارَ الْحَقُّ يَحْتَكِمُ
يَا رَبِّ صَلِّ عَلَى طُهْرِ الْقُلُوبِ، وَمَنْ
جَاءَتْ بِنُورِ الْهُدَى الدُّنْيَا، وَفِي عَظَمُ
وَفِي الْخُلُودِ، حَدِيثُ الْحُبِّ مَسْمَعُهُ
كَالشَّهْدِ يَسْبِقُ فِي الْأَرْوَاحِ وَالنَّسَمُ
مُحَمَّدٌ نُورُ عَيْنِ الْكَوْنِ أَجْمَعِهِ
وَلَا سِوَاهُ لِفَيْضِ الْحَقِّ مُلْتَزِمُ
مَا أَطْهَرَ النَّفْسَ إِذْ تَهْوَى مَحَبَّتَهُ
وَكَيْفَ لَا؟ وَهْوَ فِي الْعُلْيَا لَهُ عَلَمُ
إِنْ سَاءَكُمْ ظُلْمُ دَهْرٍ أَوْ مُنَازِعَةٌ
فَاذْكُرْ مُحَمَّدَ، يَنْجَلِّي كُلُّ مَنْ ظَلَمُوا
يَا خَيْرَ خَلْقِ إِلَهِ الْعَرْشِ، مَنْزِلُهُ
بَيْتُ السَّعَادَةِ، فِيهِ الْحُبُّ يَبْتَسِمُ
663
قصيدة